عندما نلوذ من واقعنا خلف جدران الزمن نفقد ذاكرتنا,وعندما نجدد وعينا عند كل محنة فقط عند كل محنة تمر بها أوطاننا,فنحن فاقدي الذاكرة الوطنية,وعندما نصحو فقط على وقع عدوان يحتل الأرض ,تكون ذاكرتنا الوطنية في ذمة التاريخ,وكلماأحرزت أمة من الأمم إنجازاً علمياً مبهراً تمر في مخيلتنا حقباً كنا فيها نشارك الأمم التحضر,فإننا بلا ذاكرة وطنية.
الذاكرة الوطنية في الأمم الحية التي تجدد حيويتها مع كل تيار تغيير,مستجيبة برضى وأريحية لمستجدات العلم والابتكار,مجددة الأسلوب والوسيلة والطريقة بكاء وفطنة مشاركة في البحث عن التجديد والتطوير,هذه الذاكرة محفزطبيعي لا يخطئ توجيه المسار نحو التقدم والتحضر,ولا يترك للبائسين واليائسين والمتعصبين أي فرصة يجددون فيها مواجهة مفاهيم لعصر بمضادات لها مستخلصة من قصص ترويها صحيفة تاريخة ولو دون تزوير وتحوير يخدم أغراض تلك الفئة فلا هم يفلحون في الوصول الآمن إليها ولا هم يتركون مسيرة غيرهم نحو المعاصرة آمنة خالية من العنف والصراع الدامي الذي يفرغ طاقات الأمة في الدوران في الحلقات المفرغة من اليأس والقنوط والكبت والتخويف والترهيب.
الأمة التي تفقد ذاكرتها الوطنية,تعيش معاناة مزدوجة,أحد محاورها يمثله فقدان القدرة في الدفاع عن النفس الوطنية,وعن الذات التي تحملها هويته القومية,والمحور الاخريتمثل في فقدانها سيادتها الوطنية,ورهن إرادتها بإرادة القوى الخارجية والرضوخ للتهديدات الأجنبية,والاستسلام لمصالح فئاتها التي ارتضت لنفسها التبعية السياسية ,وسخرت مقدرات الوطن لخدمة مصالح المتبوعين من سادتها وحُماة فسادها وظلمها.
عندما يجد وطن نفسه عاجزاٌ عن الدفاع عن نفسه فيستنجد بالأجنبي للدفاع عنه,فلا ذاكرة وطنية لزعامته,ولا معرفة لقادته وحكامه بأوليات الحكم وأصوله وتجهل التعامل البناء مع الصالح العام,لإنها لا تملك من الرؤية سوى تحقيق مصالحها الخاصة وحسب.
الصهيونية حركة متأصل تاريخها في سفك الدم العربي,وهي كما نراها كل لحظة محتلة لأقدس بقعة أرض على هذا الكوكب,ومع ذلك لا نتذكر المعايير الوطنية ولا نفطن لاحتلال الوطن وتشريد الشعب,ولا تشتد عزائمناألا عندما تُفعل هذه القوة الغاشمة جيشها المدجج بأحدث الأسلحة لمواجهة قوى مقاومة وشعب أعزل,تتفرج عليه الزعامات العربية بالعيون المجردة العاجزة عن تمييز دورها وتذكر واجباتها تجاه الوطن والمواطنين.
عدوان الصهيونية المحتلة لأرض فلسطين وغيرها,تدعمه أميركا بكل قوة وبشكل مباشر دون خجل من الجرائم التي ترتكبها تلك القوات,وتراقبه المؤسسات الدولية بالقلق والانزعاج من مجابهة الشعب الفلسطيني الأعزل لأعتى قوة في المنطقة.ونحن العرب لا نفطن إلى هذا التحيز إلا ساعةالتعبير الفج عنه من الأمين العام للأمم المتحدة وأمين الجامعة العربية الذي لم يعد يخجل من بقائه في منصبه بعدأن كالب بتطبيق البند السابع على سوريا التي تتعرض لعدوان أجنبي – بعض عربي مشترك,ولا يتذكرالمطالبة بالبند السابع على قوى الاحتلال الصهيوني,ولا حتى مجرد التنديد بداعميه ومؤيديه!!
وهذا أردوغان المحبط من كثرة ما فشلت سياساته ومن سيطرة الشهوة السلطانية على فكره الخائب,وقد نسينا نحن العرب كيف كان ذلك الفكر مصدرالخراب والتجهيل لأمة العرب, وهو يهدد سوريا ويقصفها بالطائرات والمدفعية والدبابات لإنها تحارب قوى أجنبية وقوات من المرتزقة والمتعصبين,ولا يملك أن يندد بعدوان الصهيونية على غزة,ولم يثأر لقتلاه على سفينة الحرية!!
عندما تفطن النظم الحاكمة والقوى السياسية (والعسكرية )إلى مكر عدوها وجبروته وعدوانيته كلما أمعن ذلك العدو تهجيرا للمواطنين واحتلالا للمزيد من الأرض و تقتيلا في النساء (الشرف والعرض المدعى به) والأطفال والشيوخ,فإنها نظم فاقدة الإرادةولاذاكرةوطنيه لها,أما القوى السياسية والعسكرية تلك فليست سوى قوى منافقة في السياسة وفي الحرب وفي الخلق الوطني.
أما القوى (الثورية!!) التي تستنجد بعدو أمتها التاريخي تقليدياً ليقضي على جيش بلده ويهشم تراثه الحضاري ويدمر بناه التحتية بحجة تغيير النظام السياسي فيه,فهي قوى لا ذاكرة لها,وليست مرتبطةأفعالها بأي قيمة وطنية أو أخلاقية.