( المنون ) هو الدهر ..

mainThumb

09-04-2014 07:37 PM

كلمة ( المنون ) كثيرٌ من المثقفين بل من المختصين في اللغة يذهب الى أنها جمعٌ لكلمة ( المنية ) اي الموت ...!!

ولكن الصواب عند المحققين أنها بمعنى ( الدَّهر ) وهذا ما أيَّده العلامة المحققُ ابن قتيبة في كتابه الفَذِّ ( تأويل مختلف الحديث ) حيث قال عند قول أبي ذؤيب الهذلي في تَوَجُّعِه من صروف الدهر وريبه ...:

أَمِنَ المنونِ وَرَيْبِه تتوَجَّعُ

..... والدَّهرُ ليسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ

قال ابن قتيبه ( 293 ) هكذا أنشدنيه الرياشي عن الاصمعي عن ابن أبي طرفة الهذلي عن أبي ذؤيب ، والناس يروونه ( وريبها تتوجع ) ويجعلون المنون : المنية ! وهذا غلطٌ ، ويدُلُّكَ على ذلك قوله : ( والدهرُ ليس بمعتبٍ من يجزع ) كأنه قال :

أَمِنَ الدهرِ وريبه تتوجَّعُ

..... والدَّهرُ ليس بمعتبٍ من يجزعُ .

وقال تعالى : ( نتربَّصُ به ريبَ المنون ) أي : ريب الدهر وحوادثه ... )

الى هنا انتهى كلام العلامة ابن قتيبة – رحمه الله – وهو كلامٌ في غاية الوضوح والدقة أنَّ ( المنون ) هو الدهر لا غيرَ .

والعربُ تقول : ( لا ألقاك آخر المنون ) أي : آخر الدهر .

ومما يُقَوِّي ما ذهب اليه ابنُ قتيبة قولُ المخبَّل السعدي :

أَلَمْ تَعْلَمي يا أُمَّ عمرةَ أنَّني

..... تَخَطَّأني ريبُ الزمانِ إلا كِبَرا .

فريبُ المنون هو ريبُ الزمان أي : حوادثُ الدهر ...

وهذا فروة بن مُسَيْك المرادي – رضي الله عنه – يتوَجَّعُ من صروف الدهر وتقَلُّبِه :

كذاك الدَّهْرُ دولتُهُ سِجَالٌ

..... تَكِرُّ صُرُوْفُهُ حيناً فَحينا

وَمَنْ يُغْرَرْ بريبِ الدَّهْرِ

..... يَجِدْ ريبَ الزَّمانِ به خَؤُوْنا

إذا ما الدَّهْرُ جَرَّ على أُناسٍ

..... كَلَاْكِلَهُ ، أَنَاْخَ بِآخَرِيْنا

فريبُ الدهر في أبيات فروة واضحة المعنى فهي صروف وحوادث الدهر لا غير ...

وكذلك جاء في شعر الحارت بن حِلِّزَة :

فَضَعي قِناعَكِ إنَّ ريبَ

..... الدَّهر قد أفنى مَعَدَّا .

أي : أن صروف الدهر أفنتْ مَعَدَّا وهو جدُّ العرب ...!!!

وهذا على معتقد الجاهلية ، لأنهم كانوا ينسبون الحوادثَ للدهر، كما قال عنهم ربُّنا :

( وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموتُ ونحيا ، وما يُهْلِكنا الا الدهرُ وما لهم بذلك من علمٍ إنْهم الا يَظُنُّون ) .

وبهذا المرور السريع يتبيَّنُ لنا أن ( المنون ) هو الدهر، وليس اسم جمع للمنية كما ذهب اليه بعض الناس ، ويكون قولُ ابن قتيبة صوابا .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد