منذ التسعينات أقام ما يوصف بجيش الدفاع “الإسرائيلي” وحرس الحدود ( و تعني في اللغة الإنسانية الواقعية الصهيوني العنصري النازي) مئات الطرق المغلقة و الحواجز (الأمنية) الدائمة ومئات أخرى توصف “بالطائرة” أو المؤقتة. في شهر أيلول (2011) قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: إنَّ “إسرائيل” أنشأت 522 طريقاً مغلقاً وحاجزاً أمنياًّ بشكل غير قانوني لإعاقة حركة الفلسطينيين في (الضفة الغربية) بعد أن كان عددها 503 خلال 2010. هذا العدد لا يتضمن الحواجز الأمنية “الطائرة” أو المؤقتة. في المتوسط كان ثمة 495 حاجزاً أمنياًّ طائراً كل شهر خلال 2011 (الضفة الغربية) بعد أن كان العدد 351 حاجزاً أمنياًّ طائراً شهرياًّ خلال 2010 و 2009. http://en.wikipedia.org/wiki/Israeli_checkpoint
تقول حركة (بتسليم) : إنه في شهر أيلول (سبتمبر) 2013 كان في (الضفة الغربية) 99 حاجزاً أمنياًّ ثابتاً. يضاف إلى هذا العدد 174 حاجزاً أمنياًّ مفاجئاً. خلال شهر آب (اُغسطس) 2013 تم إحصاء 288 حاجزاً أمنياًّ طائراً.
تذكِّرني كلمة (الأمنية) بحوار على شاشة إحدى القنوات المتلفزة الإسبانية، حول مشاركة رئيس وزراء “إسرائيل” مع الرئيس الفرنسي و قادة فرنسيين آخرين و آخرين من أمريكا و أوروبا والعالم العربي وغيرهم من “المعطوفين” و “المضافين” إليهم و المفعول فيهم. بدأت الآن اُقَهْقِهُ حول كلمة (أمنية) كما كان يقهقه أحد المشاركين الإسبان في الحوار مستهزئاً بالإرهابي (بنيامين نتنياهو) الذي لم تجف يده بعد من دماء أطفال غزة، بينما كان يشارك في المظاهرة الباريسية ضد “الإرهاب” على إثر أحداث (شارلي إبدو) و المتجر اليهودي شرقيَ باريس. لم يكفَّ ساعتها الضيف الإسباني في البرنامج الحواري عن القهقهة المتواصلة جاعلاً الجميع في البرنامج و المشاهدين يقهقهون وهو يردد بين قهقهة وأخرى قائلاً: “تصوروا فقط أرجوكم تصوروا (نتنياهو) قاتل الأطفال في غزة ومروِّع الآمنين و ذابح التلاميذ في مدارس (الأنروا) الإرهابي المثالي بامتياز يشارك في المظاهرة الفرنسية ضد “الإرهاب.”
ماذا يعرف الأطفال العرب و العرب عامةً عن حواجز الموت في فلسطين المحتلة؟ يقطع الطفل الفلسطيني عشرات الطرق المغلقة و الحواجز “الأمنية” التي تُقطِّع أوصال (الضفة الغربية) إرباً إرباً يقطعها في أربع ساعات على الأقل ليصل إلى مدرسته، و قِسْ على ذلك ما تشاء عن المرأة الحامل لتصل للمستشفى و للموظف وللعامل. إنها وصمة عارٍ في جبين الأعراب المجبولين على النفاق و الرياء و الذين مردوا على الكذب. ألم يصفهم الله في مُحكم التنزيل خلال سورة (التوبة): ” الأعرابُ أشدُّ كفراً ونفاقاً وأجدرُ ألاَّ يعلموا حدودَ ما أنزلَ الله على رسولِهِ و الله عليمٌ حكيم (97) و منَ الأعرابِ من يتخذُ ما يُنفقُ مَغرماً و يتربصُ بكمُ الدوائر عليهم دائرة السوءِ واللهُ سميعٌ عليم (98) ومن الأعرابِ .” واللهِ كأنَّ هاتينِ الآيتينِ قد أتى بهما (جبريل-عليه السلام) لتوِّه. إنهم و الله مشاركون في “إرهاب” الدولة الصهيوني. إنها نقطة سوداء على الضمير الإنساني. إنها إهانة لديمقراطية “المجتمع الدولي.” إنها إهانة لديمقراطيات العالم ” المتحضر.” أي ديمقراطية تدَعي أنها جاءت لتحمي حقوق الإنسان و تحافظ على كرامته تستطيع أن تصمد أمام موت ضميرها و أخلاقها و تاريخها كله على الطرق المغلقة و حواجز الموت “الأمنية” التي تقيمها ربيبتهم “إسرائيل” بضوء أخضر مطلقٍ منهم، وبمباركة كاملة من غير أن تعترض و لو بكلمة عتاب دعكَ عن لوم و لن نقول عن إنتقاد. “إسرائيل” فوق القانون الدولي الذي لا يجيز إقامتها للمستوطنات ولا للطرق المغلقة و لا للحواجز الأمنية ولا لسرقة مياه (الضفة الغربية) ويعتبرها “جميعاً غير شرعية.” بَيْدَ أنه قانون بلا أضراس و بلا مخالب وبلا آلية لتنفيذ ما يعتبره “غير شرعي.”
لن نتحدث عن الأعراب فهم لا يتحركون إلا بأوامر من ساداتهم الذين يشرعنون “لإسرائيل” كل شيء “لإسرائيل” و أن “إسرائيل” يجوز لها ما لايجوز لأي لأحد أو لأي دولة لأنها تدافع عن “أمنها” و الطرق المغلقة و الحواجز “الأمنية” دفاع مشروع عن النفس. هكذا تقولُ لها و للعالم الدولةُ التي تصف نفسها بأنها “زعيمة العالم الحر.”
و الله و تالله الذين يموتون على الحواجز “الأمنية” و الطرق المغلقة من النساء الحوامل و الأطفال والموظفين و العمال، لا يموتون الموت العادي الذي يعرفه من لم يجرب الطرق المغلقة والحواجز “الأمنية” و نظرات الحقد النازية من عيون الجنود الصهاينة. وأما الذين يُهانون فإن الأمة كلها من خليجها إلى محيطها هي التي تُهان. صحيح أن الشعوب لا حولَ لها ولا قوة. غير أن الأعراب هم المهانون حقاًّ و”إسرائيل” والغرب كله الذي يدعم “إسرائيل” الدعم المطلق لا يحترم أولئك الأعراب و لا يقيم لهم وزناً.
و الله إنهم لَيحيوْن في أرض فلسطين عزاً و شرفاً و كبرياء. إنه الموت الحي أو الموت حياةً منتصبةً بالعز والشرف و الكرامة و رؤوسهم مرفوعة كمآذن القدس و كنائسها. من معاناتهم طلع كالأُقحوان المبشِّر بالإخضرار والحياة الحقيقية (يحيى عياش) و (وفاء إدريس) وغيرهم و غيرهن كثير مما تنبتُ أرض فلسطين. لم يمت البطل (يحيى عياش) الذي دوَّخ (الموساد) واصاب ضباط و جنود الإحتلال والبغي و العدوان بالجنون وهم يبحثون عنه في كل مكان وهو غالباً ما كان بالقرب منهم. لم يمُتْ لأنه حي في قلوب آلاف الأطفال الذين كانوا أطفالاً وكبروا و كم يتوقون إلى أن يكونوهُ وسيكونوهُ صدقوني. إنها مسألة وقت فقط. – (رأي اليوم)