يقظة الضمير القومي

mainThumb

12-04-2014 03:18 PM

بعدما شهدته الدول العربية من مآس ومتاعب وخراب وتدمير مادي ومعنوي    لقيم الأمة العربية  كأمة من الأمم التي صنعت حضارة لعبت دورا مباشرا  في بنى الحضارات الإنسانية,وعملت على تهديم بنى أقطارها التحتية وتليث بناها الفكرية ,وما آلت إليه حال مواطنيها من تقتيل شنيع وترحيل قسري,وتهجير بالتخويف والتهديد بالقتل والاغتصاب .

وما ألحقه النهب والسلب للممتلكات العامة والخاصة في بيوت الناس ومنازلهم وفي المؤسسات العامة الرسمية والجامعية والطبية التي جاء بكل هذه الأهوال ما أطلقت عليه القوى الاستعمارية ( الربيع العربي) الذي خططت له ودربت أتباعها على وسائله,وأمدت أنصارها بالسلاح مدفوع الثمن من النظم العربية التي استوطنتها القواعد العسكرية,ومكاتب الاستخبارات ومراصد التجسس والتخابر,وقيادات التوجيه والإعداد لعمليات الترويع والتهديم,والمشاركة المباشرة لقواتها الجوية في إتمام عمليات الردم   وقتل المواطنين دون تمييز,بعد كل ما حدث وما يزال يجري في سوريا,من  مأساة عربية استهل بها التاريخ قرنه الجديد لتفوق على كا ما سبقها من مآس شهدتها مختلف دول العالم وشعوبه,في الماضي فتعلمت منها أهم دروس التاريخ لترسخ وعيها على مواجهة مخططات الأجانب والغرباء دون هوادة أو تهاون,فاستقرت أممها وتمكنت من التطور والتقدم وباء قواها الداخلية    باستقلالية وحرية.

حمل (الربيع العربي ) معه عودة بعض القوى والزعامات العربية إلى مرحلة ما قبل الوعي البشري عندما كان الفرد يظن نفسه إنه يملك العالم من حوله, فيلجأ إلى القوة ومصادرها المتوفرة له أو الموفرة له ممن أرادوا له أن يظل على ما هو عليه من جهل وعناد وفقد القدرة على تمييز مصالحه من خلال التعاون والتعاضد مع أقرانه ومع جيرانه.فاستمرأ اللجوء إلى القوة والعنف لردع الآخرين ومنعهم من مشاركته في أي جهد أو موقع,فظلت حياته أسيرة أنانيته التي أفقدته القدرة على الاستمرار في بغيه وجهله,وخسارة كل ما ملك أو حاز عليه نتيجة ذلك الجهل.

وتجلت مرحلة ما قبل الوعي البشري,في تلك القوى المختلفة المصالح والأهداف التي رأت في المشاعر القومية ووشائجها الانتمائية خطراً مباشرا عليها وعلى مصالحها الاستئثارية التي أتاحت لها الظروف تبديد ثروات طبيعية وأموال طائلة في اللهو والتخصيص العائلي وشراء الذمم والضمائر,واستغلال حاجات الفقراء,ونهم الطماعين,وشهوات عبيد المال في إثارة الفتن التي استهدفت الانتماء القومي وعمدت إلى خلع المواطن العربي من جذوره التكوينية ,ومن محفزات نشأته الوطنية, ومن خلفيات تراثه التاريخية وثقافتها التي أذكتها المشاعر القومية,ليصبح الإنسان العربي في حالة من الضياع الذي لا يجد الفرد فيه نفسه ملزماً بأي عامل من عوامل الانتماء الذي يضع الفرد في مساقات من المسار التاريخي تنتمي إلى منجزات أمة,والأمة منذ نشأت المدينة –الدولة كانت القوة النابضة في صراع الحضارات,وفي منافسة السباق نحو التقدم والترقي, أما تلك القوى فقد عملت تدعمها مراكز العداء الحضاري المزمن من عواصم الدول الامبريالية على إحلال صيغة العائلة – الدولة في المرابع العربية بشكل خاص, فكان من الطبيعي أن تقوم مثل تلك (الدولة - الدويلة) على معاداة القومية وما تلتزمه قيمها من ولاءات وانتماءات لا تستقيم مع رغبات تلك العائلات التي تبدد ثروات قومية طائلة دون حساب أو رقابة أو محاسبة من شعب أو ضمير.

أما وقد استيقظ وعي الأمة بعد أن أدركت قواها المخلصة للوطن ومصيره ومستقبله,ليميز هذا الوعي أن المسار الذي أرادت تلك القوى بمناصرة من الامبريالية ودعمها وتجيهزها بوسائل الإعلام والتدريب على التصدي لقوى الوطنية والقومية أن تسوق بيدها مصير الأمة من خلال شعارات عشوائية  تتجاوز القيم الوطنية وتقفز إلى مجاهل الأممية والعودة إلى العثمانية,إلى مصير يفقد الوطن العربي خصائصه الذاتية ليقع في مزيد من الإنهاك والتحلل والتفتت,كما حدث في السودان,وفي ليبيا.واستطاعت القوى الشعبية الذي استيقظ ضميرها القومي ,في مصر,وفي تونس,وفي االحرب الدائرة في سوريا,من التصدي لتلك القوى بكل بسالة وبشجاعة المواجهة أحبطةت وضع التدهور في القيم الوطنية وأخلاقياتها,واستعادت زمام المبادرة,وأحيت في الأمة الأمل المنشود في تحررها وسيادتها على أرضها واستقلال قرارها الوطني.


وكما سبق أن أشرنا,في مقال سابق نشرته جريدتنا الإلكترونية السوسنة إلى أن الانتماء القومي ليس خيارا  هو قدر لكل من ينتمي إلى قوميته,والولاء للقومية يستدعي ولاء وطنيا  لا شائبة غريبة أو دخيلة أو طامعة تشوبه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد