حقائق موجعة في تاريخنا المعاصر
قراءة في كتاب: العرب من الفتوحات العثمانية إلى الحاضر
لمؤلفه يوجين روجان وهو محاضر أمريكي عن التاريخ الحديث للشرق الأوسط بكلية سانت أنتوني، نال عن كتابه السابق "حدود الدولة في ظل الإمبراطورية العثمانية السابقة" جائزة ألبرت حوراني. صدر الكتاب عن دار كلمات عربية للترجمة والنشر/ الطبعة الأولى- 2011 وترجمه بحرفية عالية يُشكر عليها محمد إبراهيم الجندي.
والحقيقة أقول؛ أني لم أعتد قراءة كتب التاريخ من أولها إلى آخرها، ذلك لأنه ما أن أبدأ بالقراءة حتى أصاب بالملل؛ إما بسبب الأسلوب الجاف في العرض، أو بسبب نقص المصداقية والأمانة العلمية في النقل والتي يجب أن يتحلى بها الكاتب المحايد في عرضه للمعلومات التاريخية بطريقة لا يجب أن يغلب عليها التضخيم أو التلفيق والكذب، مع تأكيدي هنا أن مسئولية ما كُتب تعود على المؤلف ولست أنا بصدد تنزيه الكتاب عن الأخطاء أبدا.
أما هذا الكتاب فلقد كان مشوقا في العرض، وبإسلوبه العصري، بالإضافة إلى الترجمة الرائعة، مما ساعدني على قراءته في فترة قصيرة نسبيا بالرغم من أنه مُكوّن من 660 صفحة من القطع المتوسط.إنه كتاب شامل وغني بالأحداث الجسام التي شهدها العالم العربي خلال ستة قرون من الزمان، ابتداءً بنشأة الدولة العثمانية، وانتهاء بالربيع العربي في العام 2011.
ولقد عرج الكاتب في فصول كتابه الأربعة عشر على تاريخ كافة الدول العربية من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب،وسلط فيه الضوء على القضية المحورية في الشرق الأوسط؛ قضية فلسطين، فكان لها حصة الأسد من العرض والتحليل. ولقد استهل الكاتب مقدمته بحادثة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير/ شباط 2005 وذلك إثر انفجار هائل في وسط بيروت، وانطلق منها ليلج تاريخ لبنان المعاصر والأحداث التي رافقت عملية الاغتيال.
ويبدو أن اختيار الكاتب لهذه الحادثة له مغزى ومؤشر على أهمية الساحة اللبنانية وارتباطها بالصراعات الإقليمية لأطراف النزاع، والتي اعتادت أن تصفّي حساباتها على الساحة اللبنانية. فهنالك المحور الإيراني السوري والذي يدعم حزب الله، وهنالك إسرائيل وتدخلاتها المتواصلة من خلال حروب التدمير والاستنزاف، أو من خلال عملائها وجهازها المعروف بالموساد. بالإضافة للدور الفسطيني الذي يعتبره بعض الأطراف اللبنانية عبئا سياسيا واقتصاديا على لبنان ويجب التخلص منه، ناهيك عن الدور الأمريكي والتركي، وختاما صراعات السلطة والنفوذ الداخلية والرغبة بالانتقام، وبخاصة من تيار المستقبل الذي يعتبر حزب الله ومن وراءه مسئول مسئولية مباشرة عن اغتيال الحريري.
وكان من أهم إفرازات عملية اغتيال الحريري، إجبار سوريا على سحب 14 ألف جندي تابع لها من لبنان في أبريل/ نيسان 2005. وكذلك ظهور قوى جديدة على الساحة اللبنانية ومنها؛ حزب
الله ودوره المتنامي في لبنان ومحيطه، وذلك بعد أن كان قد حققنصره العظيم في العام 2000، والتي أُجبرت على إثره إسرائيل للإنسحاب من لبنان.
تناول المؤلف وجهة نظر الصحفي والكاتب اللبناني سمير قصير؛ الذي تم اغتياله في العام 2005، هو والعديد من الشخصيات السياسية والثقافية البارزة في لبنان؛ حيث قال سمير أن المشكلات في لبنان هي نموذج مصغر لما يعانيه العالم العربي، ونشر مقالا قبل اغتيالهأسماه "شقاء العرب في القرن الحادي والعشرين"، وأسهب من خلاله سمير بعرض حقبتين رئيسيتين حقق فيهما العرب العظمة. الحقبة الأولى وهي التي تلت ظهور الإسلام من القرن السابع إلى القرن الثاني عشر من الميلاد، عهد الإمبراطوريات الإسلامية الكبيرة التي هيمنت على العالم، والحقبة الثانية في القرن التاسع عشر وشكلت فبه النهضة الثقافية علامة فارقة وأدخلت عددا من المجتمعات العربية عالم الحداثة، وضرب مثلا على ذلك عندما تمكنت مصر من أن تحتل المرتبة الثالثة عالميا في الإنتاج السينمائي.
ولقد أسهب الكاتب في الشرح قائلا: النظر لتاريخ العرب يجعلنا نميز أربع حقب في العصر الحديث: العهد العثماني، وعهد الاستعمار الأوروبي، وعهد الحرب الباردة، والعهد الحالي الذي يتسم بالهيمنة الأمريكية والعولمة. تخللت مسيرة تاريخ العرب طوال هذه الحقب أوقات ارتفعت فيها موجة التمتع بالسيادة والاستقلال إلى أوجها أو انحسرت إلى القاع.
يبدأ تاريخ العرب بالفتوحات العثمانية التي وقعت عام 1516 والذين دام حكمهم للعرب أربعة قرون، والتي توجتها معركة مرج دابق "تابعة لمدينة حلب السورية" بين الجيش العثماني بقيادة السلطان التاسع سليم الأول الملقب ب "العابس" ضد المماليك بقيادة قنصوه الغوري والذي مات في نهاية المعركة بعد أن سقط من على حصانه إثر إصابته بسكتة دماغية.
مَثّل غزو العثمانيين لإمبراطورية المماليك نقطة تحول كبرى في التاريخ العربي. فالمواجهة العسكرية بين حملة السيوف من المماليك وحملة البنادق العثمانيين تُعد علامة على نهاية العصور الوسطى وبداية العصر الحديث في العالم العربي، ونُقل على إثره مركزحكم العالم العربي إلى عاصمة غير عربية لأول مرة منذ ظهور الإسلام.
لينتقل الكاتب بعدها إلى تنامي قوة ونفوذ الإمبراطورية العثمانية خلال القرون الأولى، حتى بدأت الدول الاستعمارية تنازعه النفوذ ما أدى إلى انهيار الإمبراطورية التام مع الحرب العالمية الأولى، ومن ثم نهوض الحركة القومية العربية في مقاومة الاستعمار وبعد ذلك أفول نجمها. ومن أحد الفصول المهمة في الكتاب فصل "أولى موجات الاستعمار: شمال أفريقيا" حيث قال الكاتب: "إن الإمبريالية الأوروبية لم تبدأ في حثّ الخُطى بجدية لاستعمار العالم العربي إلا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر"، وذلك عندما بسطت فرنسا حكمها على تونس عام 1881، واحتلت بريطانيا مصر عام 1882، واستولت إيطاليا على ليبيا عام 1911، وتقاسمت الوصاية على المغرب كل من فرنسا وإسبانيا في العام 1912. ومن المثير للسخرية حقا أن سبب احتلال فرنسا للجزائر في العام 1827 كان بسبب أن داي الجزائر (الحاكم) حسين باشا قد ضرب القنصل الفرنسي بمنشة الذباب بسبب تجاهل الحكومة الفرنسية لرسائله المتكررة، مطالبا باسترجاع ديون الجزائر على فرنسا. ولقد تم الإسهاب في الكشف عن محاور الاستعمار الفرنسي للجزائر، لأنه يعتبر الأسوء بكل المقاييس نظرا للوحشية التي استعملها الفرنسيون لفرض إرادتهم، والتي قال فيها المؤلف: "وباستثناء الإحتلال الصهيوني لفلسطين، لم يشهد الشرق الأوسط استعمارا استيطانيا يشبه الإحتلال الفرنسي للجزائر إلى أن تمكن الشعب الجزائري لاحقا-بعد مليون شهيد- من طردهم واسترجاع حريته المسلوبة طوال 132 عام، وذلك في سبتمبر 1962.
ولقد ركز في نفس الفصل على إنشاء أول برلمان مصري (مجلس شورى) في العام 1866 من قبل إسماعيل باشا، ثم بروز نجم الضابط المصري العربي أحمد عرابي وثورته الشهيرة ضد الخديوي وبريطانيا وإنشائه للحزب الوطني في العام 1881، وما تبع ذلك من إحتلال بريطانيا لمصر والذي استمر لما يقارب ثلاثة أرباع قرن. وقد تم إبعاد عرابي بعد هزيمته في معركة التل الكبيرإلى جزيرة سيلان ثم عودته لمصر معتزلا للسياسة كليا إلى أن مات.
وفي مكان آخر أشار الكاتبلوعد بلفور الذي صدر في 2 فبراير من العام 1917 وكان الشرارة التي انطلقت منها الثورات العربية المتتالية، والتي امتدت حتى ما بعد منتصف القرن العشرين؛ مرورا بالحربين العالميتين، وما تبعها من فرز قُوى جديدة على الساحة العالمية ما بين شرقية وغربية، وانطفاء نجم الإمبراطورية العثمانية تماما. وتبع ذلك الحروب العربية الإسرائيلية المتتالية في الأعوام 1948 و 1956 و 1967 ونصر أكتوبر في العام 1973. ومن ضمن ما طرحه الكاتب في الفصل الرابع عشر (ما بعد الحرب الباردة) قال: "بعد قرابة نصف قرن من التنافس بين القوتين العظميين وضعت الحرب الباردة أوزارها فجأة عام 1989". تم ذلك من خلال الإصلاحات والتنازلات التي قدمها الرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف، ثم انهيار سور برلين في نفس العام، وبروز القطب الأوحد في العالم؛ الولايات المتحدة الأمريكية، وما أفرزه ذلك من نتائج لا زالت ظاهرة للعيان حتى أيامنا هذه.
وأضاف المؤلف في آخر الكتاب ملحقا خاصا بأحداث الربيع العربي في العام 2011 بعد عقد من الزمان كان العالم العربي يعيش فيه في أزمة إثر الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول من العام 2001 على الولايات المتحدة الأمريكية. ووضعت تلك الحادثة العرب تحت ضغط هائل لم يسبق له مثيل، فقد تمخضت الحرب التي شنها الغرب باسم "الحرب على الإرهاب" عن حربين شاملتين في أفغانستان والعراق. وسلط المؤلف الضوء على بداية الربيع العربي مع حادثة وفاة محمد البوعزيزي في مدينة سيدي بوزيد في تونس إثر الصفعة التي تعرض لها من سيدة تمثل النظام، لتكون شرارة البداية للثورة التونسية لتلحقها تباعا كل من الثورات في اليمن ومصر وليبيا.
وأفضلية الكتاب من وجهة نظري ليست في صدق معظم الأحداث فقط، ولكن بطريقة عرضها وربطها ببعض. وكما ستلاحظ أخي القارئ أيضا أن الكاتب استشهد كثيرا برأي الساسة العرب في القديم والحديث في كتابة التاريخ مستعملا كلماتهم نصا وروحا. وهنا لا بد من التأكيد على أن تغطية الأحداث التاريخية العديدة في ستة قرون سيكون من العبث طرحها في مقال أو مقالين، لذلك حاولت أن أسلط الضوء على بعض الأجزاء من باب سرد الأحداث وليس من باب تصنيفها كأحداث أهم من غيرها.
كتابٌ أقل ما يوصف به بأنه أفضل كتاب قرأته عن التاريخ الحديث، ومع تحفظي الشخصي على بعض الأحداث التاريخية التي تناولها وبخاصة تلك التي رافقت إحتلال دولة الكويت من قبل نظام صدام حسين، والتي تحتاج لتوضيح من أحد المؤرخين أو رجال السياسة، ذلك أني كنت أحد الذين عايشوا الإحتلال يوما بيوم، وما رافقه من أحداث في العام 1990،إلا أنني أتمنى أن يقرأ هذا الكتاب كل من لديه رغبة في معرفة كيف تعلو الأوطان وترتقي، وكيف تزول وتندثر.
وصدق الشاعر أحمد شوقي حين قال:
وما نيل المطالب بالتّمني ولكن تُؤخذ الدنيا غِلابا
تقرير حالة الطقس في الأردن حتى الأحد
فنانة مصرية متهمة بقتل زوجها والنتيجة ..
توقعات برفع أسعار السجائر محلياً
إصابة 4 إسرائيليين بإطلاق نار على حافلة جنوب القدس
تفاصيل الحالة الجوية نهاية الأسبوع
الريادة في التطوع: ملتقى التطوع الأردني 2024 يعزز العمل المجتمعي
إنهاء تكليف معلمي الإضافي ومدارس السوريين بهذا الموعد
طريقة تحضير عجينة الطعمية في المنزل
طريقة عمل البطاطس المحشوة باللحمة
حملة ضد محتوى هابط: ضبط تيكتوكر عراقي شهير
الملك يهنئ السعودية والمغرب باستضافة كأس العالم 2030 و 2034
وظيفة بائع في المؤسسة الاستهلاكية المدنية .. أسماء
الحالة الجوية المتوقعة للأيام الثلاثة القادمة
الأردن .. موعد إصدار جوازات السفر إلكترونيا
مهم بشأن موعد تعيينات العام 2025
وزارة الطاقة:اكتشافات معدنية في المنطقة الشرقية من الأردن
مهم للأردنيين الراغبين بأداء فريضة الحج
كهرباء إربد تدعو مرشحين للامتحان التنافسي .. أسماء
236 معتقلاً أردنياً في السجون السورية .. أسماء
جثث معتقلين بسجن صيدنايا وحديث عن مشاهدة موسى الصدر .. فيديو
إبراهيم القاشوش يستعيد صوته من قبره: يلا ارحل يا بشّار .. فيديو
إقبال كبير على شراء الزيت في مهرجان الزيتون
انهيار النظام السوري .. تداعيات السقوط المحتمل على المنطقة
أبو هنطش مديرا لإدارة الاستثمار في الديوان الملكي