الموتُ مُوْلَعٌ بالطَّيِّبِيْن !
لقد بَهَرني رثاءُ الشَّمَرْدلِ بن شريك اليربوعي لأخيه وائل ، جمالُها ، وصدقُها ، وعُذُوبَةُ ألفاظِها حتَّى قافيتُها هي مِسْكُ الختام !
وهو شاعرٌ اسلامي لا يعرفُهُ كثيرٌ من شُدَاةِ الأدب العربي ، إلا أنَّهُ أثْبَتَ شاعِرِيَّتَهُ ، ورسمَ عبقريَّتَهُ في هذه المَرْثاةِ ، وقد قال أبو عبيدة عنها :
( وقال يرثي أخاه وائلاً ، وهي من مختار المراثي ، وجيِّدِ شعرِهِ ) .
والعربُ تقول : المراثي أصدقُ الأشعار ؛ لأنهم يقولونها وأكبادُهم تحترقُ ؛ فتخرجُ صادقةً ، جُبِلَتْ بدمِ القلب قبل دمعِ المآقي !
فلذلكَ عَدُّوا البدءَ بالمقدِّمة الطَّلَليَّة في المراثي من الجفاء ، فلا تكادُ تجدُ شاعرا الا واجتنبَ المقدِّمة الطلليَّة في مَرْثاتِهِ إلا ما فعلهُ الواحد او الاثنان فقط ، وقد لِيْمَا على ذلك !
ومطلعُها :
لَعَمْرُكَ لَئِنْ غالَتْ أَخي دارُ فُرْقَةٍ
......وَآبَ إلينا سَيْفُهُ ، ورواحِلُهْ
ثم أخذ في وصف أخيه ، وذِكْرِ نعوتِه الرائعة ومنها إكرام الضيف في الشتاء وهو زمن اظهار الكرم والجود ؛ لِقِلَّة الزاد وجفاف الضِّرْعِ ، فلا يجودُ الا كريمٌ ، وذَكَرَ شجاعتَهُ وبسالتَه في الحرب ...
وهو على ذِكْرٍ لأخيه وائل كلما هبَّتْ ريحُ الجنوب ؛ لأنَّ أخاه مقبورٌ في منطقة بيشة جنوب مكة المكرمة ، وايضا تُذَكِّرُهُ أخاه حمامةٌ هتَّافةٌ فوق الغصون :
يُذَكِّرُني هَيْفُ الجنوبِ ، ومنتهى
..... مَسِيْرِ الصَّبَا رَمْسَاً عليه جَنَادِلُهْ
وهَتَّافَةٌ فوقَ الغُصُونِ تَفَجَّعَتْ
..... لِفَقْدِ حَمَامٍ أفردَتْها حبائِلُهْ .
مِنَ الوُرْقِ بالأصيافِ نَوَّاحَةَ الضُّحى
..... إذا الغرقدُ التَفَّتْ عليهِ غَيَاطِلُهْ .
وتلْمَسُ في هذه الكلمات : ( يُذَكِّرُني ) ، و ( الصَّبَا ) ، و ( هَتَّافةٌ ) ، و ( تَفَجَّعَتْ ) ، ( نَوَّاحة ) ، و ( الضُّحى ) ، و ( التَفَّتْ ) الانقباضَ والمعاناة التي تُشْعِرُكَ بها الشَدَّة التي جَثَمَتْ على هذه الاسماء والأفعال في موطن الذِّكْرى !
وايضا التركيز على ما يَدُلُّ على الحرارة والحرقة من ذكر كلمة ( هَيْف ) ، و ( الأصياف ) ، و ( الضُّحى ) لأن هذا هو حقيقةُ جَوْفِه بعد فراق أخيه وائل .
وعند ذِكْرِ شجاعةِ أخيه ونُصْرَتِه لأفراد قبيلتِه نساءً ورجالاً ، رَسَمَ صورةً لِفَضاعَةِ وهول الأمر الذي لا يَثْبُتُ ولا يقومُ به الا الابطالُ ، وَبُهَمُ المعامعِ :
وَسَوْرَةُ أيدي القومِ إذ حُلَّتْ الحُبَا
..... حُبَا الشِّيْبِ ، واستعوى أخا الحلمِ جاهِلُهْ
وإذا استعبرتْ عُوْذُ النساءِ ، وَشَمَّرَتْ
...... مَآزِرَ يومٍ ما تُوارى خلاخِلُهْ .
فعند نزول الأمر وهولِهِ ، الذي يدفعُ اهلَ الحِلْمِ أن يخرجوا عن حِلْمِهم ، وذلك بِحَلِّ ( الحَبْوَة ) وهي رَمزُ الوقار والسكينة ، لأنه لا يفعل الحبوة الا هادٍ بعيدٌ عن الطيش ، وهو فِعْلُ كبار السن الشِّيْبان ، وهم أبعدُ الناس عن العجلة والتَّسَرُّعِ بسبب التجارب إلا أن هول الأمر جعلهم يَحُلُّون حُباهم ، فلا سكوتَ ولا وقار في هذا الأمر الفضيع .
والحبوة جاءت فيها الأمثال العربية ، منها :
( الاحتباءُ حيطانُ العرب ) ، أي : يعتمدون عليها ، ويستندون اليها ، لأنهم في الغالب لا يعرفون بيوت الحجر، فيضعون ظهورَهم اليها ، ويكتفون بالحبوة للراحة ، واستنادِ الظهر ، وهي لا تزال موجودة بين العرب اما يحتبون بحبلٍ او بضمِّ ايديهم الى سيقانهم ....
وقد حَرَّشَ الجاهلُ الحليمَ ( استعوى ) من العِواء وهو للذئب خاصة ، فأصبحوا سواسيةً في ركوب الأمر وخوضه ، في هذا الموقف العصيب الذي يستهوي الحليمَ قبل الجاهل تجد أخي وائلاً مدافعا بطلاً هصورا في وجه أقرانه وأندادِه .
ثم يصفُ لنا الشمردل هذا الأمر وفضاعَتَهُ بأن تبكي منه المرأة العائذ وهي التي وضعت طفلا ومضى عليه سبعة أيام ، فطفلُها يعوذُ بها ، فتخرج باكيةً ، هاربةً مشمِّرَةً مِئزَرَها ، باديا خِلْخالُها الذي في رجلها ، وهذا غاية الهول والأمر الجلل .
فوائل أخي يَسُدُّ في هذا الهول ، ويُرْجِعُ الشيءَ الى مكانه من غير خوف أو تردد ؛ كلُّ ذلك لِبَسالَتِه وقوتِه .
ثم ينتهي شاعرُنا الشَّمَرْدل الى قوله :
لَعَمْرُكَ إنَّ الموتَ مِنَّا لَمُوْلَعٌ
..... بِمَنْ كانَ يُرْجى نَفْعُهُ ونوافِلُهْ .
وهذا ما تقولُهُ العامة : ( أعمارُ الطَّيِّبين قصيرةٌ ) ، فالموتُ ينتقيهم من بين أوساط البشر ، ويرحلُ بهم دونَ استئذان !
ارتفاع أسعار الذهب 70 قرشا في التسعيرة الثانية
إسرائيل ترفض مقترح وقف إطلاق النار لخمس سنوات
شركة البوتاس العربية تعزز وجودها الاستراتيجي في أوروبا
71 شهيدا في قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية
المؤسسة العسكرية والضمان الاجتماعي يجددان مذكرة حيّاك
نتنياهو يرفض وقف إطلاق النار مقابل إطلاق الأسرى
برنامج الأغذية العالمي يخفض موظفيه بسبب نقص التمويل
Bow Miner: A Potential Scam Operation - Buyer Beware
مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي بمرحلة الحوار
إصدار جدول مباريات الدور نصف النهائي من كأس الأردن CFI
الأونروا ترحب بمرافعات العدل الدولية حول فلسطين
رئيس مجلس الأعيان يلقي كلمة في مؤتمر التعاون بين دول الجنوب
هبوط طائرة عسكرية صينية في صعيد مصر يثير مخاوف إسرائيل
التدريب المهني ينظم برنامجا تدريبيا لوفد عماني في التكييف والتبريد
جلسة حاسمة قريباً قد تطيح بــ 4 رؤساء جامعات
مصادر حكومية: الأردن أكبر من الرد على بيانات فصائل فلسطينية
خبر سار لأصحاب المركبات الكهربائية في الأردن
الأردن .. حالة الطقس من الخميس إلى الأحد
توضيح مهم بشأن تطبيق العقوبات البديلة للمحكومين
الليمون يسجل أعلى سعر بالسوق المركزي اليوم
رسائل احتيالية .. تحذير هام للأردنيين من أمانة عمان
الخط الحجازي الأردني يطلق أولى رحلاته السياحية إلى رحاب
مصدر أمني:ما يتم تداوله غير صحيح
أول رد من حماس على الشتائم التي وجهها عباس للحركة
رفع إنتاجية غاز الريشة إلى 418 مليون قدم يوميا
تصريح مهم حول إسطوانة الغاز البلاستيكية
أسعار غرام الذهب في الأردن الخميس