قصيدة تاريخية : ( يركض ركيض الظبي حُلْوٌ دِمِيْلِهْ )

mainThumb

09-12-2014 10:23 AM

لقد جرى عملُنا على تقييد الأمورُ التاريخة ؛ خوفاً من ضياعها ، واندثارها ، وقد تكون هذه الأمورُ مذكورة في نظمٍ أونثرٍ ، وهي وقائعٌ قَيَّدها صاحبُ الشعر أو النثر ، نستفيدُ منها في كشفِ غامضٍ من التاريخ ، أو ذكر فضيلةٍ لقوم أو ... ، وتبقى قيمةً تاريخيةٌ للأجيال القادمة .

وقد قُمنا قبل أسابيع بإفراد ذكر قبيلة السواركة العطوية في وثائق دير سانت كاترين ، ونزيد اليوم في ذكر هذه القبيلة الكريمة ، وذلك من خلال تسليط الضوء على قصيدةٍ أرسلها لي الأخ الكريم الأستاذ أحمد بن سليم بن أحمد أبو رفيع السويركي ، وهذه القصيدة ذات قيمة أدبية ، وذات قيمة تاريخية ، وهي دليلٌ واضح على شاعريةِ قائلها ، حيث الألفاظ الرقراقة ، والصور العذبة السهلة ، وهذه القصيدة تحكي لنا قدوم بعضِ عشائر السواركة إلى جهة وادي الحسا ، ونزولهم على قبيلة الجبارات العطوية الكريمة ، وزمنُ هذه القصيدة والحادثة تقريبا عام ( 1920 ) ، وقائلُ القصيدة هو الشاعر ( أبو عودة المَوَسَة ) من السواركة ، حيث يقيِّدُ لنا حادثةً جرتْ بين السواركة والجبارات ، مفادُها : أن بعضَ عشائر السواركة مُتَمَثِلَةً ( بابن رفيع ) ، نزلوا بجوار قبيلة الجبارات ، وكان بعضُ أفراد قبيلة الجبارات يسقون إبلَهم وأغنامَهم من ( ثَمِيْلةِ ) ماءٍ ، فإذا انتهوا من السقيا ، قاموا بدفن الثميلة كي لا يَرِدَها السواركة !

عنئذ أنشأ الشاعرُ أبو عودة قصيدة يتحدَّثُ فيها عن قوة السواركة ، وأنهم أهل الحرب ، وأهلُ الرِّسان ، وهي قصيدة من الجهة الأدبية جميلة ، ورائقة ، وجاء ذكر قبيلة الترابين العطوية عَرَضاً ، وجاء أيضاً ما هو شائعٌ بين القبائل أن السواركة أهل ولاية دينية ، فيهم الأولياء ...!!!!

كما جاء ذكر قرية من قُرَى مدينة الخليل ، وهي قرية ( زيتا ) ، فهذه القصيدة لها قيمتها التاريخية ، والجمالية ، سنقوم بذكرها ، ونوضح ما جاء فيها دون تَوَسُّعٍ أو تَوَغُّلٍ :

أَوَّل كلامي بِمَدْح الهادي الزين    
..... إمْحَمَّدْ في الشَّرْق يبدي شِعِيْلِهْ
 
يا راكبٍ من فوق حُرَّ القَعادِيْن
..... يركض ، ركيض الظبي حُلْوٌ دِمِيْلِهْ
 
يا مارقِنْ ، صِنْ لِكَلام التَّماثيل
...... كلام راويٍ ، كل مارقِنْ يِشِيْلِهْ

يا سُرْع ما تلفي على حرب الحين
..... حرب المسَمَّى شيخ القبيلة
 
قل له : يا حرب حِنَّا سَكنَّا عنكوا ابْخيل
...... واشلاش ، وما سَكَنَّا عندكوا ابْجِمِيْلِه

قل له : يا حرب ما شفتْ العْمَاوي سليمان
...... تحته إكْحيلَهْ ، والكحيله أصيلهْ

في ايدهْ امْفَرَّش جَتْ هِدِيِّةْ سلاطين
..... من شافهي من القوم إنْهَدْ حيْلَهْ

قل له : يا حرب ما شفتْ سليمان النِّمِيْلِهْ
...... والكل تَحَرَّتْ حالهي له حِلِيْلِهْ

سلامه أبو عطوان فوق اكبيشان
..... صقر تَعَدَّى على الصيد ، حامي مِقِيْلِهْ

وسالم ابو عمَّار فوق اكبيشان
..... إنْ دَبَّلَتْ على القوم ، تَسْمَع صِهِيْلِهْ

وامْحَمَّد بن موسى فوق اكبيشان
..... بالبندقي خَلَّا ادْماهم شِلِيْلِهْ

وسالم بن رفيع فوق اكبيشان
...... دَمْ الأعادي على بَرْشَقْ السيف نِيْلِهْ

ومن حَدْ ( زيتا ) ، وَصَّلوكوا الترابين
...... ونصركم الله ( بحضرة عقيل النِّمِيْلِهْ ) !

وانشدَكْ بالله يا حرب الحين
..... تَنْهَىْ فَلَتْكوا لا اهِدُّوا الثِّمِيْلِهْ

ومعظم الأبيات واضحة وألفاظُها سَهلةٌ ، ولكن هناك أبيات تُوْقِفُنا منها :

يا راكْبٍ من فوق حُرْ القَعادين
...... يركض ، ركيض الظبي حُلْوٌ دِمِيْلِهْ .

فهو يُشَبِّهُ ركْضَ القعود ، بركض ظبيٍ جميل الهرولة ( دميله ) ، فقد جاءت كلمة ( دِمْيِلِه ) ، كأنَّها الثُّريا في السماء ، والدُّرَّةُ في الماء جرساً ولفظاً وخفَّةً !

ومن الأمور التاريخية ذكر شيخ الجبارات حرب الدقس ، وكذلك ذكر قرية ( زيتا ) وهي من قُرَى الخليل ، كما جاء ذكر قبيلة الترابين وانتصارهم على الجبارات حتَّى أوصلوهم إلى قرى الخليل ، فأصبحت لهم موطنا ومُقاما ، وأيضا جاء بعضُ معتقدات منحرفة ، وهو الانتصار بحضرة الأولياء ، لأن ردَّ الترابين عن الجبارات جاء بسبب هذا الولي عقيل النميله !!

والبدو كانت لهم معتقدات في هذا الباب تخالف العقيدة الصحيحة ، ولكن بانتشار العلم الصحيح بدأت تتلاشى هذه المعتقدات والحمد والفضل لله .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد