لقد جفّت الأقلام وطويت الصحف ولم يعد هناك عذراً لمن يصمتون على ما تتعرض له سوريا الشقيقة من حرب عالمية إرهابية كبرى تستهدف الوطن السوري وتفتيت الدولة السورية وليس مجرد تغير نظام لا يروق للغرب بقيادة الشيطان الأكبر أمريكا والكيان الصهيوني اللقيط .
من بداية الأزمة كانت المؤامرة واضحة والعملاء جاهزين والأدوات جاهزة وهم مرتزقة من كل مزابل العالم ومهووسين مذهبياً بعضهم جندّه حكّام قطر وآل سعود وصبيهم المدعو سعد الحريري في لبنان وأدخلوهم لسورية قبل موضوع أطفال درعا الذي ضخّم بأكثر ممّا يستحق ولكن المؤامرة كانت معدّة قبل ذلك ومنذ احتلال العراق عام 2003م التي سبقها تصنيفات جورج الصغير بوش بمحور الخير ومحور الشر ، وكانت أمريكا والكيان الصهيوني طبعاً برئاسة المجرم شارون من محور الخير وإيران وكوريا والعراق وسوريا وليبيا ضمن محور الشر حسب تصنيفات الصغير بوش ، وكان مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يخطط له منذ رحيل جمال عبد الناصر قد بدأ ، وتغيّير سياسة مصر (180) درجة وأصبحت ما بعد عبد الناصر حتى اليوم جزء من المشروع الأمريكي رغم رفض الشعب المصري العريق بأصالته الوطنية والقومية ومقاومته لذلك .
إذاً المؤامرة على سوريا ليست من صنع الصدف أو إرادة أو ثورة شعب أراد التغيير كما يدعي البعض بحسن النيّة أو بسوء النية وأصحابها كثر ، قبل الأحداث المؤسفة كانت سورية البلد الوحيد في المنطقة عربياً الذي لا يحتاج لأي مساعدات غذائية أمريكية وغيرها وكان لديه شبه اكتفاء ذاتي وقد تحدث رامسفيلد بعد احتلال العراق مباشرة بأن الدور القادم على سوريا وليبيا الذين عليهم أن يسلموا البرنامج النووي قبل الأوان واستجابت ليبيا ولكن ذلك لم يمنع من احتلالها والتنكيل بشعبها وقائدها الشهيد معمر ألقذافي ورفاقه عندما قررت فرنسا وأيدت أمريكا وبريطانيا ذلك كما اعترف رئيس وزراء إيطاليا برلسكوني أن سورية صاحبة السياسة الحكيمة وبعد النظر واجهت المؤامرة وتعاملت معها كالمدرب الماهر في مصارعة الثيران حيث دعمت المقاومة العربية والغير عربية للمشروع الأمريكي مع محورها إيران وروسيا والصين ومعظم دول أمريكا اللاتينية والقارة الإفريقية وأفشلته وجعلت الفشل الأمريكي واضح في العراق ولبنان وفلسطين المحتلة خاصة بعد العدوان الصهيوني على غزّة عام 2009/2010م .
ولذلك الأحداث في سوريا اليوم هي صراع على الموقع الجيوسياسي لسورية وليس الموضوع النظام وغيره ونقول للأمانة والإنصاف لو كان هدف النظام السوري السلطة فقط لرفع الراية البيضاء وسار كغيره من الخرفان في المخطط الأمريكي ووافق على المشروع الصهيوني بالمنطقة ولو فعل ذلك لانتهت اللعبة وفاز بالسلطة وخسر نفسه وشعبه ولكن ما حدث يثبت أنّ آخر ما يفكر به النظام السوري هو السلطة وهو مستهدف وفق السياسة الأمريكية منذ سبعينيات القرن الماضي ومذكرات كيسنجر الصهيوني المعروف تؤكد ذلك ولا تنفي .
ولذلك استغرب مواقف الكثير من المثقفين الذين في الحقيقة غربلتهم الأزمة السورية وأفرزت بشكل واضح من هو مع وطنه وأمته ومن هو في الخندق الآخر كما عرّت الإعراب الخونة في الخليج المحتل خاصة أنظمة قطر وآل سعود وكما عرّت بعض الأجهزة الأمنية العربية المخابراتية التي شاركت بدعم الإرهابيين القتلة وكشفت أزمة الأخلاق الأممية لتجّار حقوق الإنسان والكيل بمكيالين وعندما يكون العدوان والإجرام موجه لسورية يصبح ثورة وقمعه يعد إرهاباً من قبل هؤلاء وعندما تكون المقاومة لقطعان الاحتلال الصهيوني في فلسطين والعراق يصبح ذلك إرهاباً يجب قمعه ويجوز التعامل معه بكل أنواع القوة بما في ذلك الأسلحة المحرمة دولياً كما حدث في غزة وجنوب لبنان وقبله احتلال العراق .
إن الأحداث المؤسفة في سوريا كما أسلفت حرب عالمية صهيونية أدواتها الرجعية النفطية قطر وآل سعود بشكل خاصة بالدعم المالي بلا حدود والذي لو قدّم من أجل فلسطين وحماية الأقصى لكان كافياً بزوال الكابوس الصهيوني كما أنّ أدوات الاستعمار الصهيوأمريكي من الأخوان المفلسين وغيرهم من الإرهابيين القتلة الذين أثبتوا أنهم أسوأ من الأنظمة التي يدعون أنها قمعتهم ، وفي الاتجاه الآخر فقد أثبتت سورية كما هي دائماً إنها القلعة الصامدة في وجه كل المخططات والرقم الصعب في كل المعادلات في السلم والحرب على السواء .
المجد والخلود لكل شهداء الأمة العربية وخاصة شهداء حماة الديار من الجيش العربي السوري والإعلاميين الأحرار الذين قتلهم الإرهابيين وكل المواطنين البسطاء الذين ستبقى دمائهم الطاهرة لعنات تطارد أنظمة الصحراء الهمجية قطر والسعودية وأسيادهم الصهاينة الأمريكان ولا عدوان إلا على الظالمين .