تفجيرات مصر لصرف النظر عن ذكرى 25 يناير

mainThumb

25-01-2014 10:51 AM

"ما أن يقرر أي نظام مغتصب للسلطة إتخاذ قرار أو تبرير عمل , تحدث جريمة في حق الأبرياء" .. هذا ملخص للإستراتيجية الأمنية في دولنا العربية والتي أصبحت في الحقيقة كالمسرحية التي مل المشاهد منها.

الجريمة الإرهابية هذه المرة في مصر وفي  القاهرة بوصلة الثائرين وفي يوم 24 يناير أي قبل يوم من مظاهرات متوقعة تطالب بإسقاط حكم العسكر في ذكرى إسقاط الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك – وليس نظامه- حيث وقع إنفجاران في اليوم نفسه حصد عشرات الأبرياء بين قتيل وجريح لتكون الرسالة بالخط العريض هو ترهيب من سيخرج ليطالب بإسقاط حكم العسكر وإسترداد ثورة 25 يناير.

سلطات الإنقلاب في مصر وكسياسة الأنظمة القمعية التي لاتؤمن بالتحقيقات والأدلة سارعت على إتهام عدوها الأول والأخير جماعة الإخوان المسلمين بغض النظر عن تبني أي جماعة أخرى أي عمل تخريبي ولنا في الأمثلة مايحصل في سيناء حيث تتبنى عصابة أنصار بيت المقدس كل الأعمال الإرهابية هناك فيتم بالمقابل إتهام جماعة الإخوان المسلمين. وهذا الإتهام الباطل بُني لأسباب تخدم مؤسسات الإنقلابيين مابين الأمنية والإعلامية وغيرها من المستفيدين من هذا الإنقلاب الأعمى, لذلك فإننا شاهدنا في هذا اليوم سقوط عدد كبير من شهداء مصر على أيدي أمن السيسي كما أنه تم إعتقال المئات من المدنيين وكذلك إكتسب الإعلام المنافق مساحة للخوض بالتحليل والتفليل والتمحيص من خلال التركيز على ماصنعه تحريضه وبذلك فإن تسليط الضوء على هذا العمل الإجرامي سيكون أكبر وأهم من تغطية ذكرى 25 يناير.

إن النظام العسكري في مصر -وعلينا الإعتراف وعدم النسيان أو تجاهل الأمر بأنه مغتصب للسلطة وبالقوة - يعتبر أن ثورة 25 يناير يوماً أسوداً في حياته مهما تظاهر وصرح بعكس ذلك, فعدم تحقيق أي من متطلبات وإنجازات تلك الثورة هو بحد ذاته دليل كاف على صحة مانقول. لا بل إن هذا النظام اللاشرعي أعاد روح نظام مبارك بإعادة رموزه وتمجيد قادته وتبرأة الفاسدين والمجرمين من رجاله من الذين تلطخت أيديهم بدماء شباب ثورةة 25 يناير.

إن قضاء العسكر ومنذ ثلاث سنوات لم يستطع إدانة عصابة مبارك ولا زعيمهم لعدم وجود الأدلة الكافية فبرأت أغلبهم وتسير نحو تبرأة المتبقي منهم, لكنها لم تتريث في إصدار تهم وأحكام لطلاب وفتيات قاسية وصلت لعشرات السنوات بتهم رفع إشارة رابعة أو التظاهر أو غيرها من التهم المشرفة. كما أن داخلية العسكر لم تستطع حتى اللحظة إتهام أو القبض على مفجري الكنائس في السنوات الست الماضية على أقل تقدير, لكنها لم تتوانى عن إتهام الإخوان المسلمين بالتفجيرات مؤخراً في أقل من نصف ساعة من حدوثها.

على كل حال فإن المستفيد من هذا العمل الإرهابي هو غالباً المشتبه به, ومن قام بهذا التفجير أراد التخلص من إحياء ذكرى ثورة 25 ينايروترهيب كل من يفكر بالوقوف في وجه الإنقلاب, كما أنه سيستفيد بتبرير حملته القمعية أمام المجتمع الدولي الذي يخجل حتى اللحظة الإعتراف به علناً, فكان عليه إستخدام الكلمة السحرية أو الفزاعة العربية " الإرهاب" التي دأب على إستخدامها أغلب أنظمة الطغيان والقمع ضد شعوبهم الحرة والمسالمة كي يمارسوا الإرهاب الحقيقي ضد شعوبهم والتصدي لفكرة المواطنة والمشاركة والحرية , والعودة في المقابل إلى عصر الديكتاتورية  والشمولية التي تؤمن بأن الشعب غبي وعبد خُلق كي يلهف خلف "لقمة العيش" لا أن يتحدث عن ديمقراطية وحرية. شعب عليه أن يقبل فقط بشرعية الغاب لا شرعية الصندوق, حيث الفساد والعنف والإستعباد والبلطجة والمحسوبية والرشوة. نعم فإن مصر وفي حكم الإنقلاب ليست فقط تتجه لتعاظم الدين والإفلاس والفقر والبطالة , بل نحو غابة يأمر الطاغي بقتل البريء ويتلذذ القاتل بالدم ويصفق الجبناء للقوي ويخرج شيخ السلطان ليقول أنه –أي السلطان- النبي المُخلص وأنه إرادة الرب ليتوج بعد ذلك بالعرش مدى الحياة .

إن مايحدث هو ببساطة محاولة الفريق عبدالفتاح السيسي ورجاله طمس أدلة جريمة الإنقلاب والتخلص من أدواتها من خلال عمليات القتل والإعتقال والتحريض والملاحقات وإتهام كل حر بتهم أقل مايمكن إعتبارها بأنها إعتباطية تكشف الوجه الحقيقي للقضاء التابع والذي أظهر مدى مراهقته الأربعينية على أحكامه. أما أدوات الإنقلاب فهم من عاونهم على خطف الشرعية وسرقة صوت الشعب من الصناديق فإذا هم بين مطلوب وملاحق وهارب ومختفي ومسجون.

إنها صورة أخرى لنظام لايعتبر من التاريخ  ولا يتعلم جيداً ولا يفهم سوى لغة القتل والتفجيرومن يمولهم أيضاً يجهل التاريخ ولايفقه إستدلالات الأحداث المشابهة طوال القرون الماضية وهو لا يؤمن بالديمقراطية ويعتبرها لا تصلح لشعوب كشعوبنا، لكنهم لن يفلحوا بمحو وتزوير التاريخ ولن يستطيعوا طمس الحقائق ولا تعويض الدم.

محاربة "الإرهاب" خطة لم تعد تنطلي إلّا على الأغبياء أو عبيد السلطان وعلى المجتمع الدولي التصدي للإنتهاكات التي تمارسها تلك الأنظمة الإستبدادية في الوطن العربي الذي قسموه وأداروه من بعيد والقيام بمسئولياتها تجاه هذا القمع والتحريض والقتل .. نداءاً نعلم بأنه لن يصل حتى لو كنا وجهاً لوجه أمامهم لكنه التنبيه والتحذير والمسؤولية . وعلى الدول العربية الممولة والتي تسعى إلى خراب مصر وتفريق شعبه وإنهاك إقتصاده وإنتزاع مكانته القيادية والتي سعت سابقاً إلى خراب العراق وتقسيمه و تدمير سورية أن تتوقف فوراً عن التحريض والتمويل الأسود وتعيد حساباتها قبل فوات الأوان.

كان الله في عون المصريين وأعاد الله عليها الأمن والأمان وانتقم الله من كل خوّان وجبان.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد