تمر جماعة الاخوان المسلمين في الاردن بأزمة تكاد تشق صفوفها وتزعزع مركزها السياسي وتضعف قوة تأثيرها على الساحة السياسية المحلية. هذه الأزمة، إن طال أمدها وازدادت حدتها، تنبئ بمزيد من التجاذب والاستقطابات بين الفرقاء المختلفين.
مبادرة زمزم التي بات عرابوها يجنحون على ما يبدو لامتلاك هوية مستقلة عن جماعة الإخوان عن طريق الحصول على ترخيص لحزب "إخوان مسلمين الاردن" بدأوا بالمجاهرة بخلافاتهم مع جماعة الإخوان المسلمين الأم مستخدمين وسائل الإعلام العامة وملوحين بمزيد من التصعيد .
جماعة الإخوان المسلمين ذاتها تشهد أيضا تجاذبات بين جناحي الصقور والحمائم وقد بدا ذلك واضحا من خلال رسائل المناشدة التي وجهتها عدد من قيادات الاخوان الى أصحاب القرار في هيكلية الجماعة لتلافي ما يمكن تلافيه واستدراك ما يمكن استدراكه من الانزلاق في دروب الفرقة والتناخر .
وفي الوقت الذي لسنا بصدد بيان مواقف كل طرف من جماعة الاخوان فإننا نعتقد بان الخلاف يتمحور حول أبرز الأهداف التي من أجلها تأسست جماعة الإخوان المسلمين في النصف الأول من القرن المنصرم الا وهو التركيز على البعد الأممي للدعوة وليس على الشأن القطري .
جماعة الاخوان في الأردن في وضع لا تحسد عليه وهي تقف اليوم على مفترق طرق حيث أن التوافق بين الطرحين القطري حسب ما تنادي به قيادات مبادرة زمزم ، والأممي الذي تتبناه جماعة الاخوان الاردن ، ربما يتطلب بالضرورة التضحية جزئيا ببعض المبادئ التقليدية الراسخة لجماعة الاخوان والانصراف للشأن المحلي وعدم التنسيق أو التأثر بما يحدث لفروع الجماعة في مشارق الأرض ومغاربها وهذا بحد ذاته يضع الجماعة وقياداتها في الاردن وخارج الاردن أمام تحدي كبير من أجل التجديد والتوفيق بين هذه الاتجاهات المتباينة .
نعم الجماعة تحتاج الى وقفة تأمل ومراجعة بعيدا عن العناد والتشدد وبعيدا أيضا عن المساومة والمقايضة على حساب قيم ومبادئ راسخة ضحى من أجلها الالاف من الدعويين في مصر وسوريا والجزائر واليمن وتركيا وتونس وفلسطين وغيرها.
جماعة الاخوان على مفترق طرق وتنازع أعضائها وأطرافها خسارة كبيرة للأردن .فالإخوان المسلمين رضينا أم أبينا هم أبرز مكونات المشهد السياسي الأردني وهم يشكلون قطب الرحى في المعارضة الأردنية سواء من حيث العدد أو الإمكانات ، وهم باعتقادنا أكثر الأطراف قبولا في الأوساط الحراكية والشعبية حتى وإن جاهر الكثير من الموالين وأنصار النظام بشجبهم من أجل إرضاء الحكومة وماكنتها الإعلامية التي لا تعدم الوسيلة في مهاجمة الاخوان وتشويه صورتهم ودعم أي جهد محلي وإقليمي ودولي لمقاومتهم.
ونحن إذ لا نقلل من تأثير ومساهمة أي من مكونات الحراك القومية والبعثية والسلفيه والشيوعية والعشائرية وحراك المخيمات والبادية فإنه لا يمكننا أن نتصور المعارضة الأردنية بدون مكون الإخوان المسلمين ولا يمكن أن نتصور حراك يطالب بالإصلاح السياسي والمشاركة في صنع القرار وتعديل الدستور ليتيح التطبيق الفعلي لمبدأ الولاية العامة للحكومة دون حضور الإخوان المسلمين .
النظام السياسي الأردني إذ يدرك حق الإدراك وزن الإخوان المسلمين ومقدراتهم وتنظيمهم ونشاطاتهم السلمية يتخذ كل ما بوسعه للحد من نشاط هذه الجماعة وتشويه مقاصدها والترصد لها والتضييق عليها .
نعم النظام السياسي لا يخفي غبطته وشماتته بالأزمة التي تعصف بجماعة الإخوان المسلمين ويتمنى لهم المزيد من السوء والتناحر، لا بل ويرحب بأي انشقاقات بين صفوفهم، ويكرم أي فئة تتمرد عليهم ويعطيهم منصات التلفزيون الرسمي، ويدعوهم للقاءات وإبداء آراء في كل الشؤون العامة بما فيها الطقس والعواصف الثلجية وربما لاحقا يستفتيهم في الشرعية الدينية لشفط الدهون وتبييض الأسنان ويقوم بتعيين هؤلاء في المؤسسات الرسمية التي حرموا من الانضمام إليها سابقا أو طردوا منها بسبب انتمائهم للجماعة .
نحن وإن كنا غير منتمين لهذا التنظيم المقدر فإن رسالتنا الى جماعة الإخوان المسلمين تتمثل بضرورة التوافق على ما يمكن التوافق عليه وفتح الباب للإبداعات في حل النزاعات،والولوج في تفكير جديد دون التضحية بالقيم والمقاصد التي قامت من أجلها الجماعة مستفيدين بذلك من الطريقة التونسية في الموائمة بين الأصالة في الفكر والمعاصرة في الأسلوب والطرائق .
نزاعكم أيها المنتمون الى جماعة الإخوان المسلمين لا يذهب بريحكم أنتم فقط بل يذهب بريح الوطن ويطوي سجلاته المنادية بالإصلاح والمشاركة والحرية فرسالتكم رسالة أمة ومقاصدكم مقاصد شرع وشريعة وأبصار الموحدين في كافة أصقاع المعمورة ترنو إليكم فلا تفقدونا بخلافاتكم وتناحركم الأمل والحلم في توحدنا وعزتنا فهل من مدكر؟؟.