سورية .. عصية على البلع - خيام الزعبي

mainThumb

19-08-2014 09:50 AM

مأزق سورية اليوم أن مجموعة من الدول تحلم بإبتلاعها، وتريد تسيير أمورها حسب رؤيتها الخاصة والتحكم بمقدراتها... وهذا ما لن يتحقق، فهؤلاء جميعاً لم يعرفوا قدر سورية ولم يقرأوا التاريخ والجغرافيا ولم يدركوا مكانتها الإقليمية والدولية، التي ستحرق كل من يريد الإقتراب من حبة رمل من ترابها المقدس، وأن كل من يتآمر على إخراجها  من المشهد الإنساني والإفتاءات على دورها التاريخي سيخرج هو من المشهد صغر إن كان أو كبر، فسورية مقبرة الغزاة في الداخل والخارج.


تعيش الشعوب العربية اليوم حالة من الإنقسام نتيجة نفوذ التيارات التكفيرية والسلفية الجهادية في أوساط الساحات العربية بفضل الثورات العربية التي أفسحت المجال أمام تلك التيارات للمشاركة في الحراك المجتمعي، وإتساع دائرة تمزق النسيج الإجتماعي من خلال بسط نفوذها المتنامي على العديد من منابر ومجالات الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية، ولكن أغرب ما في هذه المأساة أن يضع الغرب والأمريكان أيديهم في أيدي القاعدة وأخواتها  داعش،  فأمريكا والقاعدة أصبحت يداً واحدة في هذا المشهد الصاخب والذي يتفرج عليه العالم بأسره، مما يؤكد أن القاعدة  صناعة أمريكية وأنها تستخدما في تدمير العالم العربي والإسلامي نيابة عن الغرب وخاصة في سورية.


بحجم المؤامرة، وزخم الأحداث المتتالية في المحيط الإقليمي والعالمي أثبت الشعب السوري أنه شعب عصي على كل الرهانات والمؤامرات والمشاريع الساعية إلى تمزيق أرضه وتشتيت هويته الجغرافية والتاريخية، وأنه شعب جبار لا يقوى أحداً على إعادته مجدداً الى العهود الإستعمارية التي سبق وإن ثار عليها، بعد أن أكد اليوم للعالم أجمع ولكل الواهمين بتمرير مشاريع التقسيم السياسي لوطنهم، بإسم الكيانات المتعددة المزعومة، أن كل تلك المشاريع لن تمر عليه ولن تفلح مساعي الحالمين بتطبيقها على أرض سورية، ومن هنا يمكنني القول بكل ثقة إن الشعب السوري قد نجح في إيصال رسالته القوية الى المجتمع الدولي وكل القوى العالمية والإقليمية والمحلية الساعية الى تمرير مشروع تقسيم سورية، بأن الشعب السوري حي وقائم على أرضه ووطنه وبأن إرادته الفولاذية أقوى من كل الرهانات والمؤامرات والمصالح والقوى العالمية، وإن كل قوى العالم لن تقوى على إجباره بعد اليوم بقبول أنصاف الحلول أو إرعابه بعقوبات دولية أو قرارات أممية كونه الوصي الأول والأخير على أرضه وترابه.


وبالرغم مما تتعرض له المنطقة لمحاولات عديدة لإعادة تشكيلها، وتهيئة مناخها لميلاد شرق أوسط جديد فما زلت متفائلاً بأن هناك أمل في مستقبل أفضل يحرر الأوطان من الإستبداد والفساد والهيمنة الأجنبية، وصون الشراكة مع المواطن الآخر في الوطن الآخر، بعيداً عن مبدأ السياسات الأجنبية التي تفّرق بين العرب لتسود عليه، ومن هذا المنطلق  سوف تظل سورية، عصية على الإنكسار طالما حافظت على وحدة جبهتها وفتحت صفحة جديدة مع كل من لم يرتكب جريمة ضد شعبه من أبناء هذا الوطن، لأنه مهما قويت شوكة المتآمرين ومهما ملكوا من أسباب المال والقوة، لا يستطيعون النفاذ إلى إرادة الوطن إلا من خلال ثغرات تهيئ لهم فرص إثارة الفتنة وتفكيك قوى الشعب فى الداخل.


فبئساً لكل أحلام المتاجرين بتراب سورية وتباً لكل الواهمين بتمرير المخططات لتقسيمها، فطالما شعبها ما يزال ينبض بالحرية والكرامة فإنه شعب سيظل واحد لا يمكن القبول بتجزئته أو تقسيمه تحت أي مبررات أو إغراءات مزعومة.


كما أنه في ذات الوقت أوجه نداء وتوجيه لكل مواطن من أبناء هذا الوطن الغالي على قلوبنا جميعاً بالعودة إلى القيم السورية الأصيلة، المتمثلة في النخوة والرجولة والتصدي للمجرمين وتدفّق المقاتلين المتطرفين إلى سورية التي أصبحت تمثل أهم تجمع للإرهابيين القادمين من كل أنحاء العالم الذين كفروا يالسلمية وإتخذوا من السلاح والتدمير لغة لفرض آرائهم، كما إنها دعوة لكل المؤسسات والهيئات المجتمعية والمدنية المتمثلة في الإعلام والثقافة والتعليم ورجال الدين والجمعيات الأهلية والأحزاب، ومن قبلهم الأسرة والأدباء والمفكرون، للقيام بدورهم وواجبهم لإعادة وجود وإحياء القيم الأخلاقية والدينية والإنسانية التي تأثرت وتدهورت بصورة واضحة خلال الفترة الماضية.


وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن سورية كانت وستبقى الجدار المتين في وجه المشروع الصهيوني والحضن الكبير للمقاومة وستنتصر لأبنائها في فلسطين والعراق وليبيا ولن تتحول إلى دار فتنة ولن يتورط أبناؤها الأوفياء فى خدمة مصالح الآخرين، بل سيعودون إلى الرشد سريعاً لبناء سورية الوطنية الدستورية الحديثة بوحدة وعزيمة وصمود أبنائها الوطنيين وأنها ستخرج من هذه المحنة عزيزة كريمة اشد قوة وأكثر تصميماً على متابعة مسيرتها خدمة للأمة والوطن، وستعمل مع قوى دولية وإقليمية لإصلاح المنظمة الدولية لتحقيق الأمن والسلم العالمي في منطقتنا العربية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد