الجواهري ، وطعنُهُ الخَفِيُّ

mainThumb

06-09-2014 10:40 AM

لقد تعرَّضْتُ قديما لنقد بيتٍ من قصيدة محمد مهدي الجواهري العراقي في مدح الملك حسين بن طلال – رحمه الله – وكان البيت آنذاك :

للهِ دَرُّكَ من مَهِيْبٍ وادعٍ
..... نَسْرٍ يُطارُحُه الحمامُ هَدِيْلا !

وَجُلُّ نقدي كان في تَخْطِئِتِهِ التشبيه بالنسر ، فهو طائرٌ لئيم من أَكَلةِ الجِيَفِ وهو من ذوات البراثن لا المخالب كالصقر ... وقد جرى ذكرُ النسر في منهج الشعراء عند التشبيه بالنساء ، فلم يُدْركْ أحدٌ هذا العيب خاصةً ممن سعى لنشر هذه القصيدة ممن يُشار لهم بالبنان في الوسط الثقافي في الأردن أنذاك .

وجاء الحينُ لتناول قضيةٍ أخرى رأيتُ فيها الحيدةَ عن الحقيقةِ ، ولكن بأسلوبٍ ملتوٍ يخفى على الكثير ، والأبيات هي :

شَدَّتْ عُرُقَكَ من كرائمِ هاشمٍ
..... بِيْضٌ نَمَيْنَ خَدِيْجَةً وبتولا .
وَحَنَتْ عليكَ من الجُدُوْدِ ذُؤابَةٌ
..... رَعَتْ الحسينَ وجعفراً وعقيلا !

وقبل تناول هذه الأبيات نستعرضُ نسبَ الملك حسين بن طلال ، هو من القتاديين فرع العبادلة من ذوي عون ، وهم حسنيون ، يرجعون إلى ( الحسن بن علي ) رضي الله عنهما . هذا باختصار ومن أراد التَّوَسُّعَ فهناك الكُتُبُ ذات الإختصاص .

فيرجع النسبُ الى الحسن – رضي الله عنه – والحسنُ مدحه رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – عندما قال :

( إنَّ ابني هذا سيدٌ ؛ وسيصلح بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) .

فكان كما أخبرَ جَدُّه – صلى الله عليه وسلم – فقد حلَّ النزاعَ بين فئة معاوية – رضي الله عنه – وفئة أبيه علي – رضي الله عنه – فكان عامَ الجماعة وعام الوفاق والخير ، وهذا الفعل لا يُعْجِبُ الروافضَ ؛ لأنهم نقموا على الحسن بفعله الذي امتدحه الرسول – صلى الله عليه وسلم – والجواهري جذورُه رافضية شيعيَّة يُكِنُّ للحسن الشرَّ والبغضاءَ ، وإنْ أخفاها ، فهي تظهرُ على فلتات لسانه ، ومن هذه الفلتات هذه الأبيات التي سنُدَلِّلُ على ما ذهبنا إليه .

الجواهري ذكر هاشميَّةَ الملك حسين بن طلال ، ثم ذكرَ بعضَ أسماء هذه الدوحة المباركة مثل ( فاطمة ، والحسين ، وجعفر ، وعقيل ) ، ولم يتطَرَّقْ لذكر الجد الأول والابن الأكبر لعلي وهو ( الحسن ) – رضي الله عنهم أجمعين – وهذا هو الأولى والأصوب ، ولكن نرجع ذلك للمورث العَقَدي عند الجواهري وهو بغضُ الحسن ومن درج من نسْلِه ، فهم يرونَه تَخَلَّى عن الخلافة وتنازل عنها لعدُوِّهم الأكبر معاوية الأموي – رضي الله عنه –
( فالذؤابةُ ) المذكورة في أبياته لم ترعَ الا من يؤمنون به من آل البيت ، وأغفلتْ الحسن في نظرهم الأكمَهِ !

وفعله هذا يُذَكِّرُني بقوله تعالى :

( والشُّعراءُ يتَّبِعهم الغاوون ، ألم ترَ أنهم في كلِّ وادٍ يهيمون ، وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ... ) .

فالله خَصَّ ذكرَ ( الوادي ) عند ذكر الشعراءِ وهيامِهِمْ ؛ لأنَّ الوادي مضَنَّةُ الخديعة وتربُّصِ الأعداء من اللصوص وقاطعي الطريق .

ولا ننسى قصَّةَ الحطيئة مع الزبرقان بن بدر في الأبيات التي ظاهرُها المدحُ وباطِنُها القدحُ :

دَعِ المكارمَ لا ترحلْ لِبُغْيَتِها
..... واقْعُدْ ؛ فأنتَ الطاعِمُ الكاسي !

وهو يقصدُ : المطعوم ، والمكسُوِّ وهنَّ النساء .
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد