محددات اللامركزية

mainThumb

03-01-2015 06:14 PM

غياب الديمقراطية بمناهجها وأنماطها المختلفة في دولة ما,يترك تلك الدولة في حالة من اللااستقرار المجتمعي والتشريعي والتنموي الذي تختلف حدته بين مجتمع وآخر,وتتناقص أو تتزايد وتيرته بين فترة وأخرى.وليس أسوأ من اختزال الديمقراطية بالصندوق الانتخابي سوى تزوير  اوراق التصويت في تلك الصناديق.

 

والتزوير الانتخابي في الدول غير الديمقراطية ممارسة ممتهنة باستمرار,لأن الصندوق في هذه الحالة قد يحمل أشخاصاً غير مرغوب بسماع رأيهم ونشر مواقفهم على الملأ في المجالس النيابية,أو مجموعةمجموعات حزبية معارضة معارضة انتقامية وإحلالية وكيدية وليست معارضة ديمقراطية.والصندوق غير معصوم عن تأثير المال السياسي الفاسد والمفسد.

استبدال عملية التحول الديمقراطي في الدول المتطلعة إلى مواكبة العصر في مفرداته السياسية وفي مشاغله الحياتية بأنشطته الاقتصادية والانمائية والاجتماعية والانخراط في مجالات التحضر والتقدم,استبدال تلك العملية بشعار الاصلاح والتهافت المبشر ببداية مرحلة منظومات حكم جديدة والتحول نحو أسلوب عمل جديد في إدارة الشأن العام المتعلق بدور المواطن وبالمصلحة الوطنية ومصالح الفئات الاجتماعية لمكونات المجتمع ما هو إلا تحايل سياسي بافتراض سؤ النية,وتذاكي سياسي بافتراض حسن النية,وفي كلا الحالين فإن الإصلاح لا يعني خلمية تغيير أو انتقال من مرحلة تصنع فيها القرارات بصورة مركزية إلى بديل لها بمرحلة المشاركة الشعبي في صنع القرارات.الإصلاح السياسي أو إصلاح الساسية لا يتعدى إحراء تعديلات على ما هو فاعل منعا وممارس لتجنب أخطاء تنفيذية وإرضاء لمطالبات ملحة من مؤسسات المجتمع المدني وقواه.

من جانب آخر,يعتمد جهد التحول إلى الديمقراطية إلى خطوات محسوبة المسافة لكل منها,ومتماهية مع المعايير الديمقراطية,أي لا تبنى أي مرحلة من مراحل التحول إلى الديمقراطية ما لم يكن قوامها مرتكزاً على القاعدة الأساسية لديمقراطية.أي إن  مراحل عملية المقرطة معنية مباشرة بتوثيق عرى المقرطة في روابطها الأماميةوالخلفية ليكتمل البناء الهيكلي الصلب بالمنهجية التي تتوخاها قوى المجتمع للنمط الديمقراطي ونوعه الذي ترنو إليه تلك القوى.

ولما كانت اللامركزية ركناً أساسياً من أركان النظم الديمقراطية,فإن العمل على تطبيق اللامركزية في غياب سياق العمل على المقرطة في المجتمع ستعاني من المحددات التي ستجعل من تطبيقها غير المنسجم مع سياق المقرطة مجرد مبادرات تحت شعار الإصلاح ,وهو شعار غامض في مراميه وفي مقاصده,يواجه صعوبات تتمثل أهمها في مجموعة من المتضادات التطبيقية التي نلخصها على النحو التالي :

اولاً : الصفة السائدة لنظام الحكم في غالبية الأقطار الباحثة عن مستقبل يتماهى مع الممارسات الديمقراطية,هي نظم الحد الأقصى أو بتعلبي أيسر وضوحاَ,جكومات الحد الأقصى,أي أن الحكومة تتولى إدارة معظم الشؤون العامة,وتتولى تنشيم حاجات المجتمع ورعايته المياشرة.فنجد على سبيل المثال ,أن الحومة في هذه النظم تتولى إعداد خطط التنمية وبرامجها وتتولى تنفيذها من قِبَل السلطة المركزية.وهناك وزارات للثقافة تشرف على النشاطات الثقافية التي هي من صلب فعاليات الأفراد والمؤسسات المدنية التي لا تبدع إلا ببعدها عن التدخل الحكومي.,وأخرى لتنظيم عمل لآحزاب السياسية وتشرف على برامجها وتحدد لها شروط التأسيس,وتراقب أعمالها ومبادئها وموازناتها.....وتخصعها للحساب العقاب,ووزارات إعلام تسيطر على التوجهات الإعلامية ومبادراتها ومجالاتها.إضافة إلى إدراتها المباشرة للفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنموية والتربوية والتعليمية والصحية والأمنية والعسكرية... في حين أن الفعاليات الخمس الأخيرة هي فقط من صلب اختصاصها وعيها رعايتها باهتمام ومتابعة رشيقة وفعالة.

ويمكن أن نسمي مثل تلك الجكومات بحكومات الحمولة الثقيلة,في عدد أعضائها وكثرة مؤسساتها التي تديرها بشكل مباشر,فيستعصي عليها والحال هكذا الانتقال من عبودية البيروقراطية إلى حرية السعي المنتج والمثمر المستجيب لمتطلبات العصر في التغيير والتطوية والتقدم ومحاصرة بؤر الفساد والقضاء عليها.

ثانياً : اللامركزية كركيزة متكاملة الأجزاء والأوصال,ستواجه بوجود حكومة الحمل الثقيل التنازع على ؛ نوعية النشاط وطبيعة ارتباطه بالتراتب الديمقراطي ( أي هل تشمل كل من اللامركزية السياسية والاقتصادية والمالية والإدارية والثقافية..أو تقتصر على أحدها أو بعض منها وعندها تمثل مركزية الحد الأدنى..) الذي ستفكك قيوده المركزية من ناحية,والتنازع على تفويض الصلاحيات لمؤسسة اللامركزية,خاصة منها ما يرتبط تشريعياً بالوزير وإناطته بالإدارة اللامركزية.

على الرغم من أن تجزئة مراحل التغيير من حال إلى آخر سياسياً وتشريعياً في طبيعة النظام الحاكم قد تغطي مساحة من المطالبات التي تتعلق بها المناداة بشعارالإصلاح,إلا أن تجزأتها لا تخدم جولات التحول إلى الديمقراطية ولا تتماهى مع مبادئ المقرطة التي تمهد الطريق للوصول إلى الديمقراطية التي ما زالت المعيار الأساسي لحيوية المجتمع وقدرته البناءة على الانتقال إل مواكبة مناهج التحضر,ومبادئ التقدم.والديمقراطية من زاوية أخرى  ما زات تشكل أرقى الأهداف السياسية – الاجتماعية للمجتمعات البشرية.

العلاقة بين حكومة الحد الأقصى,ولامركزية الحد الأدنى تظل علاقة مائعة ولكنها تستحق التجرية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد