ثورتا مصر بعثرتا مخططات الهيمنة

mainThumb

11-02-2014 07:56 PM

مصر دولة مؤثرة,قول لا جديد فيه,وليس هو بمجرد مديح أو ادعاء متبجح, لأن التاريخ بمراحله المختلفة يشهد لمصر بدورها الحضاري منذ القدم,ودورها السياسي على ثلاث مستويات.المستوى الدولي (أقل ما يقال في هذ الصدد أهمية قناة السويس على سبيل المثال),والمستوى الأفريقي,ومستوى الوطن العربي وجواره (تركيا ,إيران,ودول شواطئ المتوسط).وتأثبر أي دولة لا يقتصر على دورها السياسي,والتجاري والاقتصادي,ويشمل بكل تأكيد التأثير العلمي والأدبي والثقافي والفني والمعنوي كذلك.

    لم يعد الدور الذي تؤديه السياسة الأميركية في المنطقة العربية بشكل خاص.وفي منطقة الشرق الأوسط إجمالاً سراً من الأسرارالسلوكية الغامضة المستعصية على التحليل والفهم,فهي سياسة معلنة بكل صراحة منذ أمد بعيد,وتعود علانيتها غير المعهودة عادة,إلى الاستهتار بقوة الخصم وشأنه,واعتباره خصماً افتراضياً ,على الرغم من إنها سياسة  خاضعة لاستراتيجية مركزية  في السياسة الأميركية,وقد رتبت  له ترتيبات إدارية وعسكرية واقتصادية سخية وكثيفة كي تظل المنطقة تحت النفوذ الأميركي المباشروغير المباشر والإيحائي والإيمائي والحمائي لأنطمة حكم في المنطقة مرتبطة بمعاهدات واتفاقيات تقيد التوجهات الوطنية وتحبط آمال التحر والاستقلال.

    كل تلك الجهود المبذولة سياسياُ والإمكانيات الموضوعة عسكرياً والميزانيات السخية مالياً وسلعياً,ليست فقط,ولا يمكن أن تكون فقط, لغاية حماية الاحتلال الإسرائيلي,ودعم سياسات الاستيطان والتوسع الصهيوني في المنطقة,والسيطرة على منابع البترول وتجارته,وإنما من الواضح أن كل تلك الترتيبات مسخرة كذلك بالإضافة إلى حماية قوة الاحتلال الصهيوني ومنابع النفط, لدعم الجهد المضني والهدف الكبير,الذي تبذله الخطط الأميركية المتواصلة في الاحتفاظ بتفردها كقوة وحيدة في العالم. والتأثير على أحداث العالم شرقاً وغرباً,شمالاُ وجنوباً وتوجيه مسار هذه الأحداث بما يكفل لها تحقيق هذا الدور المتفرد والحفاظ على مصالحها دون تعقيد.فما جرت تسميته بالشرق الأوسط ليس مكاناً تطمع أميركا بثرواته الطبيعية والبشرية فقط,وإنما لأنه بكل تأكيد بالوقائع التاريخية وتراثها المتراكم في الذاكرة الإنسانية منبع الأديان السماوية وموقع انطلاقها إلى أنحاء العالم ,وهي مهد حضارات  تعددية أصيلة وعريقة بفكرها,عالمية الطابع بثقافتهاغنية بقيمها الإنسانية والأخلاقية تحدثت عنها منجزات التاريخ ورواياته وما زالت نشكل بمنجزاتها العديدة أحد ركائز الحضارات الحديثة.

    وهي,أي المنطقة التي جرت تسميتها بالشرق الأوسط, بتراثها الحضاري مصدر إلهام للعبادات الإيمانية التوحيدية التي اختصتها السماء بها, وومنشأ للحريات الطبيعية منها والقانونية للإنسان ومحرض على التحرر من القيود الفكرية والعبودية والارتماء في الأحضان الأجنبية,ومحفز معنوي لأبنائها تحثهم على أهمية استعادة الدور الحضاري الذي يليق بأهلها ومواطنيها وارثي تلك الحضارة وأحفادها.وهي بذلك منطقة غنية ببذور قوى تحررية,وثروة بشرية يستنير وعيها بتاريخ واسع  أسهم كغيره من تاريخ القوى التحررية في أنحاء عديدة من المعمورة بوضع الأسس الدينامية لصنع المستقبل الإنساني.ولهذا تحرص الاستراتيجية  الإمبريالية التي ورثتها السياسة الأميركية عن بعض الدول الاستعمارية الأوروبية, كبت كل تحركات في أي دولة في العالم من شأنها تشكيل تيارات وطنية مستلهمة تاريخ مجدها ساعية لاستعادة كرامتها.وما يمكن أن تؤول إليه أوضاع هذه المنطقة سياسياً وشعبياً كقوة ثقافية وأخلاقية على أقل تقدير يواجه مخططات الهيمنة الامبريالية,وتعمق علاقاته مع القوى الوطنية والمنظمات المتشكلة من الدول الأخرى لمواجهة عنجهية السياسة وغطرسة القوة الاستغلالية والتفردية.

أي وبعبارة أخرى ,تستشعر السياسة الأميركية أن إدامة التفرد بالقوة,وبسط النفوذ بوسائل مباشرة وغير مباشرة, يحتاج  إلى مواحهة أي بادرة تقوم بها قوى من شعب له ماض حضاري عريق مواجهة استباقية جادة وعنيفة (لاحظ مثلاً التصرفات الأميركية عند غزو العراق كيف استهدفت تراثه الحضاري,وحطمت متاحفه وعرضتها للسرقة والنهب,وحرقت مكتباته بما تحوية من مصادر نادرة ومراجع تحكي قصة الحضارة من منبعها,كل ذلك عدا عن الخروقات والفضائح التي ارتكبتها في تدمير العراق وتعذيب أبنائه وقتلهم – سجن أبو غريب- بعد حصار دام عقداً من الزمن,ساندته فيها نظم عربية علانية,ذهب ضحيته أكثر من نصف مليون عراقي معظمهم من جديثي الولادة والأطفال...),لآن مثل تلك المبادرات تنمو بسرعة,وتتسع آثارها وتلتف حولها كل القوى التي تجهد لاستعادة كرامتها الوطنية حفاظاً على كرامة كل مواطن من مواطنيها.

ونتذكر في هذا المقام المؤلم في حقبته التاريخية كيف ساندت بعض القوى السياسية وأحزابها والتيارات الدينية المسيسة العراقية والعربية,قوات الاحتلال الأميركي في ارتكاب كل تلك الفظاعات التي ما زالت آثارها قائمة في العراق وفي الوطن العربي.ومذ ذاك الزمن ما زالت تلك الأحزاب والقوى من أزمة نفسية وأخلاقية ما زالت تنخر تنظيماتها المتقلصة في عددها وفي قوة تأثيرها.وربما تعيد أحداث الثورات المصرية الحديت لوعينا أن الذاكرة الوطنية تترصد كل محاولات المخطئين بحق أوطانهم استعادة الثقة الشعبية بهم,وتصبح مواجهة قواهم تلقائية,إنها صحوة الضمير!!  للحديث في الموضوع بقية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد