ما زالت فرضية السعي الأميركي – الأوروبي الحثيث على التوسع في توطين تراث الدولة الفاشلة في عدد من الدول العربية التي مازالت تحافظ على تراث الكرامة العربية الوطنية منها والفردية, وذلك بعد أنْ شهدت نتائج ما فعلته في الصومال وفي العراق وفي ليبيا ,وكما عملت على ضعضعة أركان النظام في السودان وفي دولته الجنوبيه,تلك الدول العربية التي رفضت التضحية باستقلال قرارها السيادي,وأصرت على المحافظة على استقلالها السياسي, فرزتها السياسة الأميركية الفجة على إنها دول خارجة عن نطاق الإقرار بسلطة أميركا وانصياع لإرادتها
وقد وصل الأمر ببعض الزعماء العرب الى وصفها (أي أميركا بـ :حاملة مفاتيح الحلول للقضايا العالمية الشائكة المطلقة قائمة ومفعلة حتى يومنا هذا.وهي في الواقع رافعة عصا غليظة في وجه المعارضين والمعترضين والرافضين من الدول الأخرى للتعامل معها بصفة التبعية المحافظة على مصالح أميركا ورغباتها الجشعة والدموية.
ونعيد قراءة تصريح مسؤول في دولة عضو بحلف شمال الأطلسي,يجسد الخبث المتمرس به الساسة الغربيون بشكل خاص حيث قال: بأن محاربة تنظيم الدولة الإسلامية ستكون أسهل إذا تم عزل الأسد....... وهذا يستلزم التخلص من حاشية صغيرة حول الرئيس وأولئك المسؤولين عن أسوأ الفظائع لتظل المؤسسات باقية بما في ذلك الجانب الأكبر من الجيش كمؤسسات لفترة انتقالية في المستقبل!!!!!!.
وهذا معناه أن لا يكون السلوك الأميركي المتسرع في تفكيك مؤسسات الدولة في العراق وحل الجيش هو القدوة لتحطيم الدولة بل أن يحدث ذلك الهدف على مراحل!!.
الهاجس الأميركي المقلق لعقلها السياسي والمؤرق لشكوك مفكريها الاستراتيجيين هو في إدامة السلطة المباشرة على إيقاع سير الأحداث الدولية المطلقة وعلى توجيه منعطفاتها وانعكاساتها على الشأن الدولي وعلى المصالح الأنانية وعلى حكومات العالم بالتفرد في رسم السياسات التي على الدول الأخرى التزام مفرداتها وعدم التعارض مع منهجها,وذلك
بالإبقاء على القوة العسكرية الأميركية القوة الأعظم واسعة الانتشار في بقع العالم في الشرق والغرب والشمال الجنوب,وهذه البقع خاضعة للحكومات المتواطئة معها شراكة أو ضعفاً أو تبعية أو عمالة وانتهازية ,أو بلطجة وفرضاً,واحتكار القطبية في وضع الأحادية المتفردة التي تتيح لأميركا تنفيذ مصالحها بانسيابية ودون معيقات من أي نوع أو شكل كان,استخدام القوة العسكرية الهدامة المفرطة لإثارة الرعب والتخويف في قلوب نلك النظم المستعدة للتضحية بكل القيم الوطنية,وبكل الثروات التي هي ملك للشعب,في سبيل البقاء في السلطة,واستمرار وجودها في الحكم,فلا ثمن لديها أغلى من بقائها جاثمة على تروات شعوبها وعلى التلاعب بمصير أوطانها,التضجية بكل جوارها إن لم يقع في نفس الخانة من التصنيف الأميركي لدولها.
ولم يعد خاف على أحد من المتابعين لسير الأحداث التي شهدتها بعض الأقطار العربية,الخطة الإعلامية الممنهجة لتغطية الفظائع التي ارتكبتها قوى الشر من امبريالية واستعمارية وهمجية وإرهابية,التي غطت جرائمها بأغطية طالما تغنت بها القوى الثورية في الماضي في نضالعا المشروع للتحرر من القوى الأجنبية وهيمنتها وجشعها,هذه الخطة التي اعتمدت تشويه معنى الثورة وخلط المفاهيم الديمقراطية وقلب مبادئ الحرية وخرق حقوق الإنسان والإساءة لكل القيم الوطنية التقليدية والتراثية,والإساءة لجمال الربيع وما يضفيه من هدوء النفس البشرية بما يحمله من تجمل الطبيعة وتزينها بأبهى زينة طبيعية تسر الناظر وتدخل السكينة إلى النفس البشرية.فتغنت وسائل الإعلام التضليلية بما اتسمت به بي بي سي من خبث في الخبر وتشويه للصورة,وقد عضدت هذا المنهج الخبيث وليدتها الجزيرة القطرية (بالربيع العربي) والثورة الشعبية,وروجت لها وكان ما كان من نتائج ذلك الربيع المأساوي بما جلبه من دمار وخراب على كيان الدولة وعلى تحويل مكوناتها الوطنية إلى (عصابات) وجماعات مسلحة تقتل فيما بينها بكل شراسة تدعم المتدثرين برداء الدين منها القوى الاستعمارية وأتباعها في المنطقة بالمال والسلاح والمعلومات الاستخبارية وغيرها.وبرزت المطالبات باستعادت نظام الخلافة تدعمه أطماع العثمانيةالصريحة يقودها تيار الإخوان بمن فيه الإخوان في تركيا بقيادة أردوغان المفلس أخلاقياً وسياسياً بوهم إنه سيكون فيه ككيان سياسي ضمان سلم المجتمعات الأوروبية وكفالة أمنها من الإرهابيين المتطرفين!!!!. وفي هذا السياق يظن المغفلون إنهم بذلك يخدعون الخبثاء كي يصلوا بدعمهم إلى السلطة,في حين يعلم الخبثاء أن من يقع في الفخ المغفلون أنفسهم,فخداع المفغلفين مزاح ثقيل الظل لا فكاهة فيه.
البيئة الثرية والخصبة التي يبتهج الخبثاء بوجودهم فيها يسرحون ويمرحون كأصحاب البيت !!هي بيئة المغفلين.والمغفلون شاؤوا أم أبوا هم جبناء بطبيعة تكوينهم الثقافي الذي انسدت عليها (أي ثقافتهم) سبل المعرفة والوعي لما يجري حولها.والجبناء يظلون بالضرورة ضعفاء تتمركز في قلوبهم,لأنهم ضعفاء الأحقاد والضغائن.والمغفلون سرعان ما يستنجدون بالخبثاء لا لمعاونتهم فحسب بل وصل الأمر بهم الاستنجاد بهم للدفاع عن وجودهم.الخبثاء جاهزون للنجدة التي تحقق لهم مصالح فائضة عن حاجاتهم الآنية والمستقبلية القريبة,والمغفلون فاقدوا الأهلية متباهون مسترجلون,ولكنهم يقبعون دائماً في خانة المرعوبين من كل ما يدور حولهم من أحداث.
سيأتي وقت تنكشف فيه أراء الخبثاء وأقاويلهم التي ما زالت تدور في دوائر ضيقة ومغلقة عن المغفلين من تصغير شأنهم وافتقادهم إلى الاحترام واستصغار شأنهم.وهذا لن يكون بالأمر المفاجئ فالذي يرهن مستقبل وطنه وثروات بلده واستقلال قراره لا يستحق ما هو أكثر من ذلك على الإطلاق.فهذا جو بايدن يبدأ حملة التنصل من دعم الإرهاب ويلقي بتبعاته على (حلفاء أميركا) الحكام الأتراك والسعوديين والقطريين والإمارات (المشاركون حالياً في ضرب التنظيم الإرهابي الذي أوجدوه ودعموه بضربات جوية يرى البعض إنها ضربات إعلامية دون جدوى,وهذا يذكرنا بروايات الجاسوسية,حيث تقتل المؤسسة القاتل المكلف منها بقتل شخص آخر ) فهل لدى مسؤولي هذه الدول الجرأة على التعليق على هذه التصريحات التي هي في حكمالحقائق منذ زمن بعيد؟؟؟.ولم يكن حميداً أنْ يًواجَه أمير قطر بتعليق على نفيه دعم الإرهاب أمام ميركل لتقول : (بأن ليس لدينا ما يدعو إلى عدم تصديقه حالياً !!!!).
وللتذكير فقط فإن ظلم الإنسان لأخيه الأنسان لا يُعد في مقام الذكرى التاريخية,وإنما يظل هذا الظلم بنتائجه وأدواته قابعاً في العقل وفي الوجدان البشري كذاكرة حية كلما مر الزمن بها.والرجال العظام كانوا يعتبرون على الدوام بأحداث التاريخ ويراقبون مواقفهم كي لا تلحق بها لعنة التاريخ التي تصيب من يخون وطنه ومن يتواطأ على بني قومه مع أعداء الأمة التقليديين.