وإنما نكتب لنفهم !

mainThumb

24-06-2014 09:38 PM

أتذكر في حياة أخرى ليست ببعيدة عن اليوم ،في التسعينيات بالذات كنا نتجمهر أمام نشرة أخبارٍ واحدة يقدمها رجلٌ صاحب ملامح أردنية أصيلة بابتسامةٍ وردية  منهم ما أتذكر اسمائهم  نبيل أبو عبيد  وعمر الخطيب بغض النظر عن نوع البرامج التي يؤدونها ولكن استحضرتني اسمائهم ، كانت النشرة لا تتجاوز العشرة دقائق بمحتواها الأصلي وعشرة دقائقٍ أخرى بصورٍ تتحدث عن قضيةٍ واحدة وآخرها تنتهي بالنشرة الجوية . وعلى هذا تنتهي العناوين دون لغط ولا اسهابٍ بالشرح .

حتى الأطفال حينها كانوا يجلسون بجانب التلفاز ،لا ينزعج الأهل ولا يتوترون خوفاً من أن يداهمهم مشهداً مُلطخ بالدماء . جُلّ ما كنا نراه أطفال الحجارة ودبابات فقط .

والصحف اليومية كانت متعة الإفاقة مع فنجان القهوة، نقلبها حتى نهايتها وإن استئنا قليلاً لا تُكدر صفو اليوم بل تثريه معرفةً بما يحدث ونقول الله المستعان " بعدنا بخير " .

اليوم نذهب كثيراً هنا وهناك ، وعلى شدة ازدحام الأخبار تشعبت القنوات المتلفزة وتعددت الوجوه الاعلامية ، وصدقاً بين تنقلنا بينهم لا نجد راحةً لا بملامحهم المؤدية بشكل تمثيلي ولا بأخبارهم المُشتتة والتي تفتقر إلى الصدق .

نعم نكتب ، ونُنَظِر ، ونحاول أن نصل إلى إجابة وربما نستميت ونحن نمسك العصا من النصف ، ولكنها لا تنفك تجلدنا وتقوم بدور المُعلم علينا .

في الثمانينيات والتسعينيات لم تكن الحياة الا عبارة عن " بسطة " إن صح التعبير، وضع عليها بضاعةً تسُر الناظر اليها وتجذبه ليقف أمامها، وإن تفاوتت الأسعار،  كانت بمتناول يد الجميع !!

أما اليوم إن لم يكن نخباً أول فلا نتنازل لارتدائه، ثوبنا أكبر من قاماتنا ، وجيوبنا افلست فقهاً وعلماً وحكمة وتحليلاً وصبراً .

فماذا ينتظر القارئ مثلي ومثلكم أن يفهم ؟

نكتب كي نفهم ، أو كي نُصدق أنفسنا بأضعف الإيمان ، في غياب المثل الأعلى نحاول جاهدين خلق فكرة تُدلل على مبدأ ومنه ننطلق لتحليل كي نُشفي غليل مقتنا وهواننا على ما أصاب الكوكبة العربية من تزاحم وانقسام .

نكتب كي لا يحتضر الصوت في حناجرنا وليس لأننا على صواب أو خطأ.

نكتب كي لا نُقيم جنازة عربية كبرى تجمعنا في مقبرةٍ واحدة ، فلا نجد من يُصلي علينا ، نكتب لنستمر ولنفهم .

والأهم من سيكتب التاريخ بعد اليوم هل سيخطه بأمانة أم سيجعلها حكايةً حزينةً ويضرب بها مثلاً " داحس والغبراء " ؟! . نحن جيلٌ انتهى بخيره وشره بقواه وضعفه، هذه الحرب أكبر من مقاسنا ، ليست لنا ولن نُكملها، لا بخط يد ولا بصوتٍ مشحون ولا بصورةٍ تقطع



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد