طعم الاستقلال والقرار المسلوب

mainThumb

23-05-2013 05:42 PM

وجهت لي دعوة لحضور الحفل الذي تشرف سعادة سفير الأردن في السعودية برعايته بمناسبة عيد استقلال الأردن السابع والستين, وحقيقة الأمر أنني شعرت بشعورين  متناقضين في آن واحد, شعور بالعزة والرجولة والحرية ,يقابله شعور بالحزن والأسى والألم , فالشعور الأول : سببه الفرحة العارمة بطرد المستعمر من بلدي وتمتعها بالاستقلال, والشعور الثاني: سببه الاستقلال الناقص الذي أصبح وطني الحبيب لا يملك قراره بيده وعاجزا حتى عن الدفاع عن حرمة أبناءه الشرفاء .

لقد أصبح المواطن الأردني يعيش حياة الذل حتى في وطنه الصغير, وكنا نتغنى بأننا نملك الشرف والرجولة فحتى هذه القيمة أصبحنا نحسد عليها وتسلب منا بل ونضرب في ديارنا, ونشتم أشد الشتائم دون أن يكون لوطني الكلمة التي يدافع فيها عن أبناءه!

  فهل يا ترى طعم الاحتفال بالاستقلال في الماضي يشبه طعمه في الحاضر ؟

السؤال الجدير طرحه  هنا ما معنى الاستقلال لكي نرى أننا نستحق الاحتفال به أم أننا نكذب على أنفسنا ونقلب الأيام بما فيها من خزعبلات لا تنطلي حتى على الأطفال الصغار ؟

الاستقلال : معناه : تفرد الدولة الوطنية بحكم نفسها من غير دخيل وامتلاكها لقرارها ,وله أبعاد كثير ومعان عظيمه وليس مجرد كتابة على ورق أو الاستماع لأهازيج تمجد وتتغنى بغير الحقائق على الأرض ,فالدولة المستقلة تطعم أبناءها وتؤمن لهم العيش الكريم ,وتقضي على الجوع والفقر, وترتقي بقيمة الإنسان وتقضي على الأمية والجهل والخرافة وإحلال القيم الطيبة وتشجيعها ,والاهتمام بالعلم والعلماء وإنشاء المصانع  والمدارس والجامعات وإقامة البنى التحتية وتفعيل القانون لكي يسود على الجميع ,وتحقيق العدالة الاجتماعية ,ونبذ العنف والتطرف ومحاسبة  من يعبث بأمن البلد سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا فكل ما ذكر هو من معان الاستقلال وغيره الكثير .

إذا كيف لنا ان نحتفل بعيد الاستقلال ونحن نرى الحر يضام في وطنه ويضرب ويسحل ويلقى في الخارج دون أن تستطيع حكومته التفوه ولو بكلمة واحده تطفئ النار المشتعلة في نفوس الأحرار؟؟!!

ان هذا السلوك وهذا التقاعس وهذا الضعف يولد الحزن والأسى في النفس ويجعل من طعم الاحتفال بالاستقلال لا قيمة له بل يشعر المرء بالخزي والعار .

كيف نحتفل باستقلال وطني وما زال الوطن مرتعا لمن هب ودب يحل فيه الغريب ضيفا ويصبح بعدها وحشا يفترس ما يجد حوله !! يمسي لاجئا ويصبح مالكا للعقارات والبيوت التي يحرم الأردني من السكن فها, ومن أعجب ما سمعت ان لاجئا من دولة مجاوره أصبح مستثمرا في العقار كان يرفض تأجير الأردني !

كيف نحتفل بالاستقلال ونحن لا نملك قرارنا ونتسول من هذا وهذا ؟وإذا كانت الموارد والمياه والطعام والطحين لا تكفي لأبناء الوطن فلماذا نأتي بملايين الناس ثم يكون لهم صدر البيت بما معهم من أموال  إما مسروقة ,أو مغسولة أو مدعومة من جهات لا تخفى نواياها الخبيثة في تمكين الشيعة من بلاد الشام تمهيدا لما يزعمونه بتحرير للمقدسات الإسلامية وعلى رأسها الكعبة المشرفة  من الاحتلال السني !

كيف نحتفل بالاستقلال ونحن في مهب الريح ,نعيش كل يوم على وقع إشاعة تقتل في النفس كل معنى للاستقلال, فتارة يشاع بأن الدينار سوف يسقط وتارة الدولة لن تستطيع دفع المعاشات والرواتب ,وتارة مهددون من دول الجوار ,وأخرى انفلات امني وشللية وعنف جامعي ومجتمعي ,وارتفاع قاتل في أسعار الكهرباء  كيف نحتفل؟ وما طعم الاحتفال  ؟لا أدري !!!

كيف نحتفل بعيد استقلالنا ونحن نتوسل لأشقائنا بقليل من الدعم وقليل مما كثره الله عندهم من الموارد؟ ثم نهدد بقطع هذه المساعدات إن نحن رفضنا الخضوع أو دافعنا عن كرامتنا !!!

 لا شك أن تجويع الأردن وجعله يترنح دائما بين الوقوف وبين السقوط له أهدافه التي لا تخفى على احد , لكي يقبل بحلول ظالمه تهدد هويته وكرامة أبناءه وسيادتهم على أرضهم وتوطين الملايين من المشردين فيه  فتضيع الهوية الأردنية للأبد. وأكثر شيء أخشاه أن تصل الأمور إلى حد لا رجعة فيه بأن تتم مقايضة الأردنيين بان يتخلوا عن مذهب أهل السنة والجماعة ويفتحون ديارهم للتشيع والغزو الصفوي مقابل حصولهم على البترول, والغاز, وبصبح الطريق ممهدا أمام الغزو الشيعي للعلم السني بأكمله دون مقاومة وعندها" سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد