صباح الخير يا مولاتي

mainThumb

22-03-2014 01:57 PM

الأمومة عالم غريب لا يعرف معناه إلا الأمهات تبدأ قصتها عندما تحمل الأم جنينها داخل أحشائها و تكون في غاية السعادة رغم تعبها و ألمها على مدار تسعة أشهر و لا تكتفي  بحمله في أحشائها بل تفرح لحظة الولادة كونها ستخرج جنينها الى حيز الوجود رغم ألم المخاض و رغم المشقة و تعب الولادة تنظر الى مولودها وهي مبتسمة ابتسامة مرهقة و تغط بعدها في النوم وهي لاتزال تفكر فيه.

أمر الأمهات غريب هي أيضا لم تكتفي بعناء الحمل و الولادة  و تدع تربية طفلها لشخص أخر ، بل ترفض أن يربيه سواها هي وحدها من تتحمل عناء التربية، هي وحدها من تسهر ليلها لينام أطفالها ، وحدها من تنتزع اللقمة من فمها لتضعها في فم أبنائها ، هي من تحرم نفسها من متع وملذات الدنيا ليفرح أبناؤها و تسعد كل يوم و هي تراهم يكبرون أمام أعينها.

من منا رأى عيني والدته تودعه عند خروجه من المنزل وهي تتابع خطواته و تدعو الله ان يعيده لها سالما و ما أجمل السعادة في عينيها وهي ترفع رأسها للأعلى تناجي الله و تشكره على استجابته لدعائها بأن رد لها ابناءها بالسلامة .

كل هذا وتقابل بعض الامهات بالجحود و نكران الجميل ، ما أن يكبر ابنها حتى ينسى كل المراحل التي ذكرتها سابقا و تصبح أمه عبارة عن امرأة قامت بتربيته فقط ، يذكرها في يوم الام إن تذكر هذا اليوم .

و أحيانا تصبح هذه الأم عبئا عليه إذا كبرت و احتاجت الى رعاية ، لتصبح دور الرعاية أولى بها ، عجبا لهذا الجحود من كانت تربي و ترعى، تسهر و تعلم و تبني بيديها أجيالا  تصبح عبئا! أو أن تترك وحيدة في بيتها دون أن يتكلف أبناؤها عناء الزيارة ، فمن أي عجينة تشكلوا هؤلاء ناكري المعروف .

كيف يجرؤ على إنزال دمعة من عيون والدته وهي التي راعته و كانت تتألم عندما يبكي ، كيف يصرخ في وجهها وهي التي ربت و كبرت ، كيف يهملها و يجري  يلهث خلف فتاة ليتزوجها فتنسيه أمه .

ليست الأم وحدها معنية في هذا بل الأب الذي تعب خارج المنزل ليعمل و يجمع المال الكافي ليؤمن به المسكن و الملبس و المأكل ألا يستحق التكريم أيضا ، الأم و الأب الاثنان في كفة واحدة لهم حبنا وتقديرنا و احترامنا .

بعض الأبناء لا يذكر والده لأسباب عده منها سفره أو انفصاله عن والدته و غيابه البعيد أو قد يكون لسبب وفاته ، أي كانت الأسباب فهو يبقى أبا.

هناك أبناء جحدوا و أنكروا فضل أمهم و أبيهم أذكر قصة بهذا الخصوص ، حكاية سيدة ورجل  عملوا جاهدين ليبنوا مستقبل أبنائهم، باعت الأم  كل ما لديها من قطع ذهبية لتعلم ابناءها و تسفرهم ليشقوا طريقهم، لكن للأسف ما أن سافر هؤلاء الأبناء حتى نسوا هذه الأم و جهد الأب، بدأوا العمل وجمع المال، في حين أن الأم و الأب ما عادوا يملكون كسرة خبز يقتاتون بها، فاضطر الاب للخروج و العمل كعامل في رصف الطرق ، يعود الى بيته منهكا وهو رجل كبير لا يقوى على العمل الشاق ، وعملت الام في التطريز رغم ان نظرها لم يعد يساعدها للقيام بهذا العمل .

و بعد مرور أعوام عاد الابن الأكبر يجر أذيال الخيبة بعد ان فقد جميع أمواله مع رفاق السوء ، و جلس في بيت والده يأكل و يشرب دون أن يكلف نفسه للخروج و العمل لمساعدة الاب و الام ، بل اكتفى باصدار الاوامر ،لمن برأيكم؟اجل  للرجل الذي رباه و الام التي حملته في احشائها و تعبت عليه حتى يكبر ، ليتها توقفت المسأله عند الابن الاكبر ، فقد عاد الابن الاصغر بخيبة الامل أيضا .

و بعد جهد وبحث طويل وجد الابناء  عملا  و بدأوا يكسبون المال و أصبح ضروريا أن يتزوجا ، الابن الأكبر تزوج بامرأة تليق به الاثنان على نفس الشاكلة بالطباع ، لكن المتضرر الوحيد من هذا الزواج هو الأب و الأم فهما لن يكتفيا بتحمل ابنهما بل يجب ان يتحملوا الزوجة ايضا التي بدأت تعذب الام و الاب ، تحاول بشتى الطرق ان تخرب كل ما حولها و تعمل بالمثل الذي يقول "ضربني و بكى و سبقنى و اشتكى"و ياتي الابن يصرخ في وجه امه و أبيه حتى يرضى الزوجة ،كل هذا و الام و الاب صابرين ، حتى ذهب هذا الابن للعمل في محافظة أخرى، وهنا ارتاح الاثنان من هم هذين الزائرين الثقيلين.

و لم تدم راحة البال الابن الأصغر ينوي الزواج بعد ان عثر على عمل و اصبح لديه راتب شهري، ولكنه فكر جيدا لماذا لا يقوم بتقسيم منزل والده حتى يتزوج فيه ، وهنا أخذ القسم الأكبر و ترك لأمه و ابيه غرفة بمنافعها ووضع حواجز وغلق عليهم كل المنافذ حتى تعبت الام و توفت ، وتركت زوجها يقاسي فراقها و الوحدة التي يعيشها ،و مع هذا وذاك لم يفكر الابن الذي يفصله عن ابيه صور من صنع يديه طبعا ان يذهب لتفقد ابيه بل كان يخرج مع زوجته و أبنائه ووالده يجلس امامه دون ان يبذل عناء القاء التحية .

كان لهذا الرجل  ابنة لم نذكرها خلال الاحداث لان البنات مهمشات في هذا المجتمع فدائما ينظر المجتمع للمرأة التي أنجبت بنات بأنها لم تنجب،يكتفون بانجاب الذكور ، ولن نتحدث طويلا حول هذا الموضوع لانني أرى أنه بحاجة لمساحة أطول سنطرحه في مقال آخر .
الأب اصبح يزور ابنته و يجلس مع احفاده و يشعر بالسعادة معهم ، كان يشعر بفرق كبير بين اقامته عند ابنته التي كانت تهتم بغسل ملابسه و صنع أطيب طعام لوالدها و اسعاده بكل ما أوتيت من قوة و بين اقامته مع ابنائه و زوجاتهم. لم يكن يطيل الاقامة في بيت ابنته حتى لا يمل أحد منه و يعود الى الغرفة المظلمة،   وبدأ الاب يجلس ويفكر مع نفسه، لو كان وحيدا ولم ينجب أولاده او لو اكتفى ببنته الم يكن افضل له، ظل الاب يقاسي و يعاني حتى مرض و مات .

وبعد موته لم يشعر الابناء بتانيب الضمير ،بل أصبحوا الأخوة الأعداء.

كيف سيعاملهم أبناؤهم عندما يكبرون ؟ سؤال ساترك اجابته لكم و كل منا له أخطاؤه لكن من اصلح من أخطائه نجا و من بقي على عماه هلك .


nuha_so1@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد