نخبة يقودها الرأي العام

mainThumb

04-01-2014 12:55 PM

حين تكون كاتبا وتختار أن تكون مع الناس وللناس فلا يعني خيارك هذا أن تقول ما يقولونه في الشوارع والمقاهي وعلى الأرصفة وفي مضافات العشيرة أو باحات المساجد وتجتر ثرثراتهم في مقالات بكلمات فصيحة ومليحة ,فليس كل ما يقوله الناس صدقا وفضيلة ....ولكن إن اخترت أن تكون مع الناس فهذا يعني أنك مدعو لأن تسمع وتحسن الانصات إلى ما يقولونه ويحسونه .

فالخطاب الديماجوجي مزيج من الاحساس المختلط بالتخيل و المعلومة المشوبة بالانطباع , ودور الكاتب حين يقوم بتشكيل الرأي العام هو أن يكون ناقدا لهذا الخطاب لا معيدا له وأن يكون مفككا لأجزاءه تسنده ذخيرة ثقافية سمتها العلمية والتخفف من الأيديولوجيا ,ثم يركب خطابا آخر يطلقه على الناس فيصيب المفاهيم التي تسكن عقولهم , ويطيح بها أرضا لتلامس قضايا معيشهم وحياتهم , .......الناس يحسون بالفقر , يتذوقون العوز ,يصابون بضيق المعيش وبسوء المزاج , يشعرون بارتفاع تكاليف الحياة وانخفاض الرغبة بالذهاب إلى العمل .. الناس في أحوالهم وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية جسد قابل للقياس والاختبار .......ولكن هذا الجسد لا يعرف لماذا هو فقير ؟...لماذا هو مهان .؟.لماذا يعاني ضنك العيش ؟ هذا الجسد لا يعرف كيف يواجه فقره وضيقه وسوء مزاجه ؟ فهذا الدور المعرفي ليس دوره , انه دور النخب الثقافية , فهي المنوط بها أن تجيب على سؤالي المعرفة: لماذا ؟ وكيف ؟ ....أما ماذا ؟ فهو سؤال يمتلك اجابته الناس ؟ .....فالمريض يشكو ما يحس به .والطبيب ينصت فيشخص ,ثم يجتهد في اقتراح العلاج ورسم خطة بارعة للشفاء ,الناس تشكو وتوصّف آلامها .

والكاتب يشخص ويقترح العلاج ... ما يلاحظ في المعروض إعلاميا أن الكاتب لم يعد أكثر من صدى صوت للرأي العام ,حتى صار لكل كاتب جمهوره تبعا للأيديولوجيا التي يعتنقها , لم يعد الكاتب صوتا متفردا يشدو بلحنه هو ,صار يثغو وان بلغة الديجيتال , قد يكون بريق الشهرة , أو الرضوخ لمتطلبات المعيش ,أو الخوف من هبة القطيع و سيف اليقين , أو نقصا في المهارات , ولكن مهما تعددت الأسباب فنغمة العصر واحدة وهي الثغاء..........وسمة الفكر واحدة وهي نخبة يقودها رأي عام .......



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد