كيف يُغير من لا يتغيَر

mainThumb

17-01-2014 06:19 PM

لم تعد مسايرة حتمية التغير خيارا مطروحا أمام أحد, فرد كان أو مجموعة, حزب كان أو جماعة, تيار كان أو تجمع ..

التغيرلا يقتصر على كونه حتمية تدور في أفلاك خارج نطاق المجتمعات الإنسانية, وإنما يمثل في ديمومته ضرورة من ضرورات العصر ومتطلبات المعاصرة, وهو مسار مستمر دون تلكؤ أو توقف, ويشمل كافة أوجه الفعاليات الإنسانية المعهودة والتقليدية والمألوفة.

ومن الجدير بأن نتذكره أن التغير ليس حدثا من أحداث الطبيعة الخارجة على قدرة الإنسان على التحكم بها أو توقع وقوعها وعدم استطاعته تجنب نتائجها,ك الزلازل والعواصف وثوران البراكين, فهو أي التغير من تصميم الإنسان وصنعه, ويخضع في كثير من الحالات لإرادته ويتماهى مع رغباته وحاجاته.

وأصبح معدل التغيرالذي تشهده المجتمعات الإنسانية, وتتنافس في ميدانه الحضارات العريقة, مقياسا معياريا لتقدم الأمم ومستوى تطور قدراتها الذاتية وتنمية مواردها المحلية البشرية منها والطبيعية, وما يمكنها الحصول عليه من غزوها للفضاء والبحث في أعماق البحار والمحيطات على دخول ميدان الصراع الندي, بحثا عن التكافؤ بين القوى ومراكزها في سباقها نحو امتلاك ناصية التأثير على مجريات الأحداث السياسية والعلمية والتجارية والاقتصادية والمالية والحربية والعسكرية في العالم.

التغير إرادة بشرية, والتقدم يرتهن في تسارعه وفي مداه الأفقي ومداه الرأسي, بمعدلات التغير التي تشهدها الفعاليات والأنشطة اتي تضع تصاميمها العقول العلمية, وتستجيب لها النظم السياسية, وتستوعب أهميتها الأحزاب السياسية في تلك المجتمعات, وكذلك الأمر بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة بكامل طواقمها وكوادرها.

فالتغير بهذه السمات الأساسية, يشكل أهم عَصب من عُصب الثقافة العامة التي تترسخ أركانها في المجتمع, ويصبح مرجعية إدراكية لموقع المجتمع الدولة بين مجتمعات دول العالم. ومنشأ حتمية التغير مصدرها التهيؤ العقلي لمضاهاة الطبيعة وتحسين موقع الإنسان كسيد لها وعليها ما أمكنه ذلك بفضل إنجازات العقل ا الإبداعي.

ولا تختلف الآراء كثيرا حول العلاقة بين التخلف وبين التغير,مستوى ومعدلات ومجالات,,, ولا بد لنا هنا من وقفة مع دور الفكر الحزبي وأدبياته التي ما زالت تنخر في فكر التقدم ومقاومة التغير في أقطارنا العربية. فقد تولت النظم الحاكمة أحزاب سياسية, أو جماعات ونخب بمبادئ, وإن كانت متناقضة فيما بينها, ولكنها تتشح بمبادئ شمولية تقولب فيها الأهداف بقوالب مسبقة التصميم, وتتصف بالأبوية وافتراض إنها المسؤولة عن مصائر الناس مستقبلهم, تلك الأبوية التي انقضى عهدها بعد أنْ ثبت عقم أساليبها, وأبقت على روابط التبعية للقوى المؤثرة والطامعة.

أحزاب ونطم تتباهى بصوت مرتفع ومتكرر إنها ثابتة على مبادئها, ومواقفها لا تتغيرمع الزمن, وسياساتها وطروحاتها تحافظ على منطوقها على الرغم من كل ما يحيط بها من تغيرات وتبدلات, وتظن بذلك أنها تفعل الصواب, وأن الثبات من صفات الطيبين والمخلصين, والواقع المرير هو أن العكس صحيح تماما. الثبات سمة قصر النظر وضعف الرؤية المستقبلية, والفقر العلمي في التفكير وانخفاض معنويات الناس واكتئاب الساسة وتنكرهم للفشل وأسبابه,وإنكارهم لما يصيبهم من ملمات وما يقودون إليه بلادهم من تخلف يفقدهم استقلالهم الوطني واستقلال قرارهم السيادي.

أوليس من حق كل مواطن منا أن يصرخ في وجوه العاصين على التغير والخائفين من نتائجه على مصالحهم الأنانية الضيقة, والعاجزين عن القيام بالتهيئة النفسية والثقافية والعلمية له أنْ :: أفيقوا فإن من لا يتغير لا يمكنه أن يُغير.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد