ألا خجل في السياسة ! ؟

mainThumb

24-03-2015 11:52 AM

دخلت الحرب العدوانية على سوريا عامها الخامس,وما زالت الأوهام (الثورية!!) تأكل قلوب الطامعين في تفتيت سوريا والحاقدين الساعين  إضعافها,وكان لتحرك أميركا المدعوم صهيونياً وتجاوب أتباعها من الأوروبيين والآتراك وبعض العرب المحموم على سوريا أكثر من هدف وتوهمت من خلال إعلان الحرب على سوريا تحقيق أكثر من مكسب على الصعد السياسية والعسكرية والأمنية,يقع في مقدمتها بطبيعة الحال قتل التيارات القومية ووأد فكره في القومية المعادي بالضرورة لكل قوى الاحتلال والاستعباد,وإنهاء وجود أي مصدر تهديد للكيان الصهيوني المحتل لفلسطين ,تنفيذاً لمقولة الإرهابي بل شيخ الإرهابيين بن غوريون,الداعية إلى أن حفظ أمن الصهاينة في فلسطين لن يكون بالقوى النووية وغيرها وإنما بتفكيك الدول المحيطة بها ,خاصة سوريا والعراق ومصر.

قصة الاحتلال الأميركي للعراق وقتل المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ وشباب المروع الذي فاق في جرائمه كل ما سبقها من الجرائم التاريخية بحق الإنسان وحقوقه ,وتدمير كل أركان العراق التراثية والحضارية والعسكرية والاقتصادية,وتركه ساحة لحروب طائفية وإثنية وعرقية تروي لنا بكل وضوح إضافة معاصرة للمناهج التي تسيرعلى خطاها السياسات الأميركية المفعمة بالكذب والتجني والافتتان بالقوة العسكرية المفتقدة لكل القيم العسكرية التي تتعاطى بها جيوش العالم,فقد سبق وأن استعملت النفجيرات النووية في اليابان,والأسلحة الكيماوية المحرمة في فيتنام,وحرب الإبادة الجماعية في أفغانستان .وتقدم الدليل الواضح على أن (المجتمع الدولي) في الأدبيات الأميركية الغربية ما هو إلا تجمع قوى الاستعمارالأوروبي التقليدي,والقوة الأميركية الإمبريالية التطلعات والمسلك والتصرفات.


وبعد أن تجاوزت مصر مرحلة مظلمة من تاريخها كادت أن تذهب بقيمها الحضارية وقواها التنويرية ومكوناتها النهضوية إلى الضمور والاضمحلال,باستعادة قرارها الوطني المستقل بتجديد الثورة الشعبية في يونيو التي لم ترمثيلاً  لها في التاريخ البشري لتوافق كل مكونات الشعب التلقائي ,بما فيها ما اتفقت المصطلحات السياسية على تسميتها بالأغلبية الصامتة ودرجت في مصر عليها تسمية حزب الكنبة,على ضرورتها,أي ضرورة الثورة  للتخلص من حكم الدكتور محمد مرسي المضطرب الاستحواذي المرعب المدعوم أميركياً وأوروبياً,والمُطَمْئِن للكيان الصهيوني بتحييد جيش مصرعن المطالبة بالحقوق الفلسطينية,وإعلان الحرب على سوريا ,وما جره على مصر من عصبيات وفتن طائفية وتغول مليشيات مسلحة تهدد كل مخالف من أبناء المجتمع المتمدن وارث حضارة مصر العريقة,ومركز ثقل النهوض العربي,ورافد الوعي القومي والتحرري.بعد ذلك أدركت أميركا وأتباعها أن خروج مصر من دائرة السيطرة الأميركية الامبريالية,خلق أوضاعاً جديدة في مواجهة مشروع (الفوضى الخلاقة) في الأقطار العربية التي تقع خارج نطاق الهيمنة والتبعية  الأميركية بالتحديد.

القوى التي تتقاسم الصراع  لفرض وجودها  وفعالية تأثيرها على سياسات المنطقة,والتدخل في الشؤون الداخلية لها (الأقطار العربية خارج نطاق الهيمنة بالتحديد),تتمثل في أميركا وأتباعها من الأوروبيين,وتركيا ذات التاريخ العثماني البغيض بقيادة أردوغان الذي بدأ يذكرنا بسلوك القذافي في طروحاته وسلوكه وتناقض أقواله وأفعاله,وإيران ذات الطموحات الامبراطورية بطابعها الديني.وقد وصل في مرحلة من مراحل الحرب الإعلامية الشرسة ضد سوريا عدد الدول التي أطلقت على نفسها أصدقاء الشعب السوري أكثر من ثمانين دولة التقت بتوجيه أميركي ودعوة من المرزوقي رئيس (بلا صلاحيات) تونس السابق لمساندة (ثورة) الشعب السوري,وكانت موزعة أطرافها على أكثر من ثمانين فصيل منهم سوريين (الإخوان المسلمون والتيارات الإسلامية والمغرر بهم والمدفوعين بالجبر على حمل السلاج ضد جيشهم) ومرتزقة من أكثر من عشرين دولة أوروبية وتركيا وعربية,ولكل فصيل منها ارتباط بدولة أجنبية وأو عربية تمدهم بالسلاح والمال,ولكن لم تملك أي من تلك الفصائل قرارها,ولم تتصرف بإملاءات إرادتها,ولم يؤخذ برأيها حول تطور الأحداث في الحرب على سوريا,ولكنها تعمل بكل همة,دون أن تدرك إنها في تدمير سوريا وفي إنهاك الدولة تقدم خدمة مباشرة لأغراض الصهيوني وأهدافه,وقد تمتعت فعلاً برعايته وحمايته ودعمه لها في جنوب سوريا

وقد قابل الحلف الشرير ذاك حلف دول الممانعة (سوريا التي طالما اشتكت الدبلوماسية الأميركية إنها فشلت في تطويع إرادة سوريا لخدمة السياسات الأميركية) ,إيران,العادي التقليدي للقوى الغربية وقوى وحركات التحرير الفلسطينية وحزب الله),ومساندة القوى الوطنية والقومية في مختلف الأقطار العربية,وقوى مناهضة الامبريالية الأميركية في دول أميركا اللاتينية,إضافة إلى روسيا والصين.والتي ثبت أنها تمثل تحالفاً متكافئاً في صنع القرار وفي مواجهة العدوان السافر على سوريا.

اشتكا رئيس الإتلاف السوري الأسبق برهان غليون البروفسور في جامعة السوربون (فرنسي الجنسية من أصل سوري,كما أن الرئيس الحالي تركي الجنسية من أصل سوري),كيف أنهم,أي أعضاء الإئتلاف وثقوا الأميركي فخذلهم الأميركي ووثقوا بالسعودي فخذلهم السعودي,ووثقوا بالتركي فخذلهم التركي ووثقوا بالقطري وخذلهم القطري تبعاً وتتبعاً لخذلان الأميركي لهم.وكان عليه ,أي البروفسور غليون أن يدرك كأستاذ جامعي,مثقف أن الذي يقاتل جيش وطنه بدفع من الأجنبي ودعم منه لا يجوز ولا يجب أن يوثق به.وإن الذي يقاتل جيشه الوطني إلى جانب أميركا وأتباعها إنما يخدم بالضرورة القطعية مصالح أميركية بالدرجة الأولى وإنْ تقاطعت مصالحه الفرعية وأطماعه الضئيلة مع مصالح أميركا.وإن أميركا لا تدعم ولم تدعم حرباً ولا تذكي صراعاً مسلحاً ولا تثير الفوضى في مجتمع ما,ولا تدافع عن حق لأي طرف ما لم تكن لها المصلحة المباشرة والأكثر اهتماماً  بكل النتائج المتمخضة عن أي عمل شرير تقوم به مباشرة أو غير مباشرة.وقد تمكنت مع الأسف من إشعال نيران الاقتتال بين مكونات الشعب في أكثر من قطر عربي,ودون تدخل عسكري مباشر كما كانت تفعل وتفشل أيما فشل!؟.وها هي تحقق نجاحات بدعم إعلامي – عسكري – مالي – معنوي أطاف الحرب بالنيابة عنها.

صحيح إنه ومنذ وقت طويل لم يعد أحد يتحدث عن (ثورة) الشعب السوري,بعد أن تبين عقم هذا الادعاء وكذبه وفقدانه أبسط المعايير لثورة شعبية,ولكن السياسة الأميركية تجاه شرعية النظام في سوريا,والحرب فيها تتبدل وتتغير تبعاً لما يخدم أغراضها في المنطقة دون الرجوع إلى أي من أتباعها أوحاملي السلاح (وزعماء الثورة) من الفرنجة والأتراك وبعض العرب,ودون حساب لرأيهم فهم مجرد جنود في تحالف تديره المخابرات الأميركية.

لا مبرر للغضب,أو للعتب أو الاعتراض على تناقض المواقف الأميركية وقراراتها من قضايا المنطقة,وليس من شأن من يخدم الأجنبي ضد مصالح بلده أن يعترض على مصلحة وطن يدعي الانتماء إليه,و لا يستحق أدنى اعتبار لوجوده أو لرأيه,هذا منطق تقر به كل الشرائع الدولية,وأدبيات الانتماءات الوطنية ووتعاليم القيم الإنسانية الأخلاقية.

فقدان الشرعية إنما يكون برهن مصير الوطن بمصالح الأجانب.والارتماء في أحضانهم وتلقي العلاج في مشافيهم.ولا خجل في السياسة وقراراتها فهي تعمل دوما لخدمة مصالح الأقوياء وتهمل وجود الأطراف المسخرة لخدمتها.فهي قرارات لا تخجل من تتبع مصالحها ولو أدى ذلك لدمار نصف أقطار العالم الآخر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد