عَيْنِيَّةُ ابنِ زريق البغدادي

mainThumb

11-07-2014 01:55 AM

ابنُ زريق البغدادي صاحب اليتيمة ( لا تعذليه ) - على رأي بعض المحققين - قصيدته تَغَنَّى بها المغتربون ، وتغنَّى بها المحبُّون ، وذكرها الحكماءُ ...

قصيدةٌ قال فيها ابنُ حزمٍ : ( يُ...قالُ : مَنْ تَخَتَّم بالعقيق ، وقرأ لأبي عمرو ، وتفَقَّهَ للشافعي ، وحفظ قصيدة ابن زريق ؛ فقد استكملَ الظرفَ ) .

ولعلَّ البدء بالتختم بالعقيق لما روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :

( كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورق وكان فصه حبشيا ) .

قال النووي في شرح مسلم : ( وفى حديث آخر فصه من عقيق، قال العلماء: يعنى حجرا حبشيا أى فصا من جزع أو عقيق فإن معدنهما بالحبشة واليمن، وقيل لونه حبشي أي أسود ) .

وقد جاءت أحاديث في فضل التختم بالعقيق ، كُلُّها لا تصح كما بيَّنها العجلوني والالباني – رحمها الله - .

ثم ذكر الامام ابا عمرو بن العلاء ، والامام الشافعي المطَّلبي ، وجعل قصيدة ابن زريق البغدادي تمامَ هذا الظرف .

والظرافة : هي اللطف ، والكياسة ، والحذق ، وحسن العبارة .

وذلك لما حوتْه من جمال ، وصدق ، وعفَّة ، وحكمة ...

فهذه دعوة من ابن حزم ومَنْ قَبْلَهُ الى حفظِ هذه القصيدة وفهمها ، فهي زينةٌ لمن اعتنى بها ، و أولاها اهتماما .

وبعضُ أهل العلم يذهب انه لا يوجد لابن زريق الا هذه القصيدة العينية ، وبعضهم يثبت له بعض القصائد الاخرى ، ونحن لسنا هنا لتحرير الراجح في ذلك ، إنما بُغيَتُنا ذكر من خرج من مدينة بغداد – سلَّمها الله - لفقرٍ ألَمَّ به ، فقد حصل لغير ابن زريق هذا الخروج من بغداد ؛ لضيقِ حالٍ ، وقلة يدٍ ، ولنذكر بعض من حصل له الخروجُ من بغداد - دار السلام - بسبب الفقر ، إلا أنَّ ابنَ زريق خلَّد لنا قصيدةً تزداد جمالا ، وتستروحُ لها الارواحُ الطيِّبَةُ إنْ طالعتْها أو سمعتْها !

قال القاضي عبد الوهاب المالكي وقد ساءت حالُه في بغداد ؛ فخرج يريدُ مصرَ ؛ فَشَيَّعَه بعضُ الأكابرِ فقال لهم عبد الوهاب المالكي : ( لو وجدتُ بين ظهرانيكم كلَّ غداةٍ وعشيةٍ رغيفين ما فارقتُها ) ، وقال فيها شعرا :

بغدادُ دارٌ لِأَهْلِ المالِ طَيِّبَةٌ
..... ولِلْمَفاليسِ دارُ الضَّنْكِ والضِّيْقِ .
أَقَمْتُ فيها مُضَاعاً بينَ ساكِنِها
..... كَأَنَّنِيْ مُصْحَفٌ في بيتِ زِنْدِيْقِ .

وهذا الشريف الرَّضِيْ ، قال فيها :

ما لي لا أَرْغَبُ عن بلدةٍ
..... يُكْثِرُ فيها الدَّهْرُ حُسَّادي
ما الرِّزْقُ في الكَرْخِ مُقِيْماً ، ولا
..... طَوْقُ العُلَى في جِيْدِ بَغْدَادِ .

وقال ابنُ أخي أبي دُلَفٍ :

دَعِيْني أَجُوْبُ الأرضَ في طَلَبِ الغِنَى
...... فما الكرْخُ الدنيا ، ولا النَّاسُ قَاْسِمُ .

فهذه صورٌ مُشابِهَةٌ لما حصل لشاعرنا ابن زريق البغدادي ، ولكنْ تجربتُهُ في الرحيلِ عن بغداد السلام ؛ أنتجتْ لنا إرثاً أدبياً خالداً جعلتْ ابنَ حَزمٍ يُدْرِجُها مع الأئمة الكِبار ...

أَسْتَوْدِعُ اللهَ ، في بغدادَ لي قَمَراً
..... بالكَرْخِ ، مِنْ فَلَكِ الأَزْرَارِ مَطْلَعُهُ
وَدَّعْتُهُ ، وَبِوِدِّيْ لو يُوَدِّعُني
..... صَفْوُ الحياةِ وإِنِّي لا أُوَدِّعُهُ .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد