حمى حكم الدستورية

mainThumb

17-06-2013 01:05 PM

أسوأ ما شهدته الكويت خلال الأسبوعين الماضيين حمى انتظار حكم المحكمة الدستورية التي سرت في جسد المؤسسات كافة, فمجلس الأمة ¯ موضوع الحكم المرتقب ¯ تقاذفته الهواجس والاحتمالات, فأقر قوانين عدة بزمن قياسي لم تعهده المجالس السابقة, والحكومة ¯ المعنية أيضا بالحكم ¯ راحت تمارس نوعا من التردد في معالجة ملفات كثيرة على أمل أن يخلو لها الجو وتمرر ما تريد من دون عناء العودة إلى ممثلي الشعب ومناكفاتهم.

 
تلك الحمى طالت حتى المواطنين العاديين, فما كنت تلقي التحية على أحدهم إلا ويبادرك: لننتظر حكم المحكمة الدستورية! فيما المبطلون مارسوا أقذر أنواع حملات التأجيج والتهديد والوعيد السياسي, بما يؤكد سعيهم الدائم إلى التدخل في القضاء وممارسة الترهيب ضده, وعدم احترامهم لاستقلاليته غير القابلة للتأويل أو التشكيك, وبخاصة أصحاب سوابق في هذا الشأن, أكان في اعتصامهم أمام قصر العدل أو حديقة البلدية أو في البراحات الأخرى, عندما كانت المحاكم تنظر في قضايا تخصهم, وهاجموا القضاء حين أصدر أحكامه ضدهم, وكالوا له المديح حيث كانت الأحكام لمصلحتهم.
 
كثيرة هي الأحداث التي تركت من دون معالجة, ومنها قرع طبول الطائفية والمذهبية طوال الأسابيع الماضية, ووصلت إلى الدرك الاسفل عندما كشفت عن أنيابها في قاعة عبدالله السالم, فيما أثيرت قضايا أخرى عدة مرتبطة بشكل أو بآخر بنزعات انتخابية, ما كشف عن عدم إدراك للمسؤولية الوطنية في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها المنطقة, وترخي بظلالها على الكويت, وهو مشهد لم يسبق أن طغت الأنانية المقيتة فيه على كل ما عداها. 
 
لا شك أن ترجمة احترام القضاء والإيمان باستقلاليته, يكون بالتزام الصمت المطلق إلى أن تصدر المحكمة حكمها, ولا يكون لا بالغمز أو اللمز أو رشق الناس بحجارة التكهنات والآراء المثيرة للبلبلة والقلق بين مكونات الشعب. 
 
فهذا الصمت فعل وطني مارسه العديد من أبناء الكويت الذين لم يقربوا الأمر أبدا طوال الأشهر الماضية, وهو ما كان يجب أن يسود بين الجميع, لا أن يتنطع البعض للخوض في مسألة منظورة أمام القضاء, كأن يقول أحدهم إن الحكم إذا صدر ضد رغبتنا فعلى الديمقراطية السلام, أو آخر يتفذلك بآراء لم ينص عليها قانون أو دستور ولا أي وثيقة في ما يتعلق بمراسيم الضرورة, وهو لا شك يكشف عن جهل وعدم ثقافة قانونية, فيما يفترض أنه من النخبة الكويتية المنوط بها المساهمة في نهضة البلد. 
 
إن الحكم الذي سيصدر اليوم, ومهما كانت نتيجته, لا يعني نهاية الكويت, بل هو إضافة إلى رصيد ديمقراطيتنا, وتأكيد على قوة مؤسساته, واستقلال القضاء ونزاهته, وإذا كان على الجميع التسليم به والاذعان له, فعليهم, أيضا, أن يتعلموا الدرس, وبخاصة احترام المؤسسات وعملها, ولا يرهنوا مصير البلد بأي أمر يحدث يوميا في الدول الديمقراطية, ولا يعطل الدولة ومؤسساتها, إذا كانوا فعلا يريدون دولة ديمقراطية حقيقية. 
 
أحمد الجارالله


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد