أحداث معان واقع وتأملات

mainThumb

27-04-2014 12:11 PM

بادئ ذي بدء أتمنى من الله أن تحقن الدماء في مدينة معان وأن يتمكن أصحاب العقل والمنطق من احتواء هذا الموقف المتفجر الذي قد يقود البلد بأكمله لانفجار ، ومدينة معان كانت دوما السباقة لكل عمل وطني وقومي خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة .

 كانت معان قلب الأحداث ولا سيما بعد أن فجرت انتفاضة نيسان المجيدة عام 1989م ، وأقالت حكومة الرفاعي الأب ، ولذلك الحل ألأمني لن يكون مجديا في معان حتى ولو نجح مؤقتا لأن الحل أعقد من ذلك بكثير وهو سياسي بالدرجة الأولى واقتصادي بالدرجة الثانية ، إن الحل الأمني الذي يدعو إليه بعض أطراف النظام فيه مخاطر لا يعلم أحد مداها ، نعم هناك أخطاء وجماعات ظلامية تكفيرية ولكن لماذا وجدت في مدينة معان بشكل خاص ملجأ لها ، لأن هناك وببساطة تهميش كبير لهذه المدينة بكل شيء والنظام الأردني مديونا لها ، وكانت مدينة معان طليعة من أيد ما يسمى بالثورة العربية الكبرى ،الذي يبني النظام شرعيته على أساسها وبأنه الوريث الوحيد لها .


ولكن لماذا هذه الروح الثائرة لدى الأخوة من مدينة معان ، هناك أسباب كثيرة لذلك، أهمها تجاهل الحكومات لهذه المدينة ومعاناة أهلها حيث لا يوجد مؤسسات ولا شركات ولا مصانع ،رغم قربها من مدينة العقبة العاصمة الاقتصادية للأردن ، وبقيت مدينة معان مهمشة رغم موقعها الجغرافي والحدودي المهم مما خلق للكثير من أهلها ردة فعل تأتي على شكل عنف أحيانا وللأسف أوجدت تلك الظروف أيضا أرضا خصبة للإرهاب  والخارجين عن القانون ، وهذا يتحمل مسئوليته كل الحكومات المتعاقبة ،حكومات القهر والظلام التي تجاهلت أهالي معان وتعاملت مع هذه المدينة التي يزيد سكانها عن مائة ألف نسمه ، وكأنهم جميعا خارجين عن القانون وهذا غير منطقي ولا يخدم إلا المتربصين بهذا الوطن .

إن مدينة معان اليوم تمر في أزمة صنعتها حكومات وادي عربه التي لا يهمها من الوطن أكثر من الدوار الرابع ،إن الانتفاضة في معان ليست انتفاضة عشيرة أو قبيلة ولكن انتفاضة مدينة بأكملها ورئيس البلدية عندما أعلن الحداد وتنكيس الأعلام  على مقتل أحد أبناء المدينة ، فعل ذلك تعبيرا عن ضمير المواطنين في تلك المدينة التي نرى الكثير من مدّعي الحكمة ومنهم رئيس حكومة سابق يحاول بكل وقاحة سياسية المزايده على أهالي معان ، رئيس الحكومة إياه لا ينسى أن هذه المدينة الباسلة هي من اسقطت حكومة أبيه عام 1989م.

إن أحداث معان أثبتت أن هذه الحكومة ووزير داخليتها الهمام هي حكومة أزمات وليس العكس ، إن وزير الداخلية تعامل مع أهل معان كما تعامل مع اعتصام موظفي مؤسسة الموانئ الأخير ، عندما عقد اجتماعا  أشبه ما يكون بمجلس الحرب من أجل عمال بسطاء مع أن القضية كانت أبسط من ذلك بكثير ، وفي أزمة معان نرى الوزير يميل بشدة للحل الأمني وكأنه قادم على هذا البلد من جزيرة الواق واق ، وهو يتكلم بعقلية عرفية تعود لخمسينات القرن الماضي .

ولذلك نتمنى من العقلاء في الدولة الأردنية وفي مدينة معان خاصة احتواء هذا الموقف وإيجاد حل دائم ومقبول ، أما  اعتماد الحل الأمني يعد  لعب في النار وتصرف أحمق قد يقود الوطن كله نحو المجهول ، وما هو مؤلم أن نرى بعض المزايدين على أهلنا في معان بدلا من محاولة فهم الواقع يدفعون الأمور نحو الانفجار .


نحن مع فرض هيبة الدولة ولكننا لم نرى هذه الهيبة ولم تفرض إلا بعد محاسبة رموز الفساد والإفساد وعلى رأسهم لص الفوسفات  الهارب وليد الكردي وغيره الكثيرون  وفرض هيبة الدولة لا يأتي أيضا بالحكم البوليسي ولكن يأتي من خلال روح القانون والمحاسبة وما أوجد أرضا خصبة للإرهاب في الأردن  هي الحكومات التي همشت الوطن كله وكان لمدينة  معان النصيب الأكبر من الإهمال والتهميش وأخشى ما نخشاه أن هناك أطراف من النظام تحاول جر الوطن نحو المجهول لذلك نقول انتبهوا أيها العقلاء الوطن في خطر .

حمى الله الأردن أرضا  وشعبا ولا عزاء للصامتين



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد