إحسان عبَّاس وعُرُوْبَة الأنباط

mainThumb

06-07-2013 04:31 PM

 أفرد الباحث ( إحسان عباس ) كتاباً يُثْبِتُ فيه ( عروبة ) الأنباط وزبره بعنوان : ( تاريخ دولة الأنباط ) ، ونعلم أن هذا الباب من المباحث يدخل في علم الأنساب ، فيجِبُ على من سلكَ هذا المسلك أن يكونَ جُلُّ اعتماده على كُتُبِ الأنساب التي اختَصّتْ بأنساب ( العرب ) لأنَّ الهدف والغرض من افراد الباحث إحسان عباس لرسالته هو التدليل على عروبة النبط ، وأيضا يُرْفِقُ مصادرَهُ بِكُتُبِ الموروث الأدبي من دواوين الأشعار وأسفار الآداب ؛ لأنها احتوتْ على أنساب العرب وأسماء قبائلهم ومناطق سُكْناهم فهي رديفٌ قويٌّ للكتبِ المُخْتَصَّةِ بالأنساب ، فإنَّ الشعرَ هو ديوانُ العرب ، جمع  أيامَهم وحفِظَ موروثَهم الزاخر في كُلِّ مناحي الحياة .

 

والمُستَغْرَب في ذلك أن الباحث إحسان عبَّاس معروفٌ بتحقيقاتِه لكتُبِ الأدب التي فيها ما أشرنا إليه رغم ذلك لم يجعل هذا النوع  عُمْدَتَهُ في بحثه بل زَهِدَ فيه وعَرَّجَ على أشياء لا تغنيه قطميرا في هذا الباب ، كالنُّقوشات الحجرية التي فيها أسماء عربية ( مالك وحارثة ) فهذا ليس دليلاً على عروبة النبط !
 
لأننا عرفنا بالاستقراء والتتبع أنَّ الأممَ تتأثر بثقافات بعضها البعض ، فإنَّ الأنباط وخاصة نبيط الشام لهم احتكاك بقبائل عربية كجذام وعاملة وقضاعة ... فلعلَّ هذه الأسماء المنقوشة من باب هذا التأثُّرِ . 
 
فانظر الى حال عرب اليوم ، لو نزلتَ الى أي سوق من أسواق العرب وشوارعهم لوجدتَ أن غالب الأسماء الموجودة على ( البَقَّالات والمحلات ) ليست عربية بل إفرنجية فهل هذا دليلٌ على إفرنجية العرب ؟!!!!
بل أسماء أبناء العرب في هذا الزمان فيها من العُجمَة الشيء الكثير الكثير  ك (لورنس ، بوش ، وشمعون ...) فهل يأتي زمانٌ على العرب وباحثيهم يستدِلُّ على أعجمية العرب بهذا الأسماء غير العربية ؟!
 
ولقد وقعتُ على مخطوط  قبل خمس مئة سنة يتكلَّمُ عن قبائل ( جذام ) في منطقة ( حِسْما ) أن شيخ بني عقبة الجذامية اسمه ( شمعون ) ورددْتُ ذلك لتأثُّرِ عرب تلك المنطقة بأسماء الرهبان في ( دير سانت كاترين ) في جبل الطور جنوب صحراء سيناء .
فالأممُ تتأثر بعضُها ببعضِ حسب القوة والمنعة ولذلك قال العلامة ابن تيمية : (( إنَّ المغلوبَ مولعٌ بتقليد الغالب )) .
فاعتماد الباحث على مجرد الأسماء لاثبات عربية الانباط شيءٌ مرفوض ، وكان حَريَّاً به وهو المختصُّ بتحقيق الكُتُبِ الأدبية أن يكون اعتمادُه على الكُتُبِ التي اختَصّتْ بأنساب العرب  وهي كثيرة ولا تخفى عليه !
 
وقال إحسان عبَّاس في رسالته ( 23 ) : ( نعم ، أن آراء جميع الباحثين في تعيين الموطن الأصلي للأنباط متَّفِقَةٌ على شيء واحد وهو تحديدهم للمنطقة الكبرى التي كانت منبَتُهم ، أي الجزيرة العربية ) .
 
فهذا مُستَهْجَنٌ من الباحث إحسان عبَّاس  ، فأين هذا الاتفاق المزعوم ؟! 
 
ونعلم أنَّ العُمْدَةَ في ذلك كُتُبُ الأنساب وما ساعدها من كُتُب الأدب فهل دللْتنا على نصِّ لعالم مختَصٍّ أن ديار وأصل الأنباط جزيرة العرب ، فلو كان كلامُكَ مُثْبَتٌ لما زبرتُ هذا الرَدَّ على رسالتك ؟!
 
فإنَّ هذا الإتفاق مزعومٌ ولا صحَّةَ له فكل من ذكر النبيط ( الأنباط ) من العلماء القدماء لم يذكروا  أن مواطنَهم جزيرةُ العربِ بل يذكرونهم في الشام والعراق فقط .
 
وقال الباحث إحسان عبَّاس أيضاً ( 25 ) : ( ومع ذلك فقد نجد بين الدارسين المحدثين من ينكرون عروبة الأنباط ... ) !
 
فعحبٌ لكَ يا إحسان عبَّاس وأنت المُحَقِّقُ لكتُبِ الأدب القديمة  ، أما مرَّ معك  ثُلَّةٌ من القدماء وهم ينكرون عروبة الأنباط ؟!
 
ولمعرفة بُعْدِ الباحث إحسان عبَّاس عن هذا الإدِّعاء نُحِيْلُ القارئَ إلى رسالة نشرتْها صحيفة ( السوسنة ) للباحث أحمد أبو بكرة اسمُها : ( إيقاظ الهِمَمِ في إثبات أن الأنباطَ من العجم ) .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد