الملك: قوة اسرائيل العسكرية لن تحقق لها الأمن

mainThumb

29-02-2008 12:00 AM

السوسنة- اكد جلالة الملك عبدالله الثاني..أن قوة إسرائيل العسكرية واحتلالها للأراضي الفلسطينية لن تحقق لها الأمن، مثلما لن تؤمن لها الجدران العازلة أيضا الأمن والسلام،مبينا أن الأمن الحقيقي لإسرائيل سيتحقق عندما تعمل مع جيرانها لتحقيق الأهداف المشتركه. وقال جلالته في خطاب ألقاه في كلية وودرو ولسن للشؤون العامة والدولية في جامعة برنستون في ولاية نيوجيرسي اليوم..ان ستين عاما من قيام إسرائيل لم تجلب القبول والاعتراف بها في محيطها ..وأن الفرصة الوحيدة لها للحصول على الاعتراف والقبول من ثلث دول العالم هو قبول المبادرة العربية للسلام وإنهاء الاحتلال.

يذكر أن جلالة الملك عبدالله الثاني يقوم حاليا بزيارة إلى الولايات المتحدة يلتقي خلالها بالرئيس الأمريكي جورج بوش وعدد من قيادات الكونغرس. وحذر جلالته من أن إضاعة الفرصة المتاحة حاليا لتحقيق السلام ستعرض السلام لنكسة ربما تمتد عقوداً، مما سيقوي المتطرفين ويضعف قوى الاعتدال والتغيير الإيجابي. وأضاف جلالته في الخطاب الذي حضره رئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور باسم عوض الله وسفير الأردن في واشنطن سمو الأمير زيد بن رعد وممثل الأردن الدائم لدى الأمم المتحدة محمد العلاف..أن الانقسام لن يقف عند حد بل ربما يتعمق إلى مرحلة أكبر تصل نتائجها إلى العالم جميعا. وعبر جلالته عن خشيته من أن إضاعة فرصة السلام وإعادة الحقوق

الفلسطينية إلى أصحابها سيجعل قرار تحديد الأجندات السياسية والاجتماعية في المنطقة في يد الأيديولوجيات الراديكالية المتطرفة، وستبعد المنطقة عن سعيها لإيجاد فرص العمل للشباب في المنطقة حيث يحتاج العالم العربي في العام 2020 إلى 200 مليون وظيفه. ودعا جلالته إلى إيجاد شراكة إستراتيجية عربية-أمريكية قوية لتحقيق توقعات الجيل الجديد في فرص العمل وتحسين الخدمات العامة والتعليم.

وطالب جلالة الملك الولايات المتحدة أن تعمل على تحقيق السلام لأنها

الوحيدة التي تمثل مرجعية قوية يمكن أن تعمل بسرعة لضمان التوصل إلى السلام.

وفيما يلي النص الكامل لخطاب جلالته..

بسم الله الرحمن الرحيم،

إن سبعاً وخمسين دولة ليس بينها وبين إسرائيل سلام اليوم.

سبعاً وخمسين دولة من أصل مائة وثلاث وتسعين دولة في العالم.

سبعاً وخمسين دولة يزيد مجموع سكانها على سكان أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية مجتمعين.

سبعاً وخمسين دولة تمثل ثلث أعضاء الأمم المتحده.

سبعاً وخمسين دولة تعتبر النزاع في فلسطين القضية الأبرز بالنسبة لمواطنيها.

ولهذا فعلينا أن نوجّه السؤال الهام التالي..ما الذي يعنيه الأمر بالنسبة للاستقرار العالمي إذا ما استمر هذا الوضع؟.

واليوم، أقول لكم، بكل ثقة، إن هذا الأمر يجب ألا يستمر، وأن عام 2008 هو عام حاسم لنا جميعا.

فنحن في هذه اللحظة نجد أنفسنا في أفضل وضع ممكن للتوصل إلى حلٍّ لستين عاماً من النزاع بين إسرائيل وفلسطين.

فقد التزمت الدول العربية والإسلامية بالإجماع بمبادرة سلام لا سابق لها، وأمامنا فرصة للوصول إلى إجابة شافية لثلث سكان العالم الذي لا يعيش بسلام مع إسرائيل، والذي يطالب بالحرية والكرامة للشعب الفلسطيني.

ولكن الوقت ينفذ، وعليه فنحن بحاجة إلى أن نرى الولايات المتحدة الأمريكية وهي تشارك بصورة تامة للتأثير في سير المباحثات، ومُراقبةِ مدى التقدم، والمساعدةِ على ج?Zسْر الهوّة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لضمان تحقيق اتفاقية نهائية بحلول نهاية عام 2008.

من الصعب أن نبالغ في الحديث عن مقدار المخاطر، سواء بالنسبة للأمريكيين، أو للعرب، أو للإسرائيليين، وفي الواقع للعالم كلّه.

ولكنني لست هنا اليوم للحديث فقط عن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، بل لأتحدث إليكم، وأنتم النخبة من أهل العلم في كلية وودرو ويلسون للشؤون العامة والعالمية عن الأهمية البالغة للمشاركة الأمريكية الإستراتيجية في تنمية الشرق الأوسط.

وأنا هنا أيضا لأوضح..أن مثل هذا الالتزام يشكّل فرصة هامة لقلب المشهد الاستراتيجي للشرق الأوسط لسنوات عدة قادمة.

وأنا هنا لأتحدّث عما يجب،.. وأكرر كلمة يجب..، أن يحدث، إذا ما أردنا لعالمنا أنْ يعيش بأمان.

إنني على يقين..أن التفاؤل ليس بالأمر السهل المنال في العالم الأكاديمي.. ولكنني على دراية تامة بالتفكير المُبدع الذي يستشرف المستقبل والذي يتحلّى به النخبة من أهل العلم.

واليوم، أتوجه إليكم كي تمعنوا تفكيركم المُبْدع للنظر في إستراتيجية قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى لبقاء منطقة الشرق الأوسط مستقرةً ومزدهرةً، وأن ينعم?Z جميع سكان العالم بالأمن والأمان.

إن المشاركة الأمريكية تشكل عاملا أساسيا للنجاح بالنسبة لهذه الإستراتيجية..فنحن بحاجة إلى مرجعية قوية يمكنها أن تعمل وبسرعة.. وعلينا أن نعمل الآن لأن الوقت ينفذ..كما أن الحصار المستمر للفلسطينيين في غزة يخلق كل يوم تطرفاً أكبر بين الفلسطينيين، ويمهّد لدخول لاعبين آخرين إلى المنطقة للتصرّف نيابة عن الشعب الفلسطيني.

فقد أتاح طول مدة النزاع المجال لطموحات وتأثيرات وقوى جديدة أن تظهر..وهذا الأمر جلي بوضوح في الفتنة الطائفية المسلحة في العراق، وفي الهجمات المتوالية على سيادة لبنان، وفي استعراضات وإسقاطات القوة التي يقوم بها اللاعبون، سواء أكانوا دولاً أم غير ذلك.

وهناك العديد من التهديدات الخطرة الأخرى..فالأمن والفرص المتاحة للشباب والتنمية الاقتصادية وشحّ الموارد والنزاعات المزمنة والتحديات المؤسسية وانتشار الأسلحة النووية ليست إلا بعض الأمثلة على ما نواجهه.

وهنا أقول..أنكم مثال متميّز للشبّان الموهوبين الطموحين في أمريكا، وعليه فنحن نعي بدرجة كبيرة الحاجات المُلّحة لشبابنا الذين يشكلّون 70 بالمائة من سكان منطقتي..وهي أكبر جماعة شبابية في التاريخ..وكما هو الحال مع الشباب الأمريكي، فقد حظي شبابنا، من خلال الاتصالات بواسطة الإنترنت، برؤية لا سابق لها للعالم..ومع ذلك، فهم يرون في منطقتهم رسائل متطرفة تؤجج

الكراهية والانعزالية..ويشهدون كذلك قلة الفرص المتاحة ومستقبلاً مجهول المصير..ولكنهم يرون أيضاً الازدهار والحرية اللذين تستطيع الدول والمناطق التي تنعُمُ بالسلام أن توفرهما.

ولهذا، فعلينا أن نلبّي توقعات هذا الجيل الأصغر سناً حيث يتوقع أن نحتاج إلى 200 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2020 في المنطقة التي أنتمي أليها..وخلق هذه الفرص يتطلّب الاستثمار والشراكات لتطوير بُنى تحتية جديدة، وتوفير احتياجات الطاقة والمياه، وتحسين الخدمات العامة، والتعليم..ولا بدّ?Z من إيجاد شراكة إستراتيجية عربية أمريكية قوية لتحقيق هذا الأمر.

ولكن علينا اليوم يا أصدقائي أن نفكر مليا في الأمر، وأنا أضع أمامكم بعض الأسئلة لتتأملوا فيها..

هل ستغرق منطقتي في المزيد من الفوضى والعنف، ويحكُمُ فيها التطرّف؟..أم هل ستغدو منطقة تنعُمُ بالسلام والتنميه؟.

هل ستكون منطقة تركّز على الأيديولوجيات المتطرفة المتنازعة التي تؤجج نارها العزفُ على أوتار الفتنة الطائفية؟ أم هل ستكون منطقة تجني مزايا وفوائد العولمة والشراكات العالمية القويه؟.

هل ستكون منطقة ترفض التحالفات الغربية، ربما بصورة عنيفة، لأن هذه التحالفات غدت صعبة المنال؟ أم هل ستكون منطقة تشكّل شريكاً عالمياً مع الغرب في التقدّم والازدهار؟.

إن الخيار عائد لنا، ولكن علينا أن نعمل فالوقت ينفذ بسرعه..فهذا المزيج الخطر، الذي يجمع ما بين التكنولوجيا الجديدة والإرهاب والنتائج القاسية للتخلّف الاقتصادي، يستمر في تأجيج نار قد تؤدي إلى حلول كارثة على الأرض.

لذا، فعلينا أن نعمل في هذا العام إذا ما أردنا أن نحقق أول تقدّم هام نحو إيجاد منطقة شرق أوسطية قويه.

فقبل عام مضى، وأمام الكونجرس في الولايات المتحدة الأمريكية، قمت بحثّ أمريكا على أن تأخذ على نفسها التزاماً كاملاً بقيادة المسيرة إلى الأمام..وقلت يومها ما أكرره اليوم هنا..وهو أن مصدر الانقسام العالمي والاستياء والإحباط في منطقتنا وما وراءها هو إنكار العدالة والسلام في فلسطين. وبداية الشراكة الإستراتيجية الطويلة المدى بين العالم العربي والولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تنطلق من حل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.

إن أمريكا هي القوة العالمية الوحيدة القادرة على ضمان بقاء الطرفين على المسار وضمن المهلة المحددة في مفاوضاتهما الحالية..كما تتمتع أمريكا بمركز فريد يمكّنها من حشد التأييد العالمي لعملية صنع السلام.

وهنا أؤكد..أن حل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي سيكون أساسياً إذا ما أردنا أن نتصدّى للتحديات الإقليمية الخطيرة الأخرى.

لكن الوقت ينفذ بسرعة..وهذا العام يقدم فرصة لا سابق لها للتوصل إلى تسوية شاملة بين إسرائيل وجميع جيرانها.

إنني على يقين..أن هناك في إسرائيل من يعارض أي تحرّك نحو حل النزاع..وهناك سياسيون لا يريدون تحقيق السلام مع الفلسطينيين، كما أنهم يرفضون حل الدولتين..وأنا أخالفهم الرأي..فأمن إسرائيل لا يمكن أن يعتمد إلى ما لا نهاية على الاحتلال والجدران والقوة العسكرية..إن الأمن الحقيقي لإسرائيل سيتحقق عندما تغدو جاراً تعيش بين الجيران، واقتصاداً بين اقتصاديات، وشعباً بين شعوب، تعمل معاً لتحقيق الأهداف المشتركة وإيجاد المستقبل المشرق.

وفي أمريكا، هناك أيضا من يعارض أيّ انخراط إضافي..وهناك م?Zن يقول إن ما يجري في المنطقة لا شأن لأمريكا به..وأنا أخالفهم الرأي..حيث يعلم الجميع أن أهم الإنجازات التي تحققت في تاريخ صنع السلام في الشرق الأوسط، تمّت عندما تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية ودفعت بمفاوضات السلام قُدماً حتى أوصلتها إلى غايتها.

وهنا لا بد التأكيد على أن أيّ نصر يحققه أعداء السلام والحرية والاستقرار والاعتدال لا يمكن أن يُعدّ خياراً..وإذا ما فوتنا الفرص المتاحة اليوم، فسيتعرض السلام لنكسة ربما تمتد عقوداً. وسيستمر المتطرفون في العمل..وس?Zيلْحقُ الض?Zعفُ بقوى الاعتدال والتغيير الإيجابي..ولن يقف الانقسام عند حدوده بل ربما يتعمق إلى مرحلةٍ أكبر..وقد تتزايد عملية التشكيك في مدى فاعلية الغرب والتزامه..وهذه الأمور جميعا سيكون لها نتائجها لا على منطقتي فحسب، ولكن على العالم أيضاً.

اصدقائي ان الفُرقة والشِقاق والكراهية قد جرفت معها التفاهم والتوافق..وقد غدت سلاحاً بأيدي أعداء الإنسانية ممن هاجموا مركز التجارة العالمية، وأولئك الذين سيعملون على شقّ أوروبا المتعددة الثقافات، والذين يسعون الآن لتمزيق منطقتي إر?Zباً.

وإذا ما أخفقنا في اتخاذ الخطوات الضرورية لحل المشكلة المحورية الأساسية في المنطقة، فسيكون من الصعب جداً على دول الشرق الأوسط أن تعمل بشراكةٍ مع أمريكا في المستقبل..وأخشى أن يغدو قرار تحديد الأجندات السياسية والاجتماعية في العديد من دولنا في يد الأيديولوجيات الراديكالية المتطرفة..وستبتعد المنطقة أكثر عن رؤيتنا للاعتدال والازدهار والسلام..وستتحرك بدرجة أكبر بعيداً عن المباديء المشتركة المتمثلة في الاحترام المتبادل والشراكة وهي المباديء التي نريد أن نؤسس عليها علاقاتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.

ففي كل يوم يترعرع طفل آخر في منطقتي والإحباط والكراهية في عينيه..وفي كل يوم ينمو طفل آخر ونفسه تغلو بالمشاعر العدائية لأنه لم يعرف غيرها..وفي كل يوم يفقد الشبّان الأمل لأنهم لا يستطيعون الحصول على وظائف ولا يتمكنون من تلمّس الفرص.

أيها النخبة من أهل العلم في جامعة برنستون..

إنني أعي بصورة خاصة، وأنا أتحدث هنا اليوم، دور أهل العلم والطلاّب في إحداث التقدّم..فحيثما يرى الآخرون مشكلات غير قابلة للحل، ترون أنتم الطرق التي يمكن لها أن تؤدي إلى إجابات شافية وعمل ناجح..وهذه هي تقاليد أهل العلم الذي تشك?Zلون أنتم جزءاً منه.

وأطلب إليكم اليوم أن تسخّروا تقاليد أهل العلم لمجابهة التحدّيات التي ما زالت أمامنا، وأن تنضموا إليّ في التفكير في الواقع الذي يمكن لبلدينا معاً أن يخلقاه..

•نهايةً لستين عاماً من النزاع، والعنف، والاحتلال.

•ووطناً للفلسطينيين، يقدّم لهم الأمل والاحترام، ويؤمّن لهم المستقبل.

•والأمن?Z والقبول?Z لإسرائيل، في محيط جيرانها، وفي أرجاء العالم.

•ومنطقةً استراتيجية قادرة على أن تتطلع إلى المستقبل مع استقرار السلام وترسيخ قواعده.

•وشراكةً جديدة بين بلدكم والشعوب العربية والإسلامية، تعمل على تحويل المشهد الاستراتيجي، وخلق آفاق جديدة للتقدّم والسلام.

إنه لشرف لي أن أتحدث إليكم جميعاً اليوم، وأن أعرب عن شكري للرئيسة تيلمان، على ترحيبها الحارّ بي.

وأودّ أن أختم حديثي بالاقتباس من حكمة الأمريكي العظيم الذي تحمل هذه الكلية اسمه.

فقد قال وودرو ويلسون.."إن الصداقة هي الرباط الوحيد المقدر له أن يجمع العالم معا..فما يجب

أن نتطلع إليه هو تجمع القوى لا توازنها،.. هو السلام المنظم لا العداوات والصراعات المنظمة."

وهذا هو التحدّي، وهذه هي الفرصة، ولا بدّ?Z لنا من أن نحقق النجاح.

وأشكركم شكراً جزيلاً.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد