علامات الخرف تتجاوز النسيان

mainThumb

29-10-2008 12:00 AM

ربما كانت للخرف وجوه عديدة ومن أكثر المألوف منها فقد الذاكرة والتغيرات فى الشخصية. والمصابون بالخرف يتصرفون بصورة تختلف عما اعتاده منهم أحباؤهم وليس غريبا أن فقدان الحميمية هو أسوأ شيء فى هذا المرض.

ففى المراحل المتقدمة من المرض لا يمكن للشخص المصاب أن يتعرف على شريكه فى الحياة الزوجية ولا على أبنائه. وأحيانا ما ينظر خطأ إلى من يقوم بمهام الرعاية على أنه شريك الحياة الزوجية.

تقول روزمارى درينهاوس فاجنر من منظمة المبادرة من أجل أقرباء المصابين بالزهايمر ومقرها برلين "إنهم يتكيفون حسب السلوك فحينما يقوم الأحباء بمهام الرعاية فإنه ينظر إليهم على أنهم عاملو رعاية أو ممرضات.

والبروفيسور رولف هيرش كبير الأطباء فى أحد مستشفيات برلين الكبيرة على دراية بمثل هذه المواقف. ويقول "كنت أعمل فى وحدة بمستشفى حينما جاءت زوجة لزيارة زوجها المريض فلم يتعرف عليها وأشار إلى مريضة أخرى وقدمها على أنها زوجته".

وبالنسبة للأحباء غالبا ما تكون التجربة مريرة حينما لا يتعرف عليهم الجد أو الجدة أو قريب آخر مسن. تقول درينهاوس إن المرضى ينظرون غالبا إلى الأحفاد خطأ على أنهم أبناؤهم هم. وغالبا ما يكون الخرف مصحوبا بفقدان تدريجى للقدرة على التكيف. وفى البداية يجد مريض الخرف صعوبة فى التقدير الصحيح للخط الزمنى لحياته. وفى النهاية تتلاشى القدرة على التكيف من حيث الأماكن والمواقف والاشخاص الآخرين.

يقول كلاوس كروسمان عضو مجلس إدارة الجمعية الألمانية للزهايمر فى هامبورج إن المريض يفقد حتى القدرة على إجراء حوار. ويضيف "غالبا ما يعيش مرضى الخرف عالمهم الخاص الذى لا تكون له علاقة مع عالم أحبتهم".

يقول هيرش إنهم غالبا ما يتذكرون فترة الطفولة لكنهم لا يتذكرون شيئا من السنوات الثلاثين الأخيرة. ومن ثم فإنه غالبا ما يعبرون علن رغبتهم فى "العودة إلى البيت" الذى يكون بالنسبة لهم المكان الذى عاشوا فيه طفولتهم.

ويشير هيرش إلى مريض قطع 10 كيلومترات سيرا على قدميه ليصل إلى البلدة التى ولد فيها بعد أن وجد نفسه يشعر بغربة موحشة فى موقعه الحالي.

وتتوقف قدرة مرضى الخرف على الفصل بين الحاضر والماضي. وتنسحب تجارب وخبرات الماضى البعيد على وقتهم الحاضر وهو ما قد يثير ضيق الأحبة حسبما تقول درينهاوس فاجنر.

وتحكى درينهاوس فاجنر "تعرفت ذات مرة على مريضة خرف كانت تصر على الذهاب إلى السرداب كلما سمعت صوت المكنسة الكهربائية.". لقد كانت تخلط بين صوت المكنسة وصوت صافرات الإنذار التى كانت تنطلق وقت الغارات الجوية إبان الحرب العالمية.
يقول هيرش إنه فى مثل هذه الحالات لا يفيد أن تحاول باستمرار إقناع الشخص بخطأ ما يتصوره.

وأحيانا يخطيء الشخص المصاب باستمرار وضع شيء لا يريد أن يفعل به شيئا ويذكره شريكه فى الحياة بذلك باستمرار أيضا. وحينما يحدث هذا لا يمكن تجنب الجدل. لكن حينما يتجادل المرء مع مريض خرف فإنه لا يمكن التغلب عليه.

يقول كروسمان إن نمطا من سوء الفهم ينشأ بسبب الاعتقاد أن مريض الخرف يمكنه "تعلم" التذكر من جديد إذا جرى توجيهه إلى فعل الشيء مرة بعد مرة.  يضيف قائلا "لكن هذا لا يؤدى إلا إلى إثارة غضب المريض لأنه يشعر بالمضايقة من محدثه. إن الإشادة بالمريض لفعله شيئا بطريقة صحيحة هى دائما أفضل من توجيه اللوم له".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد