العلاقة الزوجية (الميثاق الغليظ )

mainThumb

28-09-2013 12:19 PM

من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده أن خلق لهم من أنفسهم أزواجاً وجعل المودة والرحمة في قلوبهم وسلوكهم ليتشكل من هذه الألفة المجتمع المترابط قال تعالى :وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(الروم،21).


وقد وصف الله تعالى العلاقة التي تربط الزوجين بالميثاق الغليظ؛ ليستشعر كل واحدٍ منهما أن واجبه تجاه الآخر واجباً عظيماً يفوق كثيراً من الواجبات الأخرى،  حيث لم يأتي وصف الميثاق الغليظ في القرآن الكريم إلا في أمرين عظيمين,العلاقة الزوجية, وميثاق الإيمان الذي جاء به الأنبياء قال تعالى : وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (النساء،21).


لذلك فإن من مكارم الأخلاق وتمام الإيمان المحافظة على هذه العلاقة والبعد بها عن كل ما يعكرها ويسيء إليها, كيف لا؟ وقد امتزجت الأفراح والآمال والطموحات معاً, وأكثر من ذلك الدم والنسب والوشائج العظيمة التي تشكلت بالمصاهرة بين الناس .
ومن المحزن أن تسمع وترى المشاهد المخزية والإساءة العظيمة إلى هذه العلاقة سواءً أثناء الزواج أو بعد الفراق بالطلاق أو الموت, فبعض الرجال والنساء لا يحفظون سر بعضهم بعضا ويكشفون ما أمر الله بستره متناسين قول الله تعالى  وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.(البقرة، 237).

فهذا رجلٌ يسب زوجته ويصفها بأقبح الصفات وهي على ذمته, وذلك رجلٌ يهينها ويشتمها, بل ويضربها أمام الناس, وما فعلها صاحب مروءة أبداً، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على ضعف الوازع الديني وعدم القدرة على ضبط النفس والقيام  بحق القوامة  كما أرادها الله من رعاية وحب ووفاء .

وتلك امرأة لا تذكر زوجها بخير أبدا وهو راعٍ عليها وعلى أبناءها, وما دفعها لذلك إلا ضعف الإيمان وقلة التربية ونكران الجميل .


والأدهى من ذلك ما يكون بعد الفراق فتسمع العجب العجاب من القصص والأحاديث المخزية دون رحمة أو مخافة من الله تعالى, فبعد الطلاق يكيل كل طرف للآخر التهم جزافا ولا يتورع عن الكذب والافتراء زوراً وبهتاناً.


وكان الأجدر به أن يحذو حذو الحكماء في ذلك فقد سئل أحدهم عن زوجته فقال: ما أنا بالذي يفشي سر زوجته، وبعد طلاقها سئل لما طلقتها فقال: مالي ولنساء الآخرين.


أما بعد الموت فتجد رجلاً لا يكاد يذكر زوجته الأولى إلا ويذكر معها الشقاء والعذاب وينسى كم كابدت معه صعوبة العيش وقسوة الحياة, حتى تجعد الوجه وترهل البطن.


وبعض النساء تتسلح بأبنائها ضد زوجها وقد تستقوي عليه ولا تحترمه في حياته, وبعد مماته يدفعها الجهل أحيانا لنكران جميله وتضحياته وقد أعطى لها ولأسرتها كل حياته, فبات في جوعه ليشبعوا, وبات محروما من كل متع الدنيا من أجل القيام على خدمتهم ورعايتهم.


أخيراً فإن هذه المشاهد والصور السلبية ليست الطاغية على مجتمعنا, لكنها ظواهر تستوقف المرء وتحتاج منا جميعاً لوقفة صادقه مع النفس, ومراجعة الذات من أجل تقدير شريك الحياة  تقديراً يليق به، وتحقيق الإنسجام مع التوجيه الإلهي الذي يدعو للحب والعطف والرحمة والإحسان والتعامل بالصدق والوفاء, ولنا في رسول الله أسوة حسنه حيث كان الزوج الصادق, الأمين على أهله ,القائم على خدمتهم ورعايتهم, لين الجانب, محباً لزوجاته متسامحاً معهن  وفيا لذكراهن .


فكان عليه الصلاة والسلام خير الأزواج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، أخرجه الترمذي. وقال عليه الصلاة والسلام أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد