البخيت: الفكر التكفيري تسلل إلى خطاب الإسلاميين

mainThumb

08-03-2008 12:00 AM

السوسنة - لا يتردد رئيس الوزراء السابق الدكتور معروف البخيت، بالرغم من الانطباعات الموجودة، في نفي أن تكون حكومته عانت مشكلة تعدد وصراع مراكز صناعة القرار، أو محاولة الاستيلاء على جزء من صلاحياتها كصاحبة الولاية الدستورية، وهي قضية شكلت مثار جدل بين النخب السياسية والإعلامية في مسيرة الحكومات القليلة الماضية.

يقول البخيت، ردا على من يدعون لأن تستعيد الحكومة كامل ولايتها الدستورية في مقابل مرجعيات أمنية وسياسية أخرى في الدولة، إن الحكومة "ليست بحاجة لاستعادة ولايتها الدستورية، لأنها لم تفقدها (..)". ومع ذلك لا يفوت البخيت التأكيد على أنه "يجب أن تكون الحكومات على قدر المسؤولية، وأن تمارس دورها الدستوري بكفاءة".

ويحمل البخيت، في أول حوار موسع معه منذ استقالة حكومته في 22 تشرين الثاني الماضي، الإعلام مسؤولية ما أسماه "دعاية" عن وجود مزاحمة على الولاية الدستورية للحكومة، ويقول "كافة المؤسسات الرسمية تشكل فريقا واحدا بقيادة جلالة الملك كل يقوم بدوره بتكاملية".

ويرفض البخيت، فيما يتعلق الاعتراف بأن الرضا على حكومته "تراجع خلال السنة الثانية من عمرها". يقول هذا "انطباع لا تؤيده استطلاعات الرأي". لكنه مع ذلك يؤكد أن "الرضا الإعلامي والنخبوي لا يجوز أن يكون على أهميته هاجسا للمسؤول الذي يتحمل مسؤوليات تتطلب، أحيانا، الابتعاد عن الأضواء والعمل بهدوء".

ويصف البخيت الفترة التي تولى فيها المسؤولية بـ "الصعبة وأحيانا كانت عصيبة". ويقول "كان لا بد من اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب بعيدا عن الحسابات الشخصية، واعتبار الشعبية لأي رئيس او مسؤول هو اعتبار شخصي، ومغر، ولكنه لا يجوز أبدا أن يتعارض مع المصالح العليا".

ويرفض البخيت أن تكون حكومته دفعت ثمن تأجيل تحرير قطاع المحروقات نهائيا. ويقول "لو استمرت الحكومة لأقدمت على هذه الخطوة، وهذا واضح، وكنا ملتزمين به، بوصفه استحقاقا اقتصاديا، وبوصفه أيضا، خطوة مهمة لمعالجة خلل قائم".

ولا يشعر البخيت بأي تخوف من "انعاكسات مفاجئة لقرار رفع أسعار المحروقات" الذي اتخذته الحكومة الحالية. ويقول "الخوف كان من كلفة عدم اتخاذه، وانعكاساتها الاجتماعية والأمنية على البلد عموما، خصوصا مع الاختلال الكبير الذي ألم بالموازنة".

ويدافع البخيت عن "حسن" إجراء حكومته للانتخابات البلدية في تموز الماضي والنيابية في تشرين الثاني الماضي، أمام اتهامات المعارضة الإسلامية للحكومة بارتكاب تجاوزات واسعة وتزويرها. ويقول البخيت إن الإسلاميين "شعروا بتراجع شعبيتهم، لاعتبارات عديدة، في مقدمتها الأزمة الداخلية، داخل الحركة، التي انعكست على أدائهم في الانتخابات، ولم يعد سرا أن الحركة دعت لمحاكمات تنظيمية لقيادات من الصف الأول فيها على خلفية موقفهم السلبي من مرشحي الحركة".

ويعيد البخيت أسباب إخفاق الإسلاميين في الانتخابات أيضا الى ما اعتبرها "التحولات التي طرأت على خطاب الحركة واتجاهات بعض قياداتها، مع ربط ذلك، لدى الناس، بسلوك تنظيمات أخرى في مناطق مجاورة وهذا كله انعكس على شعبية الإسلاميين، وأسهم في إثارة الجدل".

ويتمسك البخيت الآن بمضمون خطابه الشهير بعيد الانتخابات البلدية التي حمل فيه بقوة على تيار في الحركة الإسلامية، اتهمه بـ "محاولة اختطاف" الحركة من تاريخها وخطابها المعتدل.

ويقول "التحولات على صعيد خطاب وأداء الإسلاميين كانت بادية للعيان، وليس أدل على ذلك من حادثة العزاء بالزرقاوي، وإنكار شهادة شهداء تفجيرات الفنادق، وهو ما ينم برأيي، عن تسلل فكر جديد، على فكر الجماعة، هو الفكر التكفيري، أو ما يسمونه "الجهادي"، ما يعني أن الأمور لم تعد في إطار العلاقة التقليدية، ولا النظرة التقليدية للحركة الإسلامية".

ويذهب البخيت في حواره مع "الغد" الى أن ما يعتبره "التحول الجذري" على صعيد خطاب الحركة الإسلامية "ليس شأنا داخليا بالحركة، ولا يمكن النظر إليه على هذا النحو، فالإسلام السياسي المقبول أردنيا، هو الإسلام السياسي الذي يخدم قوة الدولة وتنوعها، وليس الذي يشكل نقطة ضعف للدولة، وليس مسموحا لأي تنظيم أن يتحول الى مادة اختراق خارجي، مهما كان الثمن" على حد قوله.

ويعتبر البخيت أن "المشكلة مع الحركة الإسلامية لم تكن في اتهامات بعض رموزها للحكومة بتزوير الانتخابات، فهذا أمر اعتدنا عليه (...) المشكلة كانت في الخطاب الطارئ غير المألوف وغير المقبول الذي طغى على لغتها".

وفي باب المطلوب من الإسلاميين للعودة الى علاقتهم السابقة بالدولة من وجهة نظره، يؤكد البخيت أن عليهم "التزام تقاليد المعارضة الأردنية المرخصة والشرعية، وتنقية الحركة من الفكر الغريب ودعاته، والمطلوب احترام ثوابت البلد، وقوانينه، والابتعاد عن السلوكيات المتساوقة مع سلوكيات تنظيمات أخرى انقلابية، او غير مرخصة ولا مشروعة في بلادها".

وفي سياق آخر، يصف البخيت ما يسمى بالصالونات السياسية في الحياة السياسية الأردنية بـ "صالونات النميمة السياسية، ومجالس المستوزرين، ممن يستمرئون ترويج الشائعات، واغتيال الشخصيات، وإثارة المشاعر السلبية، وإنكار كل المنجزات لأنهم ليسوا في مواقع القرار".

ويضيف أنه شخصيا لم "يكن لدي مشكلة مع المشاغبة والمشاغبين على الحكومة، فهذا أمر مألوف، مشكلتي كانت مع الإجحاف بحق البلد ومسيرته وإنجازاته الاستثنائية، ومشكلتي هي مع حمى الشائعات التي تغتال الناس وتشهر بهم زوراً وبهتاناً".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد