العائلة - النظام والعائلة - الدولة - 1

mainThumb

16-04-2014 11:49 AM

  مثلت في العصور القديمة صيغة المدينة – الدولة,الشكل الأولي لتكون الدولة بحجم المدينة التي مارست السلطة باستقلالية,ثم كان تشكل الأمة – الدولة في مراحل لاحقة أملتها أوضاع بأسباب ذاتية وأخرى موضوعية مختلفة,وأدت الحروب والغزوات التي خاضتها الدول المغامرة إلى تشكل الامبراطوريات بتعددية قومية وأممية التي شهدها التاريخ الإنساني عبر مختلف الحضارات الإنسانية.

وقد اعتمدت الدول المختلفة أيدولوجيات سياسية وعقائد اجتماعية – اقتصادية عديدة متناقضة في أهدافها متضاربة في وسائلها شائكة الفهم في مقاصدها,فكانت لكل منها تجربة أغنت التراث الإنساني بما أنجزته كل منها في مراحل زمنية شهدت صعودها وازدهار شعاراتها وما انطوت عليه من معان أرادت من خلالها قولبة المستقبل وتشكيله تبعا لأهوائها وتوقعاتها. ولكن لم يكن مسار تاريخ كل التجارب متجاوبا  مع الخطط والبرامج التي صاغتها كل تجربة لتأكيد نظرياتها في الحكم وفي الوصول بالإنسان إلى أعلى مراتب الحياة   الرغيدة والمستقرة.وقد آل مصير الامبرطوريات بشكل خاص,وبعض القوى الطامعة ,كما هو منسجم مع منطق التاريخ إلى الأفول وبعضها إلى المرور بمرحلة الانطواء على تراثها لتنتعش حيويتها في مرحلة أخرى يجدد الإنسان  فيها نفسه ويعيد عجلة التاريخ إلى مسار ممنهج مع التحول الطبيعي لمسار التغيير في كل مناحي الحياة,الذي يأخذ طريقه دون إعاقة,أو تردد وبتسارع منتظم.

    
وعلى الرغم من أن تشكل الدول (والامبراطوريات) بمختلف أشكالها جاء نتيجة عوامل دفاعية وأمنية في أهم أسبابه,إلا إن ذلك لم يقلل من شأن العوامل الاقتصادية,والجيو-سياسية, والتوافقات الاجتماعية,والدوافع الدينية,والتواؤم الفكري,والعقائد الأيدولوجية والشعارات الحزبية,دون إهمال لدوافع طغيان القوة والبحث عن العظمة التي راودت نفوس المغامرين من الأبارة, التي شكلت ضرورة استكمال عناصر قيام الدولة وعوامله التي تؤدي إلى استقرار المجتمع والتجاوب مع متظلبات البقاء والاستمرار.

    ومن غير المتوقع,لم نألف في أدبيات السياسة وفي فكر نشأة الدولة وتكونها,موضوعات معرفية كانت أو وصفية تتطرق لأوضاع ما يمكن أن نصنفه بالعائلة – الدولة بشكل مفصل على الرغم من المعنى الأولي الذي قد  ننتفع من معناه وجود الملكيات الحاكمة التي شهدتها أوروبا منذ القدم وما زالت ماثلة أمامنا في العديد من الدول المعاصرة,التي ربما ينطبق عليها وصف    العائلة – النظام التي تمثلها النظم الملكية الوراثية,التي ميزت في السلطة أنواعها المختلفة واختارت بعضها أن تتجاوب مع متطلبا العصر وتقلباته الوظيفية وتغيرات الواقع والتطور الفكري الذي يبني الأسس العامة للسياسة ولإدارة  شؤون الناس بأشكال من الديمقراطية تتناغم وأسس الحداثة والاستجابة لضرورات المشاركة في صنع القرار,وعلى التوافق بين مكونات المجتمع التعددي,الدينية والثقافية والتراثية والحزبية والعقائدية والمهنية والرغبوية والرؤى الواعدة والمنظور المستقبلي لدى كل منها.

     أدركت العقول البشرية المتنورة منذ القدم أن التماهي مع الطبيعة في وصفها الظاهر,وفي دوراتها المنتظمة وفي ترابط عناصرها وعواملها يشكل مدخلا  آمنا  نحو تحقيق الذات,ووسيلة الترقي في المجتمع الإنساني,وكانت التعددية    التي خلق الله الكون عليها (ممالك الحيوانات, ممالك النباتات,وممالك البشر كذلك ....) مدخلا  آمنا  لاعتماده كأساس من أسس الاستقرار الاجتماعي,الذي يشكل الشرط الضروري والكافي لمسيرة الإنسان  نحو التعلم واكتساب المعرفة ومراكمة الخبرات وسمو أهدافه,بما يحقق النفع لكل مكون من مكوناته,ولكل فرد فيه,لأن السلام مع النفس إكرام الخالق للذات البشرية,والمحبة وهي جوهرالأديان,إكرام الخالق للمجموع  حيث الكل يحب الكل والكل يحب الواحد والواحد يحب الكل,وإسباغ روح الإيثارالمتبادل على السلوك الفردي وعلى السلوك العام في مجتمع   التعددية والديمقراطية والحرية.

    ومن الطريف بما يمكن لنا أن نصنفه من الغرائب السياسية أننا شهدنا      بأم أعيننا الخطط الناعمة التي مهدت لها,والمحاولات المباشرة السلسلة في بعض النظم العربية بأشكالها الجمهورية ( والجماهيرة المنفردة في تاريخ الدولة ومؤسساتها) ميلا  شديدا  على توريث الحكم للأبناء والأحفاد,ضاربين بمفاهيم السياسة الحديثة ونظمها المتداولة عرض الحائط,متجاوزين وعي المواطنين المتنامي والمتمرس متحدين مشاعرهم الوطنية متجاوزين دورهم في المشاركة في هيكلة المواقع السيادية وهيئاتها ,وتداول  السلطة ضمن الأسس الدستورية,وفي رسم السياسات التي تؤثر على مصائر الناس ومستقبلهم وفي تقرير مسار الوطن في عصر التنافسية والسباق الحضاري التي تؤهل العقل    إلى مواكبة التغيير وتطور الفكر وتنامي الابتكارات في استدامة التنمية الشاملة ,التي أصبحت من ضرورات تأمين استقرار الدولة,وتأمين احيتاجات المواطنين الأساسية والسيادية كذلك.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد