المعلقاتُ السبع ، لم تُعَلَّق على الكعبة
لقد كتبتُ مقالا حول مسألة فضل جهة اليمين ، وخلال المقال أشرتُ إلى عدم ثبوت تعليق ( القصائد ) على الكعبة ، التي يسمِّيْها الناس ب ( المعلقات ) ، ووجدتُ تعليقاً للأخ عبد الله العمر يقول : ( وكلامك عن المعلقات فيه نظر ) ، فدفعني قولُه إلى تحرير المسألة حسب المنهج العلمي ،خاصة منهج أهل الحديث .
لقد انقسم الباحثون في سبب التسمية ( المعلقات ) إلى قسمين:
قسمٌ مؤيد لفكرة تعليقها على الكعبة ، ورأسُهم وأقدمُهم ( ابن الكلبي ) حيثُ قال : إنَّ أوَّل من عُلِّقَتْ قصيدتُه على أحد أركان الكعبة هو ( امرءُ القيس ) ثم تَبِعَه بقيةُ الشعراء ، وابن الكلبي هو : هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، قال فيه علماء الحديث الذين هم المرجع في غربلة الأخبار وفرزها .
قال الإمام أحمد بن حنبل كما في ( ميزان الاعتدال ) ( 4 / 304 ) : ( إنما كان صاحب سمر ونسب ، ما ظننتُ أن أحداً يحدِّثُ عنه ) .
قال الدارقطني في نفس المصدر : ( متروك ) . وذهب الى ذلك الذهبي ، وابن العماد .
ورماه بالكذب ابن الجوزي ، وغيره .
وقال السمعاني: ( يروي الغرائب والعجائب والأخبار التي لا أصول لها ) .
وقد أخذ معظم مروياته عن أبيه ، وعن محمد بن سعد كاتب الواقدي ، وعن الهيثم بن عدي .
فأبوه محمد بن السائب الكلبي ، قال البخاري : تركه القطان ، وابن مهدي ، وقال الحافظ ابن حجر : مُتَّهم بالكذب ، وقال النسائي : متروك الحديث .
أما الهيثم بن عدي الطائي ، قال البخاري : ليس بثقة ؛ كان يكذب ، وقال يحيى : ليس بثقة ؛ كان يكذب ، وقال أبو داود : كذَّاب ، ... وقد اتَّهمه غير واحد .
فهذا حالُ كبير من روى أن هذه القصائد كانت معلقةً على الكعبة ؛ فلذلك سُمِّيَتْ بالمعلقات .
أما من بعده ممن ذهب الى تسميتها بالمعلقات مثل ابن الأنباري ، و السيوطي ، وياقوت الحموي ، وابن رشيق القيرواني ، وابن عبد ربه ، وابن خلدون ... ، ومن المعاصرين - على ما أظن - ناصر الدين الأسد ...
فليس لهم دليل أثري صحيح بل هم نَقَلة عمَّن سبقهم ، أو لهم تفاسير ينقصها النقل الصحيح .
حتى ابن خلدون أشار الى التسمية بصيغة التمريض ( قيل ) ، حيث قال في ( مقدمته ) ( 668 ) : ( فإنه إنما كان يُتَوَصَّلُ إلى تعليق الشعر بها من كان له قدرة على ذلك بقومه وعصبيَّتِهومكانه في مضر على ما ( قيل ) في سبب تسميتها بالمعلقات ... ) .
فقد عبَّر ابن خلدون عن سبب التسمية ب ( قيل ) وهي من صِيَغِ ( التمريض ) كما يعرفُه أهل الحديث ، وكذلك رَدَّ ابن خلدون سبب التعليق الى قوة وقدرة القبيلة وعصبيتها ! فأين هذا الشرف عن قبيلة قريش التي كان له القدح المعلى بين قبائل العرب - عزَّةً وأنفَةً - فهل يفوتها هذا الشرف ؟!!!
ومن الملاحظ أن القدماء مثل الأصمعي والمفضل الضبي ، وأبي عمرو بن العلاء وغيرهم ، لم نسمع عنهم أنهم أشاروا الى مسألة ( تعليقها على الكعبة ) وهذا أمرٌ تدعو الى حَمْلِهِ الهِمَمُ والعزائمُ !
ثم جاء أبو جعفر النحاس ونفى أن تكون هذه القصائد معلقةً على الكعبة ، حيث استدلَّ على أن جامعَ هذه القصائد هو حماد الراوي لم يذكر أنها كانت معلقة على الكعبة .
وأقول : لقد أَلَّفَ علماء جهابذة في تاريخ مكة كُتُباً جاء فيها كُلُّ دقيق وجليل عن تاريخ مكة من غابر العصور الى زمان المؤرخ الذي دوَّنَ هذا التاريخ ، فعلى سبيل المثال المؤرخ أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي المُتَوَفَّى نحو ( 250 ) للهجرة ، وكتابُه ( أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار ) ، فقد ذكر ما كان حول الكعبة من أصنام ، وعددها وأسمائها ، ومن كسا الكعبة ، وقصة إساف ونائلة ، حتى قرني الكبش الذي ذبحه إبراهيم - عليه الصلاة والسلام – ولم يتطَرَّقْ لمسألة ( قصائد معلقة على الكعبة ) حتى أنه ذكر قَصَصَاً ضعيفة إلا أنها كانت مشهورة في زمنه فَدَوَّنها ، فهذا دليلٌ على أنَّ مسألة ( القصائد ) لا صِحَّةَ لها في تاريخ مكة والكعبة .
وأقول - أيضا – إنَّ العرب كانوا يقولون الشعر ويفتخرون به إلا أنَّهم يُنَزِّهون بيتَ الله عنه ، لما سمعنا من اتِّهامهم لرسول الله – صلى الله عنه – بأنه شاعرٌ !
قال تعالى : (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ) .
وقال تعالى : (والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله... ) .
ونعلم أن معظم ( المطولات ) فيها أبيات لا يليق أن تُعَلَّقَ ببيتِ الله تعالى ، فقد منعت قريش بناء ( حجرإسماعيل) بأموال الربا ؛ فلذلك تركوه من غير بناء ... فكانوا يُنَزِّهون بيتَ الله عن هذه الأشياء ، وإن كانوا يمارسونها بعيدا عن البيت العتيق !!
ومن الذين نفوا تعليقَها على الكعبة الأديب مصطفى صادق الرافعي حيث قال في ( تاريخ آداب العرب ) ( 3 / 139 ) :
( وأما خبرُ الكتابة بالذهب أو بمائه والتعليق على الكعبة ففي روايته نظر ، وعندي أنه من الأخبار الموضوعة التي خَفِيَ أَصْلُها حتى وَثِقَ بها المُتَأخرون ، وإنما استدرجهم الى ذلك أن هذه القصائد تكاد تكون الصفحة المذهبة من ديوان الجاهلية ... ) .
وقال - أيضا - : (وقد أغفل ابن قتيبة المتوفى سنة 276 رواية ابن الكلبي بجملتها في كتابه طبقات الشعراء ، ولم نَرَ أحداً ممن يوثقُ بروايتهم وعلمهم أشار إلى هذا التعليق ولا سَمَّى تلك القصائد بهذا الاسم ، كالجاحظ ، والمبرد ، والمبرد ، و وصاحب الجمهرة ... ) .
وقال – أيضا - : ( وأعجب شيء أنك لا ترى في كلام أحد من الصدر الأوَّل من لدن النبي – صلى الله عليه وسلم – ما يشير إلى ذلك الخبر ، مع أنهم تكلموا في الشعر وفاضلوا بينهم ... وكلُّ ذلك مما يدُلُّ على أن ذلك التعليق إنما كان بحبل التلفيق ! ) .
بل اتَّهم الرافعيُّ ابنَ الكلبي بوضع هذه الرواية أو غيَره .
قال الرافعي ( 3 / 143 ) : ( ... فاختلق ابنُ الكلبي أو غيرُه خبرَ التعليقِ ...) .
وقال العلامة اللغوي محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله – في ( نبذة من علوم القرآن ) ( 38 ) : ( وأما ما قيل أنَّ المعلقات السبع كانت مكتوبةً ومعلَّقَةً في الكعبة ، فحديثُ خُرَافةٍ ) .
وقد نفى هذا التعليق الدكتور شوقي ضيف
فأوَّلُ من روى هذا الخبرَ هو ابنُ الكلبي ، وقد عرفتَ حالَهُ ، واتِّهامَ الأئمةِ له بالكذب ؛ فبذلك يسقطُ خبرُ التعليق ويهوي في حفرةِ الموضوعات .
مهرجان عمان السينمائي الدولي يعلن انطلاق دورته السادسة في 2 تموز المقبل
استشهاد 40 بغارات إسرائيلية وأزمة دم حادة بغزة
الملكية الأردنية تكرم الطيارين تقديراً لعطائهم بمناسبة يوم الطيار العالمي
الخيرية الهاشمية: سندعم طولكرم وجنين نظرا للظروف القاسية التي تمران بها
وزير الداخلية يستقبل نظيره البحريني ويبحثان تعزيز العلاقات الثنائية
الحوثيون يستهدفون حاملة الطائرات ترومان وقصف عسقلان
التلفزيون الأردني 57 عامًا في خدمة المتلقين وثوابت الوطن
وزارة العمل تتأهل لنهائيات جوائز القمة العالمية 2025
سوريا: اعتقال متهم بارتكاب مجازر في اللاذقية
برنامج الأغذية العالمي يعتزم خفض موظفيه 30% عالميًا
ارتفاع أسعار الذهب 70 قرشا في التسعيرة الثانية
إسرائيل ترفض مقترح وقف إطلاق النار لخمس سنوات
شركة البوتاس العربية تعزز وجودها الاستراتيجي في أوروبا
جلسة حاسمة قريباً قد تطيح بــ 4 رؤساء جامعات
مصادر حكومية: الأردن أكبر من الرد على بيانات فصائل فلسطينية
خبر سار لأصحاب المركبات الكهربائية في الأردن
الأردن .. حالة الطقس من الخميس إلى الأحد
توضيح مهم بشأن تطبيق العقوبات البديلة للمحكومين
الليمون يسجل أعلى سعر بالسوق المركزي اليوم
رسائل احتيالية .. تحذير هام للأردنيين من أمانة عمان
الخط الحجازي الأردني يطلق أولى رحلاته السياحية إلى رحاب
مصدر أمني:ما يتم تداوله غير صحيح
أول رد من حماس على الشتائم التي وجهها عباس للحركة
رفع إنتاجية غاز الريشة إلى 418 مليون قدم يوميا
تصريح مهم حول إسطوانة الغاز البلاستيكية
أسعار غرام الذهب في الأردن الخميس