العيد هل يرتبط بصلة الأرحام أم بقطيعتها ؟

mainThumb

12-08-2013 12:05 AM

دائماً كنت أتساءل لماذا تكون خطبة العيد عن صلة الرحم وعن الأجر الذي نناله من صلة الرحم ويذكرنا الخطيب بعقوبة من يقطع الرحم ،و بعدها تعلمت أن العيد يرتبط بصلة الرحم ، فعن  الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله و اليوم الأخر فليصل رحمه ) فالرحم كلمة اشتقها الله عز وجل من اسمه الرحمن، فعن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :  (قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي  :أنا الله و أنا الرحمن خلقت الرحم و شققت لها من اسمي فمن وصلها و صلته و من قطعها قطعته ) أما حكمها فهي واجبة على كل مسلم و قطيعتها من الكبائر و الذنوب،فما رأيكم بمن يقطع رحمه طيلة أيام السنة و حتى في الأعياد ماذا يكون جزاؤه ؟


رواية تتحدث عن قطيعة الأرحام ،يحكى فيها أن رجلاً يقطن في محافظة من محافظات الأردن و يبعد بيته بضعة أمتار عن منزل أخته الذي هجر طريقه حتى في العيد وهو يصلي الخمس فروض في  بيت الله ، هل الدين ينص على الصلاة و الصوم فقط، وهو لا يعرف ماذا تفعل أخته في هذه الدنيا !كيف ينام هؤلاء في الليل و هم يقطعون أرحامهم حتى في الأعياد ؟و هل يطلب هذا الأب أن يصله أبناؤه أم أنهم سيفعلون كما يفعل الأب . هذا الرجل تناسى أن أخته تعيش معه في نفس البلد ، سيأتي يوم ينسى أبناؤه وجوده في الدنيا ،و هناك آخرون ينتظرون أن تصلهم النساء بدلاً من أن يصلوا هم نساؤهم هل تغيرت المراسيم بتغير الزمان .

أمّا من لا يذكر والدته وينكر وجودها فتظل تنتظر قدوم العيد حتى تراه و ترى أحفادُها و لكنها ستظل تنتظر لأنه يأتي اليوم الأول و ينتهي دون أن يأتي لزيارتها و يأتي اليوم الثاني و الثالث و الرابع دون جدوى ،فأشغاله كثيره ووالدته آخر اهتماماته .

أما يعلم هؤلاء أن الله لا ينظر لهم وهم قاطعي أرحامهم ،أتساءل دائما هل حقاً يؤدون فروضهم وهم مطمئني الضمير و يعتقدون أن صلة الأرحام ليست فريضة ،أصلاتهم و صيامهم نوعٌ من الروتين أم أداؤها رياء ؟

حقاً أن العيد في هذا الزمان أصبح مملاً الأخ يكره أخاه و إذا أقدم أحدهما على زيارة الآخر تكون زيارة غير مرغوبٌ فيها من قبل الطرفين ،و الأخت تنسى أن لها أختاً تسأل عنها، و أخوات يعشن غريبات في بلد يعج بالإخوة و الأقارب ،عجباً منك يا زمان كيف استطعت أن تفرق القلوب،و تمحو أي معلم يشير إلى ما يسمى بالرحم .

 

و هناك من يستيقظ من الصباح الباكر و يذهب لزيارة والدته و إخوته الرجال و النساء و لا ينسى أن يضع العيدية في جيب كل واحد منهم و كذلك لا ينسى أبناؤهم ،أما هو فلا يصله أيُّ أحدٍ منهم طيلة أيام السنة حتى أيام العيد ، فيقول في نفسه "أصنع الواجب و لا أنتظر مقابل فأجري على الله "و هناك من يأتي العيد و يذهب دون أن يشعر بقدومه فيكون كأي يوم من أيام السنة .

وهناك أب يضع العيدية في جيوب أبناء اخوته و أبناء الأقارب و ينسى أبناؤه فالعيدية بنظره ليست مالاً بل  شعور يشعر به الأطفال، فكيف يشعر هذا الطفل بالعيد دون أن يحصل على العيدية التي ينتظرها طيلة أيام السنة و أي دينارٍ تعطيه لهذا الصغير سيشعر بالسعادة ،لأنه سيملأ جيبه مالاً كثيراً في هذا اليوم،بالرغم من أن هذا الزمان أصبحت العيدية لا تشكل أي تغيير لبعض الأطفال فجيوبهم ممتلئة دائما بالدنانير .

لماذا تحول العيد إلى جوٍ مليء بالملل هل لأننا نعيش في زمن المصالح المتبادلة ،عندما تكون مصلحتي معك فإنني أصلك في أي مكان تذهب إليه  و عندما تنتهي هذه المصلحه فلستَ أخي و لا أعرفك "أخوُّة في الإسم الموجود على الهوية الشخصية فقط" .

و هذه رواية أخرى عن صلة الرحم و هي مختلفة عن كلّ ما سبق أعرف عائلة يعيشون  مع بعضهم أسرة واحدة الأب و أبنائه و أحفاده هذه الأسرة هي عبارة عن أسرة مثالية لأنهم مترابطون دون أي مصالح مشتركة بينهم ،يفعلون المستحيل لإسعاد أبناءهم وهم لوحدهم يصنعون جواً سعيداً في العيد و يصلون دائما بعضهم  و لا ينتظرون أن يصلهم الغرباء ففي زماننا هذا الأقارب ما عادو أقارب هم كغيرهم غرباء ،فأحياناً يتوه الخال بابنة أخته و لا يعرفها ، فيكون كأي رجل يسير في الطريق فهي أيضاً لا تعرفه  ،أمّا العم قد يعرف أخبار اخوته و أبنائهم من خلال الصدف ،وهناك أعمام لايهتم بأخبار اخوته  بقدر اهتمامه بالنفع الذي سيناله من هذه الصلة  فهكذا يفهم معنى صلة الرحم .

بدأ الناس في الوقت الحالي يتحولون بأنظارهم نحو الغرب ، فنحن نعيش في بلد مسلم و لكن أفراده بدأو يتبنون الفكر الغربي  بصلة الرحم و هذه العبارة أذكرها دائما في مقالاتي بل إنني أصبحت أيقن أن مجتمعنا بدأ يتبنى الفكر الغربي بالتفكك الأسري و بقطيعة الرحم و بامتهان المرأة و بعقوق الوالدين و كذلك بعدم تربية أبنائهم تربية سوية و هناك العديد من الآفات الاجتماعية التي بدأنا نعاني منها مع تطور العصر .

 

أنا تحدثت عن شريحة من المجتمع و لا يعني أنها المجتمع بأكمله ،فهناك أناس لا زالوا يعيشون على أصالة الماضي و لازالت عاداتهم الأصيلة تطغى على نمط حياتهم بل أنهم يعلمون أبناءهم معنى العائلة و كيف نحافظ عليها ، ويعلمونهم أن صلة الرحم فرض و ليست سنة ، و أنها لا تؤدى رابع أيام العيد لأن العيد ينتهي في اليوم الأول ،بل تؤدى طيلة أيام السنة .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد