فيصل الفايز .. يخلو من اللون الأصفر

mainThumb

07-04-2015 08:58 AM

 نادرا ما تجد هذه الأيام شخصية اردنية جامعة، لا يختلف الناس عليها وتحظى بالاحترام والتقدير. ونادرا ما تجد شخصية اردنية تتميز بسعة الصدر والتحمل وحب الأردن والاردنيين وحب الناس، وممارسة سياسة الاحتواء ونبذ سياسة الاقصاء، وانزاله الناس منازلهم، وبعده عن المؤامرات والدهاليز المظلمة التي توقع بالناس.

   ونادرا (والنادر لا يقاس عليه) ما تجد شخصية اردنية نجح في عمله ولم يغلق بابه امام الاطياف السياسية والاجتماعية الأردنية على كثرتها وائتلافها واختلافها، ولا شك ان دولة الشيخ فيصل الفايز واحد من هذه الشخصيات الأردنية الجامعة وما اقلهم، وهو الأقرب الى هذه الصفات الأردنية المطلوبة، وبخاصة في هذه المرحلة العصيبة التي انتهت فيها صلاحيات كل من جرب حظه العاثر بنا، الا السيد فيصل الذي يبقى الخيار المفضل لدى الأردنيين، والذي لم يدون في سجله أي إيذاء للناس والمعارضة الوطنية .


وهنا اعترف للتاريخ ,  انه وفي قمة رعب المسؤولين جميعا مني وهروبهم من مقابلتي او حتى اجابتي على الهاتف، كمعارض وطني اردني يعرف الأردنيون فكري جيدا , فان دولة الأخ فيصل  كان يستقبلني ويتحدث الي ويحاورني وهو مختلف معي تماما في فكري السياسي , لكنه لا يختلف معي عن دوري الوطني المهم, وبخاصة  في كتابة تاريخ الأردن، وهو يتحدث معي بصراحة مثلما هو حديثي معه صريحا، فما زحزح أي منا الاخر عن موقفه .

      فيصل الفايز هذا الرجل المهذب المتواضع الخجول، المديون ، وانما بقي ولا زال يبيع ما ورثه من ارض لتأمين حياته الكريمة له ولأولاده، وهو لا يتوانى ان يضحي من اجل الأردن وما يؤمن به سياسيا.

     فيصل رجل لا تفارق الابتسامة محياه الذي يخلو من اللون الأصفر، ولا يعرف الخبث والكذب والمسكنة الخادعة اليه سبيلا، ولم أجرب عليه كذبا ولم يدعي يوما قدرته على فعل شيء لا يستطيعه، ولم اجده محابيا لأهله واقاربه في منصب او وظيفة، على حساب أصحاب الكفاءات من غير اقاربه، ويؤمن بالمؤهلات، وبالتواصل مع الناس وبتواضع جم. ولا يعرف الحقد واللؤم والانتقام الى قلبه طريقا، الى درجة انه لا يعاتب شخصا على أي موقف ينال به من شخص فيصل ويقول انت حر برأيك، لأنه كبير، والكبير لا يهزه الهرير.

    يذكرني دولة السيد فيصل الفايز  في مواقفه الراقية  المتسامحة ما حضرته من موقف لوالده المرحوم الشيخ عاكف باشا الفايز , وكنت حاضرا شخصيا لذلك الموقف ذات يوم من عام 1990 في مكتبه بعمان ,  عندما دخل عليه المرحوم الشيخ عكاش باشا الزبن غاضبا ( كالأسد) ووجه كلاما قاسيا جدا للشيخ عاكف شيخ مشايخ بني صخر ,  وكلاما اكثر قساوة  للمخابرات انهم استوقفوه في المطار  لدى عودته من السعودية  واستجوبوه بسبب مواقفه السياسة من حرب الخليج آنذاك , الامر الذي اغضب عكاش باشا فجاء مباشرة الى مكتب  معالي عاكف باشا (أبو فيصل ) ، كان كلام عكاش باشا الى الشيخ عاكف من  أقسى ما سمعت , ومع هذا بقي عاكف يدخن على سيجارته بهدوء يفوق برودة القطب المتجمد الشمالي  ولم تهتز له شعرة , ولم ينبس ببنت شفة .

وعندما أكمل المرحوم عكاش انتقاده القاسي لعاكف والمخابرات، قال له أجبني يا عاكف (قالها بدون القاب). فقال عاكف رحمهم الله جميعا. انا لم اسمع شيئا، لأجيب عليه، قالها بلهجة بني صخر، فاستشاط عكاش غضبا ووجه سيلا جديدا من الكلمات القاسية وانا مذهول مما اسمع من عكاش باشا ومما أرى من هدوء عاكف باشا، ثم كرر عكاش باشا سؤاله انه يريد جوابا من عاكف باشا، الذي كرر انه لم يسمع شيئا وزاد عاكف ان نظر الي وسألني، وقال: انت يا دكتور عويدي هل سمعت شيئا، فقلت (وقد فهمت كل شيء) لم اسمع شيئا، فقال عاكف: اللي ما له شاهد كذاب. انت لم تقل شيئا لكي أرد عليك، والعويدي لم يسمع شيئا .

    وهنا كانت المفاجأة اذ أطبق عكاش باشا على عاكف يحضنه ويقبله، ورحنا نبكي ثلاثتنا، وقال عكاش باشا فعلا انت اميرنا وشيخنا وانت والدنا يا ابو فيصل اللي تحملت كلامي القاسي عليك وما كان من عاكف الا وأصر انه لم يسمع شيئا واستشهد بي فأكدت انني لم اسمع شيئا.

      وهنا قال عكاش باشا: سامحني يا باشا. فقال عاكف إذا اردتني اسامحك ان تتغدى عندي اليوم من غدا البيت فوافق عكاش باشا ودعاني عاكف باشا فاعتذرت وقلت: كلاكما كبير وأنتم امراء أبناء امراء، لقد تعلمت درسا لا يتحمله الا الكبار انكم كبار كابرا عن كابر وانا اتعلم منكم. ثم اتصل عاكف باشا مع مدير المخابرات في حينه وعاتبه على ما فعلته كوادر الدائرة بالمطار ضد عكاش باشا، فما كان من مدير المخابرات الا واعتذر لمعالي الشيخ عاكف الذي حول الهاتف الى عكاش باشا واعتذر له مدير المخابرات ووعد بمحاسبة المسيء من مرتباته .

    هذه الاخلاق التي يتحلى بها عاكف ومن قبله والده الشيخ مثقال ومن قبله والده الشيخ سطام سلطان البر والصحراء ومن قبلهم فندي الفايز أبو الجميع، انها صفات كبيرة لا يحملها الصغار وان حصلوا على اعلى الألقاب التي يمكن لأردني ان يحملها , ولكن يحملها بالوراثة والجينات دولة الأخ فيصل الفايز، فلا يتوهم الجهلاء والرقعاء والطارئون على مراكز السيادة، ان ذلك ضعف وجبن وانما هي اخلاق وجينات متوارثة كابرا عن كابر، فأينما ذكرت أيا من اباء فاذا بهم قامات وهامات لا يشق لها غبار , متجذرين بالأردن كالرواسي التي تهزأ بالضجيج الذي يثيره النكرات.

   وعندما نتحدث عن تغييرات سياسية لمعالجة الاختلالات التي يعانيها الأردن بسبب السياسات الخرقاء، والوجوه الصفراء والانفس المريضة , وإعطاء الامر لغير اهله , فان الكثير يطرحون أنفسهم على انهم الحل وهم المشكلة , وهم بين جاثم على الصدور او خارج من مومياء القبور ليكونوا عالة على الأردن وأهله مرة أخرى , وهم يلهثون بين مهرول الى الاعلام للتذكير بنفسه وبين متملق وماسح للجوخ ليدعوا انهم عباقرة وهم ليس عندهم من اخلاق ولا خلاق  ، الا ان الشيخ فيصل يتصرف بعفوية واخلاق البدوي الأردني النقي الذي يؤمن ببلده بغض النظر ان كان بموقع القرار او خارجه , انه شخص عنده اخلاق  ورثها كابرا عن كابر.

ونحن في منطقة ملتهبة يشتعل ما حولنا، وتقترب النيران منا في الداخل والخارج، وقد انتهت بنا السياسات الحالية والتراكمات السابقة والوجوه الكالحة والنفاق السياسي ومجالس اللغو، ومن يشبهون مالك الحزين الى فقدان الأصدقاء وشماتة الأعداء، وعقوق الأبناء.

     وإذا كان لا بد من انقاذ البلاد قبل فوات الأوان، فلا بد من حكومة انقاذ وطني جديدة تتألف من شخصيات اردنية جامعة تحظى باحترام الأردنيين وليست من النكرات والترضيات، وان ما حدث من تعديل وعمليات تجميل لم يزد الأمور الا بشاعة (ولا اريد استخدام كلمة أخرى تليق بذلك لقساوتها).

 ان خير من يرأس حكومة الإنقاذ الوطني والانتخابات القادمة في هذه الظروف تحديدا، من الشخصيات الموجودة، هو دولة السيد فيصل الفايز فهو شخصية اردنية جامعة وموثوقة، ومحبوب من كثير من الأردنيين .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد