أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم الاربعاء رفضه اجراء محادثات مع حركة المقاومة الاسلامية حماس مهما كان الثمن باهظا و اتهمها بمحاولة اغتياله وتنفيذ انقلاب في قطاع غزة وانها تسعى الى اقامة امارة الظلام في القطاع.وقال عباس لزعماء فتح في الضفة الغربية : انه لا حوار مع
"هؤلاء القتلة الانقلابيين". واتهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس بالضلوع في مؤامرة لاغتياله .
وقال عباس في خطاب تاريخي أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية " دورة الشهيد الخالد ياسر عرفات"، الذي انعقد اليوم في مدينة رام الله"واليوم أتوجه نحو شعبنا العظيم في غزة لاقول لهم ان مشروع الانقلابيين قصير العمر ولا مستقبل له .. ولكننا سنعمل معكم يا ابناء شعبنا في غزة".وقال "اؤكد رفضنا التام لاية محاولة اسرائيلية تستهدف استغلال هذاالاستهتار الذي سار عليه الانقلابيون" لتمهيد الطريق أمام الفصل بين غزة والضفة الغربية.
نص خطاب الرئيس الفلسطيني
بسم الله الرحمن الرحيم ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه
من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن
أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) صدق الله العظيم. أيتها الأخوات،
أيها الإخوة نجتمع اليوم في اطار المجلس المركزي لمنظمة التحرير
الفلسطينية بإعتباره أعلى سلطة فلسطينية في غياب المجلس الوطني .
وسيكون لهذا الاجتماع دور وأهمية تاريخية، حيث يتعرض مشروعنا الوطني
إلى هجوم واضح، يهدف إلى تدميره، هذا المشروع الذي أرسينا دعائمه بالدم
والتضحيات منذ أربعة عقود من الزمن. إنه مشروع استعادة وحدة الشعب
والوطن، من خلال عودة الشعب المشرد إلى وطنه، وقيام دولة فلسطينية
مستقلة عاصمتها القدس الشريف، وبحيث تكون هذه الدولة ذات ركائز
ديمقراطية تتيح المجال لشعبنا ان ينمو ويتطور، وأن يواكب العصر وتيار
التقدم، وأن يزيل التخلف والجهل والانغلاق، ويعطي الأجيال المقبلة فرصة
العيش الحر والشريف. لقد ناضلنا نحن والاجيال التي سبقتنا ضد الاحتلال
والتشريد وضد تمزيق وحدة وطننا وشعبنا . وتصاعد هذا النضال تحت راية
علمنا الوطني الذي رفعه أبطال ثورة 36، وحماه بصدورهم المدافعون عن
حقنا في البقاء في وطننا بقيادة الشهيد عبد القادر الحسيني عام 48،
ورفعه فوق هاماتهم القادة العظام والمناضلون الذين اطلقوا الرصاصة
الاولى في بدء ثورتنا الوطنية المعاصرة بقيادة ياسر عرفات منذ عام
1965. إن هذا العلم يداس اليوم تحت الاقدام بفعل جماعات اعتبرت ان
مشروع الوطنية الفلسطينية الذي حملنا رايته جيلاً بعد جيل هو مناقض
لمشروعها الظلامي، فاستبدلته بعلمها الفصائلي الذي لا يمت لتاريخ شعبنا
ونضاله وتضحياته بأية صلة. ثم تمادت الى حد امتهان كل رمز وطني من
رموزنا النضالية بما فيها بيت القائد الشهيد ياسر عرفات والقائد الشهيد
ابو جهاد، وانتهت الى الإطاحة بتمثال الجندي المجهول في وسط مدينة غزة،
والذي يشير بيده نحو القدس، وهو الجندي المجهول الذي يرمز الى تضحيات
الشهداء ومآثر المناضلين الفلسطينيين ووحدة الدم الفلسطيني والمصري
والعربي. ماذا أقول رداً على هذا الاستهتار بكل تراثنا الوطني وقيمنا
سوى الآية الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم ( ولا تكونوا كالتي نقضت
غزلها من بعد قوة أنكاثا )صدق الله العظيم إننا وطن واحد لشعب واحد،
لقد حاولت بكل الوسائل، بما فيها الحوار المتواصل قبل اتفاق مكة وخلاله
وبعده، وبصبر وطول نفس أن أعالج المشاكل الداخلية وأمنع اخطار الحرب
الأهلية، بحيث يصان الدم الفلسطيني وتحمى المؤسسات، وتستمر المسيرة
الديمقراطية، ولا يتعرض هذا الوطن الى نكبة أخرى تعطي المجال للإحتلال
حتى يواصل مخططاته ويحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام
1967. وكنت أعض على الجراح دائماً، واقدم التنازلات التي لا يرضى عنها
الكثيرون من أجل تحاشي الوصول الى مصير مظلم يهدد وحدة ترابنا الوطني
ومستقبل مشروعنا الوطني. وكلنا نذكر كيف عملنا منذ وثيقة الوفاق الوطني
الى اتفاق مكة حتى نجد قواسم مشتركة تتيح المجال أمام تغليب الوحدة على
الافتراق. ولكن مخطط سلخ غزة عن الضفة، وإقامة إمارة أو دويلة من لون
واحد يسيطر عليها تيار واحد من ميزاته التعصب والتطرف، هذا المخطط كان
يتواصل الاعداد له عسكرياً وسياسياً عبر إقامة وتوسيع ميليشيا مسلحة
تخص هذا التيار وحده ويحضّرها للإستيلاء على السلطة في قطاعنا الحبيب.
لقد استبقت هذا المخطط بالدعوة الى حل ميليشيا القوة التنفيذية، لكونها
غير شرعية من ناحية، ولكونها تمنع وحدة اجهزة الأمن من ممارسة مهامها،
وتعبر عن نوايا انقلابية ضد مؤسسات السلطة الوطنية . وكنت ادعو الى دمج
هذه القوة ضمن مؤسساتنا وأجهزتنا الأمنية القائمة. وتأكيداً على حسن
نوايانا وافقت على ادراج افرادها ضمن أجهزة الأمن متجاوزاً بذلك بعض
أحكام القانون حتى أسد الذرائع وأمنع التوتر الذي يولِد الانفجار.
وخلال هذه الفترة لم يتوقف مسلسل الاغتيالات لكوادر وقيادات في مؤسسات
الأمن وأجهزته المختلفة وفي قيادة وكوادر حركة فتح في قطاع غزة .
وشهدنا أعمالاً من القتل والاعدامات لم نعرف لها مثيلاً او سوابق في
تاريخنا كله، وكلها كانت تتم على قاعدة من التكفير والتخوين والاستئصال
وعمليات التعبئة الحاقدة وإثارة المشاعر والغرائز الوحشية. وعملت
مؤخراً على إقامة غرفة عمليات مشتركة تضم الجميع بدون استثناء، وبدأنا
في إجراء تغييرات في قيادات أجهزة الأمن لتمكينها من القيام بدورها
بشكل كفؤ. إلا أن المخطط المعد سلفاً والذي توافقت عليه قيادة حماس في
الداخل والخارج، مع بعض أطراف إقليمية، كان اسبق بكثير من محاولاتنا
لتجنيب وطننا الكارثة والمأساة. وهاجمت جماعات الانقلابيين مراكز الأمن
الوطني والمخابرات والأمن الوقائي والحرس الرئاسي، وارتكبت من الاعمال
والفظائع التي لا تمت بصلة الى تراثنا وتقاليدنا من قتل واعدامات في
الشوارع والقاء المناضلين من أسطح الابراج، ثم عملت على ممارسة النهب
بأوسع اشكاله للمؤسسات والمقرات الأمنية، ولمراكز مؤسسات اهلية، ولدور
العبادة المسيحية، ولبيوت المئات من كوادر السلطة والمواطنين الآمنين،
ولرموز السيادة الوطنية بما فيها مقر الرئاسة وغيرها من المواقع. ولا
أعرف في تاريخنا عن قوة أو مجموعة تقتل ابناء شعبها وتستبيح بيوتهم
وممتلكاتهم وتهين أعز رموزهم الوطنية مثلما فعلت مجموعات الانقلابيين
في غزة طوال هذا الاسبوع الأسود. من أجل ماذا جرى ذلك كله، وباسم أي
دين أو قضية أو مذهب وقع هذا ضد غزة الباسلة الشجاعة والصامدة. لا شيء
سوى لتحقيق حلم مريض وأهوج في اقامة امارة الظلام والتخلف، والسيطرة
بقوة الحديد والنار على حياة وفكر ومستقبل مليون ونصف من ابناء شعبنا
العظيم في غزة هاشم. ومخطئ من كان يحاول حرف الأمور وتبسيطها في تصوير
هذا الصراع وكأنه صراع بين فتح وحماس . انه صراع بين المشروع الوطني
وبين مشروع الميليشيات.
بين مشروع الوطن الواحد وبين مشروع الامارة او
الدويلة المزعومة، بين مشروع يسعى الى فرض شروطه بالقوة والى اقامة
نظامه المنغلق الخاص وبين مشروع اعتمد الديمقراطية والحوار والمشاركة
الوطنية طريقاً لحل الخلافات. بين من يلجأون الى الاغتيال والقتل
والاعدامات وتدبير المكائد لتحقيق اغراضهم الفئوية وبين من يلجأ الى
قواعد القانون والحرص على وحدة الوطن وشعبه. واليوم أتوجه نحو شعبنا
العظيم في غزة لأقول لهم أن مشروع الانقلابيين قصير العمر ولا مستقبل
له وسيصبح جزءاً من ذكرى مأساوية أليمة في أقصر وقت. ولكننا سنعمل معكم
يا ابناء شعبنا في غزة من أجل تجنيب هذا الشعب الآلام والمآسي الناتجة
عن هذا الانقلاب الغادر. سنعمل بكل طاقاتنا من أجل منع الحصار
الاقتصادي أو المالي أو الإنساني، وسنستمر في التزاماتنا تجاه ابناء
وطننا والذين يحرصون على وحدة شعبهم وسلطتهم ويرفضون أي تفريط بهذه
الوحدة أو مساس بها. " فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون". وفي هذا
النطاق فإنني اؤكد رفضنا التام لأية محاولة اسرائيلية تستهدف استغلال
هذا الاستهتار الذي سار عليه الانقلابيون من أجل التضييق على حياة
شعبنا .
لقد قدم هؤلاء الانقلابيون عبر اعمالهم الهوجاء وتقديمهم
لمصالحهم الفئوية الخاصة على مصالح الشعب والوطن، قدموا أثمن الفرص لكل
من يريد فصل غزة عن الضفة، ومن يعمل على معاقبة شعب بأكمله بسبب حماقة
وقصر نظر فئة واحدة داخله. إننا مسؤولون عن شعبنا كله، وعن وحدة ترابه
الوطن، وعن حماية لقمة العيش لكل فرد فيه . وأما هؤلاء الذين زرعوا
بذور الضغينة والحقد الأعمى والانقسام الدموي فإننا لن نحاسبهم الا وفق
القانون الذي سوف نظل نحرص عليه ونمسك به مهما طال الزمان. لقد وصلنا
الان الى منعطف جديد، لم تعد تصلح فيه الدعوات السابقة الى الحوار .
ولا بد من إنهاء الانقلاب بجميع أشكاله ومظاهره، بما فيه حل القوة
التنفيذية الأداة المنفذة لهذا الانقلاب التي اعلنا في مرسوم رئاسي
انها قوة خارجة على القانون، واعتذار قيادة حماس الى الشعب الفلسطيني
ومنظمة التحرير الفلسطينية عن جريمة الانقلاب الدموي التي أقدمت عليها،
وتسليم جميع مؤسسات السلطة ومراكزها ومقراتها الى الحكومة الشرعية
الجديدة لفلسطين الواحدة، والعمل وفق ما تقرره هذه الحكومة على اساس
القانون إزاء الانتهاكات والجرائم والاغتيالات والاعدامات والنهب
والسرقة والتعديات التي وقعت ولا تزال تقع حتى يومنا هذا في قطاع غزة .
وأريد التأكيد في الوقت نفسه أننا ماضون في طريقنا نحو المستقبل، ولن
يعيقنا الانقلابيون عن مواصلة عملنا في سبيل حرية وطننا واستقلاله
وضمان الأمن والأمان لأبنائه وتخليصهم من قيود الفقر والحرمان والتدهور
الاقتصادي والبطالة. ومن أجل هذا الغرض، وحتى نمنع الانقلابيين من
تحقيق اهدافهم في شق وحدة الوطن وتأليب اجزاء من الشعب ضد الاخرى وبذر
بذور الحرب الأهلية الدائمة والمستمرة. فلقد أقلنا الحكومة السابقة،
وأعلنا عن حالة الطوارىء، وشكلنا حكومة وطنية فلسطينية من الكفآءات
الوطنية المستقلة برئاسة أخي الدكتور سلام فياض حتى تتولى مسؤولياتها
في تنفيذ برنامج وطني أساسه الأمن والأمان للمواطن وتأمين شروط المعيشة
الكريمة للشعب بأسره في جميع ارجاء الوطن في الضفة وغزة والقدس. ويأتي
تشكيل الحكومة الجديدة بهذه المواصفات حتى نؤكد رفضنا احتكار السلطة من
قبل فئة واحدة أو فصيل، وان المجتمع الفلسطيني بما يملكه من كفاءآت
وطاقات خيرة وبناءة قادر على انتاج حكومة تعمل على حماية مصالحه وعلى
تخليصه في اسرع وقت من براثن الأزمة والانهيار والافقار والمجاعة
وتخريب المؤسسات.
إن نهوض الحكومة الجديدة بمسؤولياتها الأمنية
والمعيشية هو الرد الواضح على الانقلاب، وهو تأكيد على اننا شعب جدير
بأن يقيم دولته المستقلة فوق ترابه الوطني وان يبني حياة جديدة مليئة
بالأمل والثقة، توفر التقدم والنمو والازدهار لأطفالنا ونسائنا ورجالنا
على السواء. إننا نؤكد على ان فرض الأمن والنظام وتطبيق القانون لن
يبقى مجرد شعار في كل أرجاء الوطن بالرغم من هذا الوضع الشاذ في قطاع
غزة . ولذلك فإن هدفنا الرئيسي هو منع نقل الفتنة إلى الضفة الغربية
وتنفيذ الخطة الأمنية وإنهاء عصر الميليشيات وبحيث لا يبقى سوى سلاح
واحد هو سلاح السلطة الشرعي، ووقف ومنع اية تعديات من أي جهة جاءت،
والتعامل مع المواطنيين على اساس الالتزام بالقانون وعدم محاسبة احد
على انتمائه او فكرة او ممارسته لحقوقه الفردية والسياسية والاجتماعية
والدينية ما دامت تتم في اطار القانون. ولابد من إعطاء أهمية قصوى
لبناء وتطوير جهاز الشرطة، بالترافق مع بناء وتطوير جهاز القضاء
وتمكينه من إعادة الاحترام والهيبة للقانون، وهذا عهد منا أن نقيم
نظاماً قضائياً متطوراً ومستقلاً في أسرع وقت. وأريد أن أؤكد أن
المدارس والمعاهد والجامعات سوف لن تكون الا مراكز للتعليم والتنوير، وليس للجهل والظلامية ونشر الفكر الحاقد الذي يمزق وحدة الشعب ونسيجه
الاجتماعي. كما ان المساجد يجب دعمها وتطويرها بحيث تظل مراكز للعبادة
وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، وليس مراكز للدعاية السياسية
والاستغلال لصالح فئة او طرف أو مخازن للسلاح ومراكز للتحقيق.
وستبقى
فلسطين بمسلميها ومسيحييها وجميع اطيافها واحة للتعددية واحترام
العقائد والمساواة بين المواطنيين في حقوقهم وواجباتهم، فنحن بلد المهد
وبلد الإسراء ولن يحرفنا أحد عن هذا الالتزام. لقد جرت إقامة السلطة
الوطنية بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني، وتخويلها بإدارة الأمور في
هذا الجزء من وطننا الى حين استكمال نيل الاستقلال وإقامة الدولة
الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وأمام هذه التطورات
الخطيرة التي تواجه مشروعنا الوطني، فإن مجلسكم الكريم مدعو إلى اتخاذ
المواقف والمقررات التي تدعم قراره السابق بإنشاء السلطة الوطنية
وتحميه من الأخطار التي تهدده. إن المجلس المركزي مدعو الى البقاء في
حالة انعقاد دائمة حتى يسهم بدوره في تحمل أعباء مواجهة المشروع
الانقلابي ونبذه في اوساط شعبنا الفلسطيني كافة. كما ان مجلسكم الكريم
مدعو الى مساندة قرارات السلطة وخاصة في مجال مواجهة الانقلاب ومنعه من
تحقيق أهدافه في شق وحدة الوطن، وذلك بدعم الحكومة الجديدة والتأكيد
على ان كل مؤسسات منظمة التحرير وتجمعات شعبنا داخل الوطن وخارجه في
الشتات سوف تحيط هذه الحكومة بكل الثقة والتأييد والمساندة الوطنية
والجماهيرية والقانونية كذلك.
ولا بد من مناقشة الاوضاع في مؤسسات
السلطة وخاصة المجلس التشريعي الفلسطيني، ومدى قيامه بمسؤولياته بالرغم
من الظروف الصعبة التي مر بها وخاصة اعتقال اسرائيل لعدد كبير من
اعضائه. غير أن ذلك ليس مبرراً لعدم قيامه بمهامه وتعطيله لمدة تزيد عن
ستة أشهر بسبب مقاطعة رئاسته واعضاء حماس فيه للجلسات ومنعه من
الانعقاد. كما أنه من الضروري البحث الجاد في تفعيل دور اللجنة
التنفيذية وانتظام اجتماعاتها وتطبيق مقرراتها، والبحث في توسيع
عضويتها وفق النظام . وكذلك تفعيل وتطوير دور دوائر المنظمة وخاصة تجاه
تجمعات اللاجئين خارج وداخل الوطن. ولا بد من العمل على إعادة تشكيل
مجلس ادارة الصندوق القومي الفلسطيني وتخويل اللجنة التنفيذية بهذا
الامر، وتوفير الاموال اللازمة لقيامه بدوره في تطوير اداء المنظمة
ومؤسساتها. وأرجو أن يدرس مجلسكم الكريم وفي اطار تفعيل المنظمة أن
يكلف اللجنة التنفيذية بوضع نظام لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني
وباقي المؤسسات التشريعية والاتحادات والمنظمات الشعبية على أساس
التمثيل النسبي الشامل والكامل، ولا بد ان مثل هذا القرار سيكون له
مفعول هام في تطوير الديمقراطية داخل فلسطين وخارجها. ولا بد من
إستمرار دور اللجنة القيادية الوطنية لتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية
والتحضير لعقد اجتماع لها بمشاركة اللجنة التنفيذية وممثلي الفصائل
الوطنية الفلسطينية باستثناء حركة حماس. ولابد هنا من الاشارة الى اننا
نتابع جهدنا لفك الحصار عن شعبنا الفلسطيني وسلطتنا وخاصة بعد تشكيل
الحكومة الجديدة، وهنالك مؤشرات ايجابية في هذا الاتجاه. لكن هذا ليس
كافياً، لأن رفع الحصار المالي يجب ان يرافقه رفع الحصار الداخلي
وإزالة الحواجز والموانع على مداخل المدن التي تعطل الحياة الوطنية
والاقتصادية، وبما يجعل السلطة قادرة على تنفيذ مهامها الأمنية على
أكمل وجه. ولهذا دعونا كذلك إلى تنفيذ المشروع الأمني الذي عرض علينا
من جانب جهات دولية مؤخراً لإنهاء الحصار الداخلي على شعبنا ومدنه
وقراه. ويجب أن يترافق ذلك مع وقف النشاط الاستيطاني بشكل تام ووقف
العمل بجدار الفصل العنصري تمهيداً لإزالته. إن ما يجري داخل القدس
الشريف وحولها يشكل انتهاكات جاوزت كل الحدود وستكون نتيجتها منع قيام
حل الدولتين التي أجمع عليها المجتمع الدولي. لقد دعونا ونؤكد اليوم
على دعوتنا الى ضرورة انطلاق مفاوضات حول الحل النهائي، ونرى ان الظروف
الحالية لا تمنع على الاطلاق من بدء هذه المفاوضات وذلك في إطار مؤتمر
دولي للسلام. وأما موضوع الحماية الدولية ومجيء قوات ومراقبين دوليين،
فهو أمر خاضع للبحث عندنا من جميع جوانبه السياسية والقانونية ومدى
خدمته لمصالحنا الوطنية. وأود أن أشكر أشقائنا العرب على دعمهم للشرعية
الفلسطينية وللحكومة الجديدة، متمنياً في هذا الظرف أن يسهموا في تعزيز
دور الشرعية من خلال الاستمرار في الإيفاء بالتزامات القمة العربية،
وبالوقوف ضد كل الحملات المسمومة وخاصة الإعلامية منها التي تحاول
تشويه دور سلطتنا الوطنية ومواقفها وسياستها المتوازنة.
كما أود أن
أتقدم بالشكر إلى المجتمع الدولي بجميع دوله ومؤسساته والتي عبرت عن
مساندتها للشرعية الفلسطينية وحكومة الأخ د. سلام فياض، وأكدت على
إنهاء الحصار عن شعبنا، متمنين أن يضع المجتمع الدولي كل ثقله في سبيل
وقف العدوان المستمر الذي يتعرض له شعبنا، فاليوم فقط سقط ستة شهداء في
غزة وجنين على يد قوات الاحتلال، وهو الأمر الذي يهدد بتجدد دورة
العنف. كما نأمل أن يسهم المجتمع الدولي واللجنة الرباعية الدولية
بالتحديد في العمل الحثيث من أجل عقد مؤتمر دولي للسلام، بحيث تجري
مفاوضات فلسطينية إسرائيلية تحت مظلته. الأخوات والإخوة: نحن شعب يعلو
فوق الجراح، ولن تهن عزيمته أمام المحن. وسنحمي قرارنا الوطني المستقل
بالرغم من جميع محاولات المساس به أو الاعتداء عليه . وسنظل ندافع عن
مصالح وحقوق شعبنا في جميع اماكن تواجده . ونؤكد لإخوتنا في مخيم نهر
البارد الجريح . إننا سنبقى على العهد وسنعمل على إعادة بناء المخيم
ومنع تشريدهم مرة اخرى بالتعاون الوثيق مع الأشقاء في لبنان. إننا كنا
وسنظل نعتبر أمن لبنان جزءاً من أمننا وسنمنع بكل طاقاتنا استخدام
مخيماتنا للإساءة الى هذا الأمن. إنني أتوجه إلى أرواح جميع الشهداء
والى جراحات الجرحى والمصابين والى عائلاتهم، وآخرهم شهداء الدفاع عن
الشرعية ضد قوى الظلام الانقلابية، لإؤكد لهم ان فلسطين المستقلة التي
حلموا بها وضحوا من أجلها قادمة لا محالة . وسنبقى نحمي ذكراهم
وتضحياتهم مهما تقادم الزمن. كما أتوجه إلى إخواننا في سجون الاحتلال
بمن فيهم قادة مناضلين من فصائل العمل الوطني، والاسرى من أعضاء
التشريعي وسواهم من المناضلين، معبراً عن التقدير الكبير والاعتزاز
بموقف الآلاف من اخوتنا في السجون الذين ادانوا الانقلاب الدموي ودعوا
الى إنهاء كل مظاهره. وسوف نظل نعمل من أجل أن يرى كل أسير بغض النظر
عن انتمائه نور الحرية، فهو قادم لا محالة.
وفلسطين ستبقى وطناً لكل
أبنائها وشعبها في الداخل والخارج . . وسنبقى نتمسك بهذا الشعار: وطن
واحد لشعب واحد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.