انتفاضة باردة في جامعة الدول العربية

mainThumb

19-05-2013 12:43 PM

لم نعد نتوقع في مجتمعاتنا العربية أن تصدمنا مفاجآت مهما كبرت أوصغرت وفي أي ميدان وقعت سياسية أو إدارية أوميثاقية أو شرطية وقيدية أو مواقف متناقضة مع تراث المفاهيم الوطنية ومضامينها,ليس لأن الوجود الاستعماري استوطن في أراضي معظم بلادنا العربية بقواعد عسكرية ضخمة في البر وفي البحر,وفتح الأجواء لطائراته الحربية,بعلم سلطات الدولة أو رغما عنها أو   عجزا منها للإغارة على أقطار عربية وتدمير بناها وتحطيم مؤسساتهاهنا وهناك.

ما حدث من من تحالفات غير متكافئة بين دول غزو العراق العربية ومنها مع القوى الأجنبية    باستقبال القوات الأجنبية على أراضيها وفتح الحدود أمامها لغزو العراق واحتلاله وما أدت إليه من نتائج مأساوية لعل العراق أشد المعانين شهدءا وماديا ومعنويا منها , ولكنها تركت جرحا غائرا في ضميرالمواطن العربي,وألقت بغمامة كثيفة على وعيه,وزعزعت إيمانه بأمته,وشوهت تراثه في الغيرة والحمية والفروسية في الوقوف إلى جانب مواجهة الأعداء التاريخيين للأمة العربية وتراثها الحضاري ومقارعتهم.فلم يعد عدوان الأجنبي على العربي مثار استنكار في الحد الأدنى من العرب زعامات قيادية أو سياسية أو حزبية.فقد دخلت قيادات أحزاب دينية ويسارية وليبرالية وانتهازية بدبابات الأميركي (لتحرير العراق),وأناط المحتل بها سلطات الحكم فقبلت فرحة,دون حياء أو خجل  أو تردد,أو أي اعتبارلماضيها ورؤية لمستقبلها.

والزعامات العربية اليوم التي سلمت أمرها لقيادة قَطَرية لحل القضية الفلسطينية,وقطر من أخلص أصدقاء الكيان الصهيوني المحتل,فالحل كما هو مؤكد سيسلك طريق التصفية للقضية والمال القطري جاهز للتعويض,وكأن الوطن يمكن أن يباع بالمال!!؟؟.

ومن الممارسات التي بنيت علىها طريقة احتلال العراق ومواقع انطلاق العدوان وأدواته, وتجاوب بعض القوى السياسية المعادية دوما للفكر القومي ومنطلقاته الوطنية, ممثلة بأحزاب سياسية  وجماعات تسييس الدين من الإخوان المسلمين وغيرهم وتعاونهم في تلبية الرغبة الأميركية ونقلهم بمدرعات الاحتلال إلى كراسي الحكم,لم يترك مثل هذا النقل أثرا استهجانيا أو استنكاريا على مؤسسة الجامعة العربية (بقيادة السيد عمرو موسى) عندما شرعنت بغطاء شكلي أرادته نفس القوى   الامبريالية الطامعة التدخل العسكري السافر والمكثف (لتحرير الشعب الليبي!!) وحماية منابع النفط وتولي إعادة البناء لرفد اقتصاد تلك القوى الذي يعاني من ضوائق وتراجع والوصول ببعضها إلى حافة الانهيار الاقتصادي.

ولما لم تجد الجامعة العربية سوى القوى الموالية للقوى الامبريالية ضعفا ورغبة في الحماية الأجنبية تسيرأعمالها وتملي عليها إرادتها,لم يجد السيد العربي أمين عام الجامعة العربية حرجا من السعي المتواصل وتحضير الملفات لمجلس الأمن ومتابعة الضغط (التوسل) على قوى الغرب لضرب سوريا كما تفضلت بضرب ليبيا,وكان (الثوار)يتوسلون التدخل الأجنبي ويأملون فيه وتوهموا أن تورطهم في الحرب على سوريا يمكن أن يسوقهم إلى السلطة كما تخطط له قوى العدوان الخارجي لينضموا إلى جوقة النظم المتباهية بعلاقاتها معها.وفي الوقت الذي  كانت تعلن فيه تلك القوى إنها لم تتدخل,اقتنعت بأن تدمير سوريا بأيد عربية يخدم غرضين:في الأول منهما تجنب الخسائرالكبيرة التي   توقعتها قياداتهم العسكرية واستخباراتها,بعد ما عانوه من تدخلات سابقة في مواقع أضعف عسكريا  وما لاقته من عداء متراكم من شعوب المنطقة.أما الغرض الثاني منهما فهو تعميد الخلافات   العربية والانقسامات الطائفية بالدماء العربية – العربية والإسلامية – والإسلامية,كي تتعمق جروحها وتتعقد مشاكلها البينية وتتحول إلى حالة العداء الدائم,الستند إلى حماية القوى الامبريالية.

ولم تتردد المعارضات المسلحة من سوريين وعرب وأجانب من أكثر ما 18 دولة غربية, المتعارضة في أهدافها والمتنافسة فيما بينها على المغانم الموعودة من وطن مدمر عن الترحيب بدورعسكري من الكيان الصهيوني للقضاء على الجيش العربي السوري وعلى قدرات سوريا ومقدراتها علانية وبكل صلافة وجرأة على كل القيم العربية منها والإنسانية.

أمين! عام الجامعة العربية الحالي,حاول في ما قاله أخيرا في منتدى الإعلام العربي في دبي قبل عدة ايام,التنكر لسلوكه السابق في محاولاته المتكررة (مقودا بالتعليمات القطرية) شرعنة تدويل الحرب على سوريا ,على الرغم من تقريرالفريق الدابي,وهو بالمناسبة أي الفريق يعطي مثلا مضيئا في النزاهة والكرامة الذاتية,في ظلام بيع النفس بالمال,وإهدار الكرامة الشخصية مقابل حفنة من المكاسب المادية التي تتردى قيمتها كلما مر عليها الزمن.

أمين!عام الجامعة يريد أدلجة عمل الجامعة وذلك لأن ميثاق الجامعة في حاجة إلى تعديل لجعل قراراتها ملزمة... مدعيا بأن الجامعة لا تملك موقفا خاصا بها!!ولم يقل في هذا الصدد كيف يوافق أمينها ! على قرارات متناقضة مع مواثيقها(تجميد عضوية سوريا,منح مقعد سوريا الدولة إى حلفاء متهالكون تحت مسمى المعارضة) تلبية لإرادة بعض أعضائها الأثرياء بمال الأجانب ورغباتهم؟ في حين كان أمامه مجالا لحفظ ماء وجه الجامعة بالوقوف معارضة ذلك وإن لم يفلح في تنفيذ ما أتُمن  عليه فالسبيل إلى ذلك الفشل هو بحفظ ماء الوجه !.

وما استكمل به كلامه حول الحرب المعلنة على سوريا,يعود به مرة أخرى إلى منافاة الواقع والتحيز لطرف دون آخر,متناسيا إن قيادات (ثورة الشعب السوري) من الأتراك والشيشان والإنجليز والهولنديين والألمان وغيرهم من العرب السعوديين والتونسيين والليبيين والأردنيين والمصريين ..لا ترغب في التفاوض السياسي مع الدولة السورية,بل لعله أراد التذكير بذلك محملا المسؤولية كلها للنظام السوري.

في أردأ أحوال العرب السياسية والفكرية والسلوكية الملتزمة إرادة القواعد العسكرية الأجنبية     الساكنة في ربوع أوطاننا,نتذكر أمثال الدابي ونتمنى الاتعاظ بمواقفه وسلوكه وأمن تحمله المسؤولية,ولا نتوقع من مؤسسات تملى عليها إرادات فتلبي وتتنطح لتبررأن تجد غير التأسي على   قيم رسخها التراث العربي في الالتزام بتحمل المسؤولية بأمانة ونكران ذات وجرأة في مواجهة الانحراف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد