الخيار الأردني محور لقاء جورج بوش ـ إيهود أولمرت

mainThumb

24-06-2007 12:00 AM

عمّان ـ المشاهد السياسي

يبدو أن حركة حماس، على رغم مسيرتها النضاليّة، وفّرت عبر إحكام قبضتها على غزّة الأرضية لإحياء مشروع الكونفدرالية الأردنية ـ الفلسطينية. فبعدما تردّدت معلومات عن أن الملك عبد الله الثاني أرسل شخصيات إلى إسرائيل عرضت هذه الفكرة بشكل أولي، حمل رئيس وزراء الدولة العبريّة إيهود أولمرت هذه الفكرة إلى الولايات المتحدة، لمناقشتها على خلفية التطوّرات الأخيرة.

وتقوم فكرة الكونفدرالية الأردنية ـ الفلسطينية على أساس مملكة تضم دولتين يترأس كل منها رئيس حكومة يخضع لإمرة الملك دستورياً.

وكان الملك عبد الله الثاني نفسه أبدى حذره تجاه الخطّة. ويأتي المشروع بالون اختبار أردني في مواجهة الشلل واليأس اللذين أصابا المسيرة السياسية في الأراضي المحتلّة، وتنامي مخاوف عمّان من الخروج الأميركي القريب من العراق، والذي سيتسبّب في فوضى إسلامية في العراق.

وفكرة الكونفدرالية طرحت في الماضي، ولا سيما في محادثات شيمون بيريز والملك الراحل الحسين بن طلال. ويشترط الأردن للمضي في الخطوة قبولاً إسرائيلياً بالمبادرة العربية، نصّاً وروحاً، وهو ما أعاق حتى الساعة تطبيقها. عشية زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت الولايات المتحدة، ولقائه الرئيس الأميركي جورج بوش، أشارت التوقّعات إلى أنه سيعيد طرح «الخيار الأردني» لحلّ الأزمة في الأراضي المحتلة، والتي لطالما أيّدتها واشنطن، في ظلّ الحروب والانقسامات بين «فتح» و«حماس».

وفيما تستعد عمّان لحملة تنشيط متأخّرة لعلاقاتها مع دمشق، بعد انقطاع الاتصال والتنسيق بينهما لأكثر من عامين، يبدو الأردن ميّالاً إلى تحييد سورية، أقلّه حيال اقتراح تسوية الأزمة الفلسطينية، والذي يتوقع أن يُق?Zرّ في نهاية حزيران (يونيو) الحالي، خلال اجتماعات اللجنة العليا المشتركة للبلدين، بعد حملة تقارب وغزل إعلامي بين العاصمتين. وأجرى الملك عبد الله الثاني اتصالاً هاتفياً، بمناسبة فوز الرئيس بشّار الأسد بولاية جديدة في الانتخابات الأخيرة، كما أظهر السوريون مساحة من المجاملة التقطت في عمان، عندما تحدّث إعلامهم الرسمي بإيجابية عن عهد الملك عبد الله في ذكرى استقلال الأردن.

ويأتي ذلك في وقت تبدو فيه الخيارات أمام سورية محدودة، وهي تسعى إلى تجنّب أن تطاولها ضربة أميركية محتملة لإيران، أو استهداف إسرائيلي لحزب الله، كما تحاول دمشق المستحيل لتجنّب ملف المحكمة الدولية الخاصة برفيق الحريري. وهو ما يفسّر المرونة التي تبديها حيال إسرائيل وبوادر صفقة محتملة قد تنتهي باستعادة الجولان.

ودخل الأميركيون على خط الصفقة المحتملة لتحقيق السلام الضائع، كما أصبحت سورية أكثر قبولاً لفكرة التفاوض، وهي تراقب وتتّصل وتوفد وتستشعر... الأمر الذي يشير بوضوح إلى تبدّل في التكتيك السوري، ويمنح الكلام عن تصدّع التحالف الايراني ـ السوري قدراً من الصدقية.

الكلام المزدوج ومع أن الملك عبد الله الثاني نفى في الماضي ما تردّد عن عرض أردني، واعتبر أن الهدف من التداول فيه الاساءة إلى عمان، مثلما يستهدف فلسطين شعباً وقيادة وقضية، يسعى الأردنيون إلى جعل الفلسطينيين يقبلون بهذا الخيار علناً أو سرّاً بوصفه ضمانة إقليمية للسلام.

ولا شك في أن مضاعفة واشنطن حجم مساعداتها العسكرية إلى المملكة الهاشمية من 75 مليون دولار الى 450 مليوناً، تشكّل خير دليل على مركزية الأردن في حلّ الأزمة الفلسطينية.

وربما يكون الوعد الأبرز الذي انتزعه الأردن من واشنطن، هو ذلك الذي حصل عليه في أواخر العام 2005 والمتعلّق بالعمل على تأسيس الدولة الفلسطينية. وأكّد الملك عبد الله الثاني أن النظام الجديد في الشرق الأوسط، وخريطة الطريق ، لن يكون ممكناً في غياب دولة فلسطينية على الخريطة.

ومع التطوّرات الأمنيّة المأساوية في الأراضي الفلسطينية، والانقسام الذي تكرّس في غزّة والقطاع، يبرز الدور الأردني لفرض وصايته من جديد على الفلسطينيين، مدعوماً بتحالفه الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وبريطانيا.

تحذير لحماس

وسبق للملك عبد الله الثاني أن حذّر الأميركيين من التعامل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واعتبر أن السبب في تصاعد التيارات الإسلامية في المنطقة يعود الى قدراتها التنظيمية، في وقت أثبتت فيه القوى الأخرى عدم قدرتها على التنظيم، وغياب الشخصيات القيادية، إضافة إلى فساد بعض قياداتها.

إحياء الطرح

وباتت فكرة «الخيار الأردني» تحظى بتأييد قيادات فلسطينية، في مقدّمتها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح هاني الحسن. وهاني الحسن الذي أقصي من رئاسة مفوّضية التعبئة والتنظيم في حركة فتح، يعتبر نفسه أحد منظّري «الثورة الفلسطينية» و«أيديولوجيي» الحركة. وهو بادر الى إحياء «الخيار الأردني» بعدما كان من أشد معارضيه.

كما أن هاني الحسن (الحيفاوي)، شقيق خالد الحسن (أبو السعيد) الذي كان أحد عمالقة حركة فتح الأساسيين، لم يكن على وفاق مع محمود عباس (الصّ?Zفدي)، ولم يعتقد في أي يوم من الأيام، وخصوصاً قبل رحيل ياسر عرفات، أن ندّه سيصبح رئيساً للسلطة الوطنية والرجل الرقم الواحد في المسيرة الفلسطينية، لينتهي الحال بالحسن مستشاراً قد لا يستشار.

و«الخيار الأرٍدني» أبرمه الرئيس الراحل ياسر عرفات والملك الراحل حسين في العام 1985. وهو بدا خياراً أردنياً وفلسطينياً خلال مؤتمر مدريد في العام 1992، وما تلاه من جلسات تفاوض طلب في بدايتها الفلسطينيون دوراً في العملية السلمية، قبل أن تتحوّل الى وفد مستقل تجسيداً لقرار الرباط بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

واللافت أنه منذ إبرام معاهدة السلام الأردنية ـ الإسرائيلية في العام 1994، أي بعد نحو عام من ذهاب الفلسطينيين إلى مفاوضات أوسلو منفردين، ثم بعد ذلك توقيع الاتفاقية التي تحمل هذا الاسم، غدا قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي التي احتُلّت في حرب يونيو (حزيران) 1967، هدفاً استراتيجياً للأردن، وبات أي حديث عن علاقات وحدوية بين الأردنيين والفلسطينيين مشروطاً بقيام هذه الدولة جنباً?Z الى جنب مع الدولة الإسرائيلية.

مطلب إخواني

باستثناء جماعة الإخوان المسلمين، التي بقيت ترفض الاعتراف بقرار «فك الارتباط»، وتعتبره غير دستوري حتى فازت حركة حماس بآخر انتخابات تشريعية فلسطينية، وشكّلت أول حكومة في السلطة الوطنية، فإن كل القوى السياسية الأردنية أعلنت التزامها بالقرار، كما أن الملك عبد الله الثاني بقي وفيّاً لما قرّره والده الراحل، وجعل من قيام الدولة الفلسطينية هدفاً استراتيجياً أردنياً لا يمكن في غيابها الحديث عن أي علاقات بين المملكة الهاشمية وفلسطين.

يذكر أن الملك عبد الله الثاني أبعد قياديي حركة المقاومة الإسلامية حماس في العام 1999، ومن بينهم رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، وهو أبدى استعداده للتعامل مع حماس، لكن من خلال السلطة الوطنية الفلسطينية.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد