الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ذكراه السنوية

mainThumb

14-12-2013 06:34 PM

في العاشر من ديسمبر من كل عام يحتفل العالم بالذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر في عام 1949م ، بعد مأساة إنسانية عانت منها كل البشرية في الحربين العالميتين الأولى والثانية ، ودفعت البشرية ملايين الضحايا المشردين وكان سبب المأساتين أطماع بني الإنسان على أخيه الإنسان ومحاولة السيطرة والاستغلال ، وكانت الحرب العالمية الثانية إفرازا ونتيجة طبيعية لنهاية الحرب العالمية الأولى والإذلال والقهر الذي تعرضت له دول ما كان يعرف بالمحور بزعامة ألمانيا ، وخلال أقل من عشرون عاما أفرز ذلك الإذلال  لأهم وأعرق الشعوب الأوروبية ظاهرة النازية في ألمانيا والفاشية في ايطاليا حيث كان ظهورهم أمرا طبيعيا وردا على نتائج مؤتمر فرساي الذي عقب الحرب العالمية الأولى عام 1919م، وكانت نتائج الحرب العالمية الثانية أكثر هولا من سابقتها بالضحايا والمشردين .


وأجمعت البشرية على تفعيل دور الأمم المتحدة التي جاءت على إنقاذ ما كان يعرف بعصبة الأمم ولكن للأسف نتائج الحرب العالمية الثانية المأساوية أيضا كان أكثر من دفع ثمنها بعد دول المحور هو عالمنا العربي الذي جرى تقسيمه في الحرب العالمية الأولى واقتطاع قلبه فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية بموجب اتفاقية فرساي لتصبح للصهاينة تحت مزاعم أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وأرض الميعاد وغير ذلك من الهراء والتخاريف التي يرفضها العقل الإنساني السليم .


وهكذا جرى تشريد ملايين العرب من الفلسطينيين لكل بقاع الدنيا ولتصبح فلسطين أرض الرسالات مكبا للنفايات البشرية التي جمعها الصهاينة والمستعمرين من كل أنحاء الكرة الأرضية وليصنعوا منها كيانا لقيطا يدعى إسرائيل أوكلت إليه الامبريالية العالمية مهمة تثبيت حدود سايكس بيكو لمنع أي وحدة أو تقارب بين أبناء الأمة العربية وأنشئ مقابل ذلك وقبلها بعقد وعدة أعوام الكيان السعودي في الجزيرة العربية باسم الدين أيضا ليكون مانعا لأي وحدة عربية باسم الدين ودفع الكيان السعودي مليارات الدولارات في سبيل ذلك والتاريخ مليء بالعبر من ضرب وتخريب وحدة مصر وسوريا وشطري اليمن قبل وبعد الوحدة أكبر دليل لما لا يزال يمارسه النظام السعودي من دور وظيفي مشبوه .


والغريب هنا استدعاء المقدس ((الدين)) على حساب ما هو دنيوي وإنساني حيث أقيم الكيانين السعودي والصهيوني باسم الدين وجعل الخلاف بينهما كما يبدو ظاهرا عميقا ولكن على أرض الواقع هناك تقارب وتشابه والتقاء ولعل الإحداث الأخيرة التي تمر بها المنطقة منذ احتلال العراق عام 2003م  وليبيا ، وصولا للإرهاب الذي يضرب سوريا ، يؤكد لنا متانة العلاقات والتنسيق بين الكيانين الصهيوني والسعودي والتنسيق بينهما من أعلى مستوى,


 ولم يكن لذلك الإعلان التاريخي الذي أجمعت عليه البشرية لحقوق الإنسان أن يولد لولا المصلحة الصهيونية حيث صدر ذلك الإعلان بعد عام واحد من إنشاء الكيان الصهيوني ويحتوي على 31 بندا تبدو جميعها صرخة أو كلمة حق أريد منها باطلا حيث سرعان ما تنكرت له أمريكا أكثر الداعمين له قبل أن يجف حبره ولتجعل منه صوتا لحماية مصالحها والتدخل السافر في شؤون الآخرين تحت ذريعة ذلك الإعلان الذي جرى ويجري تسييسه بشكل مأساوي وأكثر من أي وقت مضى بعد أن أفرغه تجار الحروب وسماسرة الموت والدمار الصهاينة الأمريكان من كل مضمونه وليصبح من إعلان  لحقوق الإنسان مبررا لاحتلال دول وإسقاط أنظمة تعاديها أمريكا كما حدث في العراق وليبيا وإثارة الفوضى كما يحدث في سوريا وتقسيم البلاد كما حدث في السودان هذا على مستوى عالمنا العربي ناهيك عن لأمثلة الأخرى التي لا تحصى على مستوى العالم .


اليوم وبعد 64 عاما على ذلك الإعلان الذي كان يبدو براقا وجذابا ولكن نتيجة لموازين القوى والمصالح وإذا بالذي وضع ذلك الإعلان وصدر من بلاده يصبح هو أول من ينقلب عليه ويجعل منه مبررا لإعادة البشرية لقانون الغاب حيث الحياة للأقوى وما للضعفاء إلا أحد الخيارين الموت أو الاستبعاد ونهب الثروات واحتلال الأوطان تحت مزاعم حقوق الإنسان .


ورغم كل ذلك انتفضت البشرية عندما انكشف الوجه الحقيقي لأمريكا في الوقت القريب حتى بالتجسس على أقرب حلفاءها وخسرت الكثير من أصدقائها وتحجم وضعها عالميا من دولة أحادية القطب تحكم العالم لدولة أخرى ينهشها الفساد والإفساد وترهقها الديون التي أصبحت فوق الدخل القومي ولتصبح قطبا من الأقطاب العالمية التي تحكم الكون لجانب الصين وروسيا وربما الهند مستقبلا إضافة للاتحاد الأوروبي الأمر الذي يبشر بالخير للإنسانية .


وفي هذه المناسبة الأممية ما أحوجنا لتفعيل ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإبعاده عن التسييس وجعله نموذجا لعالم تحكمه الأنظمة والقوانين وليس مصالح الدول الكبرى وأن يكون كلمة حق وبنود حق من أجل الحق وليس كلمات الحق التي يراد بها باطل .
وبعد ، يقول الأديب البريطاني الأشهر جورج برنارد شو: "إن تمثال الحرية  موجود في الولايات المتحدة بالذات، ودون أي مكان آخر في العالم؛ لأن البشر عادة لا يقيمون التماثيل إلا للموتى!!".

وظلّت مواقفه إلى آخر عمره، كما كانت في بدايتها، فهو الذي رفض أن يزور الولايات المتحدة الأمريكية حتى لا يرى سخرية القدر بوجود تمثال للحرية في بلدٍ يمتهن الإنسان أينما كان .. ذلك البلد - أمريكا- الذي انتقل من البدائية إلى الانحلال دون أن يعرف الحضارة، ولا عزاء للصامتين .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد