ذِعْذَاع الهوى

mainThumb

26-08-2014 12:42 PM

يروق لي في هذا المساء أن اتناول نوع من الموروث الشعبي الا وهو ( الهجيني ) ، وسيكون اختياري لهذه الهجينية البدوية المنتشرة على ألسنة الكثير من أبناء البادية ، ولا أعلم قائلَها :

والبيض هَجَّنْ ؛ هِجِيْجْ الصيد...


واجَّافَلَنْ يوم شِفَنِّيْ


والبيض طردتْهِنْ يا عبيد ...


لمَّا ورا الحزمْ قَفَّنِّيْ


والبيض طَرَّادهِنْ يا عبيد ...


طَرَّادْهِنْ ما هو مِتْوَنِّيْ

العرب تكني عن النساء بالبيض ، وجاء ذلك في القرآن وفي الشعر القديم ، قال تعالى : ( كَأنَّهن بِيْضٌ مكنون ) ، فالبياضُ ممدوحٌ في النساء ، خاصةً إذا كان مُشْرَبٌ بالصفرةِ ، قال غيلان بن عقبة واصفاً لون ( مي ) :

لَمْياءُ في شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ


..... وفي اللِّثْاتِ ، وفي أنيابِها شَنَبُ


كَحْلاءُ في بَرَجٍ ، صَفْرَاءُ في نَعَجٍ


..... كَأنَّها فَضَّةٌ قد مَسَّها ذَهَبُ .

فَشَبَّه لونَ بشرةِ محبوبته ( مي ) بلون الفضَّة التي خالطها قليلٌ من الذهب ، وهذا المرغوب في ألوان النساء .

وهذه البيض من النساء هَرَبْنَ لمَّا رأيْنَهُ ، هروباً خالطه الذُّعْرُ ، ثم شَبَّهه بهروب الصيد إذا رأتْ الصيَّاد ، فتكون في ذروة السُّرْعة والانذعار ، والصيد عند العرب لا يُطْلقُ الا على ما يؤكلُ ، فلذلك جاء في الحديث الصحيح : ( الضَّبُعُ صيد ) .

وهذا الهروب والانجفال إما لكبر سنِّه ؛ لأن النساء لا يرغبْنَ كبيرَ السنِّ أو لفقرِهِ وإدقاعه ، فهاتان الآفتان هما بغيضتا المرأة .

ثم يُخاطبُ الشاعرُ شخصاً اسمُه ( عبيد ) ، ويخبرُه أنه لَحِقَ البيض الى ما وراء الحزم ، ولعلَّه ( حبلُ الرمل أو الأرض الوَعِرة ) ، فاستعصمتْ النساء بالمنعة من الارض التي لا سبيلَ اليهنَّ فيها .

ثمَّ قررُ الشاعرُ قاعِدَةً وهي : أن النساء من رغائب الرجال ، حتى لو بلغ من العمر عتيَّا ، حيث قال : ( والبيض طرَّادْهنْ يا عبيد ... طَرَّادْهِنْ ما هو مِتْوَنِّي ) .

أي : أنه على عَجَلٍ ونَهَمٍ لا أناةَ في الركض وراءهُنَّ .

هذا ما عَنَّ للجذامي على عَجَلٍ من هذه ( الهجينيَّة ) .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد