هل يوجد تنسيق اردني- فلسطيني حقا؟

mainThumb

18-01-2014 01:34 PM

من يتابع تصريحات المسئولين الأردنيين والفلسطينين هذه الأيام على خلفية هجمة السلام الامريكية يلمس نوعين من التصريحات بالتوازي رسمية تتحدث عن التنسيق الدائم والحرص المتبادل على مصالح الطرفين امّا خلف الابواب المغلقة فيبدو أن سوء الظن والتنافس المريب وتاريخ العلاقة بينهما ما زال يفرض نفسه بقوة.

كثيرا ما تخرج علينا القيادتان بتصريحات تعلن عن وجود تنسيق كامل وتتحدث عن تفاهم تام في مجمل القضايا المشتركة وتطابق وجهات النظر خاصة في ما يتعلق بمشاريع السلام فالقيادة الأردنية تدعم الفلسطينين حتى استرجاع كامل الحقوق والقيادة الفلسطينية تطمئنا على مصالحنا الأردنية بل أن قنوات التواصل والزيارات لا تنقطع بين عمان ورام الله.

هذا الخطاب ما زال يجسد الخطاب الرسمي القديم الذي كان يصور لنا دائما أن كل شيء يسير على ما يرام واننا في موقف قوي لنفيق بعد قليل على خسرانٍ مبين.

اليوم وفي مواجهة هجمة السلام نفترض أن يتم التنسيق بين الاطراف العربية وتحديد ما تريد قبل الجلوس الى الطرف الآخر أو الاكتفاء بالحديث عن انحياز الوسيط الامريكي ويفترض أن يتم ذلك في عدة مستويات:

فلسطيني - فلسطيني لكن يبدو أن السلام مع اسرائيل اقرب من السلام مع دولة غزة.

اردني – فلسطيني وينبغي أن يكون في مستويين سياسي وفني ولا يوجد ما يشير إلى وجوده خاصة في الجانب الفني.

تنسيق الطرفين مع الجامعة العربية ودول الخليج العربي والمغرب -خاصة ان ملك المغرب يشغل رئيس لجنة القدس منذ اكثر من ثلاثين عاما ويميل لتسويق خطة كيري- للعمل على تجميع عناصر القوة للموقف العربي بما أن العواصم العربية الرئيسة بغداد والقاهرة ودمشق تنشغل بساحاتها الداخلية وحتى المزاج الخليجي اليوم ليس واحدا.

امّا بخصوص التنسيق الاردني الفلسطيني تحديدا فدعونا نسترجع اهم محطاته بين الطرفين محاولين التعرف على مآلات التنسيق بينهما تاريخياً.

فمنذ أحداث السبعين التي شكلت المحطة الأبرز تنافراً بين الطرفين لم يتأخر الطرفان الرسميان بمحاولة تجاوزها وفي عام 1972 قدم الملك الراحل مشروع الاتحاد العربي بين الاردن وفلسطين من طرف واحد الامر الذي رفضته المنظمة فورا حيث كان التنافس على التمثيل الفلسطيني في قمته وصولا إلى تحقيق انتصار دبلوماسي باجماع على وحدانية المنظمة بتمثيل الفلسطينين في السبعينات وفي عقد الثمانينات وبعد شتات بيروت وعندما لم تجد المنظمات مكانا تعقد فيه المؤتمر الوطني الفلسطيني على امتداد الارض العربية غير العاصمة الأردنية عمان 1985 بدا أن العلاقة بين الطرفين تتسم بالايجابية وإن كان الأردن حتى اللحظة لم يتخل عن حلمه ببقاء الضفة الغربية ضمن اطار الدولة الأردنية آملا باسترجاعها بالطرق الدبلوماسية وعلاقاته الدولية وبتسليمه أن المنظمة منافس قوي في الساحتين العربية والدولية رأى أن يختار التنسيق معها ففي فبراير من عام 85 تم الاتفاق على توحيد الجهود والعمل الدبلوماسي لكي يعمل الاردن على استرجاع الضفة لتعود في صيغة كونفدرالية مع الأردن لكن المنظمة تنصلت من الاتفاق باسلوب مريب وبتأثير من زعامات عربية راديكالية ليعلن بعدها الملك عن وقف التنسيق مع المنظمة ويتهم رئيسها بعدم صدقية الكلمة والتعامل وهكذا كان ذلك بمثابة فشلا ذريعا للتنسيق وغياب الثقة بين الطرفين ليعلن الملك في تموز 1988 اعلان فك الارتباط بالضفة وبعدها في نوفمبر من نفس العام تعلن المنظمة ومن الجزائر قيام دولة فلسطينية رمزية.

في مؤتمر مدريد عام 1991 عندما كانت اسرائيل وامريكا لا تعترف بالمنظمة وترفض بشكل قاطع تمثيلها في المؤتمر تم تشكيل الوفد الاردني الفلسطيني المشترك وقد بدا حينها ان همّ رئيس المنظمة هو الخروج من العباءة الأردنية وتم الالتفاف على الوفد المفاوض بشقيه لتفتح قناة تفاوض سرية في اوسلو ويتم التوصل الى اتفاق لا يحقق للشعب الفلسطيني اية قيمة أو حقوق لكن تشكلت سلطة هزيلة لجماعة اوسلوعلى أرض فلسطين ومن المعلوم أن هذا الاتفاق المؤسس على مراحل مات منذ زمن وبسبب غضب الأردن من هذا الموقف- وما زال متأثرا به حتى اللحظة - تم توقيع اتفاقية وادي عربة في اليوم التالي لتوقيع اوسلو وليصبح شعار العرب جميعاً فليقلع كلٌ شوكه بيده وقد قالها آنذاك نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام علنا وقد شاركت بلاده في المؤتمر وكان يعمل على المسار السوري الاسرائيلي.

في الواقع هذا غيض من فيض في تاريخ العلاقة بين الطرفين وانعدام الثقة بينهما حيث ثبت تاريخياً أنه لم يكن هناك تنسيقاً حقيقياً بل كان التسابق والتنافس للالتقاء بالعدو وتقديم التنازلات والقفز عن مصالح الآخر هو ما ميز هذه العلاقات ولم يعد الكلام الدبلوماسي المعسول أو الخطاب المزدوج يمر أو يخدع احداً.

ان ما يرشح عن المفاوضات الاخيرة من معلومات ضئيلة فرضها اسلوب الوزير كيري لا يبشر بخير ولا باسترجاع حقوق الطرفين ولا بتوافق عربي على حد ادنى حتى ننزع الخوف من قلوبنا ونأمل بسلام عادل ودائم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد