حماس إذ تستسهل لغة السلاح والحسم العسكري

mainThumb

23-10-2007 12:00 AM

للمرة الرابعة على التوالي ، وفي غضون أربعة أشهر فقط ، يظهر الناطق باسم حركة حماس في غزة على شاشات الفضائيات وهو يتمزق ألما ، ويعتصر قلبه الحزن والأسف على مصائر الضحايا الأبرياء والاقتتال المؤسف والفتنة المتنقلة ، التي يراد لها وبها أن تجهز على قضية الشعب الفلسطيني وتطيح بآماله وأمنياته.. المرة الأولى كانت في ذروة الصراع مع فتح قبل الحسم العسكري و"التحرير الثاني" للقطاع ، والثانية في ذروة الاشتباك مع أصوليي عائلة دغمش ومهربيها والثالثة عند الاشتباك مع مسلحي عائلة حلّس والرابعة في المواجهات مع حركة الجهاد الإسلامي.
والحقيقة أن الفتنة التي يتحدث الناطق إياه ، باتت تتنقل ككرة النار من حارة إلى أخرى ومن فصيل إلى آخر ، وبتنا نخشى معها على صحة الناطق وسلامة قلبه ، مع أنه والحق يقال ، يزداد ألقا وعافية وتزداد وجنيته احمرارا يوما بعد يوم ، لا خجلا بالطبع بل صحة وعافية.
حماس ، وقوتها التنفيذية على وجه الخصوص ، باتت تستسهل الحسم العسكري واللجوء إلى السلاح لحل خلافاتها مع العائلات والفصائل الأخرى ، وبعض أبواقها الدعائية ما عادت توفر أحدا من الفصائل ، الجميع متهم بالولاء لرام الله - لكأنه من المعيب على الناس أن يوالوا رام الله - بدأوا بالجبهة الشعبية وجميل مجدلاوي ، ولو يوفروا قيادات فتح من خارج تيار دحلان - دايتون ، وانعطفوا على العائلات المسلحة ، وأخيرا أخذوا يتهمون الجهاد بالقيام بدور حصان طروادة لجماعة رام الله ، ورأس حربة في الهجوم الفتحاوي المضاد على غزة.
والخلاصة أن حماس اشتبكت في أشهر معدودات ، مع الجميع تقريبا ، إن لم يكن عسكريا فسياسيا وإعلاميا ، وهي سائرة في فرض لونها الواحد وحزبها الواحد على الجميع ، حتى وإن أدى ذلك إلى منع الصلوات في الأماكن العامة ، وهذا ما لم يحصل على مدى سنوات من حكم فتح وسيطرة أجهزتها الأمنية في الضفة والقطاع ، فعن أي إصلاح وأي تعددية تتحدث حماس؟ وإذا ظل الحال على هذا المنوال ، فليس مستبعدا أبدا ، أن تبدأ أجنحة من حماس بتصفية أجنحة أخرى ، وقد استمعنا - من دون أن نصدق في حينه - بأن الزهار ـ صيام ، هددا هنيّة بالويل والثبور وعظائم الأمور إن هو ظل على جنوحه للسلم والحوار مع "فريق أوسلو الخياني" ورأينا الرجل - الزهار - ينبري لتكذيب أي تصريح يصدر عن هنيّة يثير شبهة الاستعداد للحوار مع فتح ، وبصورة أشد عنفا وقطعية من تصريحاته النافية للتفاوض مع إسرائيل أو الاعتراف بها ، فهل نستغرب والحالة كهذا أن تأكل نار التطرف نفسها إن هي لم تجد ما تأكله ، وهل نشهد انتقال فتنة الاقتتال وكرة النار المتنقلة ما بين حماس من جهة والفصائل والعائلات من جهة ثانية ، إلى الداخل الحمساوي؟
في العراق بدأت القاعدة مشروعا جهاديا ضد الغرب اليهودي ـ الصليبي ، تطور لاستهداف الشيعة ، ثم السنة من المتآمرين والمتورطين في العملية السياسية أو عملاء الاحتلال ، ثم قادة العشائر الذين يبحثون عن الأمن لمناطقهم وأبنائهم ، ثم فصائل المقاومة غير الإسلامية ، ثم الفصائل الجهادية الإسلامية ومنها السلفية القريبة بدرجة 95 بالمائة من القاعدة ، وليس بعيدا أن تبدأ القاعدة بتصفية ذاتها وللأسباب والذرائع ذاتها ، فهل تعيد حماس في غزة إنتاج سيرة القاعدة في الأنبار؟
لم نعد نكترث للشعارات البالية حول حرمة الدم الفلسطيني ، ولا نقيم وزنا لقلوب الناطقين التي تتقطع وتتمزق ، فوجوههم المنتفخة تفضح كذب بكائياتهم على الحصار والجوع والاقتتال ، وقد آن الأوان لإخراس هذه البنادق مرة وإلى الأبد ، فضررها بات أكبر من نفعها بعد أن تحولت إلى أدوات قتل في سبيل سلطة وغنائم لا أسلحة مقاومة ، وكفى لغطا وضجيجا ما عاد مقنعا لأحد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد