هل يترك العرب سورية تصبح مستعمرة ايرانية أو مأوى لتنظيم القاعدة والمتطرفين والإرهابيين أم يتداعون سريعاً الى تحريرها من براثن هذا الغول الساعي الى افتراس دولهم الواحدة تلو الاخرى, فهاهو بعد خطفه لبنان ووضع يده على العراق يحكم قبضته على سورية, قلب العروبة النازف, وفيما يعبث "حزب الله" بدم شعبها تحسّن روسيا موقعها التفاوضي دوليا على حسابها, بينما العرب يتفرجون?
سورية التاريخ والجغرافيا والشعب والانتماء, حجر زاوية في العالم العربي فان سقطت تهاوى البناء كله, وعمته الفوضى والخراب, وربما استوطنته الحرب ألف عام أو الى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا, لذا فإن إنقاذها اليوم هو إنقاذ للعرب, وقطع يد الشر العابثة فيها قطع لدابره الذي يتربص بنا, وفتح باب الحوار أمام جميع السوريين, بل جلبهم الى طاولته وبشتى الطرق, إقفال لأبواب جحيم تستعر نارها في أرض الشام مهد الابجدية التي لا يجب ان تصبح لسانا ناطقا بالفارسية, او تتحول بوابة الفتوحات العربية بابا لغزو العالم العربي ومعقلا للارهاب. فما أعلنه زعيم حزب "التشبيح" حسن نصرالله في خطبته الاخيرة عنوان لمكتوب يجب ان يفهم العرب مضمونه جيدا, فهذا المتبجح أعلن نفسه, من سردابه وعلى وقع رائحة دم الابرياء السوريين, قائدا عاما للجيوش العربية, أين منه طارق بن زياد وأبوعبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد, وهو مستند في ذلك الى ارتهانه سورية... نعم ارتهانها له ولإيران من خلفه.
أن يهب العرب لإنقاذ سورية ليس تنازلا عن مبدأ, ولا تراجعا عن موقف, وهم بذلك لا ينقذون نظاما أو أشخاصا بعينهم, بل إنهم يوقفون حمام دم وينقذون بلدا عربيا حتى لو تفاهم العرب مع النظام الذي شئنا أو أبينا لا يزال موجودا ويسيطر على الجيش والاجهزة الامنية ومؤسسات الدولة.
فلماذا لا يجلس العرب معه الى طاولة واحدة, بل ويجمعون كل السوريين تحت سقف البيت العربي وذلك سيبقى أكثر نجاعة لسورية من السم الزعاف الذي تنفثه ايران وتابعها "حزب الله" ومن لفّ لفّهما في جسدها وأجساد شعبها.
طوال سنتين جرب العرب وسائل عدة, جربوا المقاطعة والجيش الحر ولا تزال الحرب مستمرة ويزداد يومياً عدد القتلى والجرحى والنازحين, واذا بقيت الأبواب مقفلة فالحرب يمكن أن تستمر لسنتين أخريين أو أكثر.
فهل تبقى سورية متروكة للمجهول? فالنظام يرى نفسه أنه يخوض معركة مصير ووجود, أي بالعامية "يا قاتل يا مقتول".
حتى إذا انتصر الجيش الحر والجماعات المعارضة للنظام, وبعضها جماعات متطرفة, فماذا سيكون مصير الجيش والشرطة وأجهزة الأمن ومؤسسات الدولة ككل? هل ستلاقي مصير الدولة العراقية التي تفككت أم ستسود لغة الانتقام والثأر بين الشعب السوري وقوانين العزل والاجتثاث التي فرقت الشعوب?
على العرب أن يتفكروا جيداً بحل جديد لا يستند إلى حسابات الماضي ولا إلى مواقف العناد, فالظرف لم يعد يحتمل العناد, لأن الاستمرار على هذا النحو سيفتح أبواب سورية أمام كل الطامعين, وفي هذا العالم هناك طامعون كثر بالعرب وبسورية, والدول التي ستتدخل فيها ستعمل على تحقيق مصالحها كونها ليست جمعيات خيرية, أكانت روسيا أو الصين أو فرنسا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة التي يمكن أن تبيع سورية لإيران بثمن بخس, والعراق أقرب الأمثلة.
العرب بحاجة في هذه المرحلة الى موقف جريء و خطة طوارئ واقعية واستثنائية تحفظ سورية, أو ما تبقى منها, قبل ان يفتك بها مرض التفتت والضياع, وقبل ان تسلم قيادها تحت وطأة الابتعاد العربي عنها الى ملالي طهران او جماعات التطرف من أي لون كانت الذين سيسعون الى جعل مثوى الانبياء موطن الارهاب والفتن, وحصان طروادة لهدم العالم العربي والسيطرة عليه.
إنقاذ سورية عربيا يعني إنقاذ لبنان والعراق واليمن, وإقفال الباب الى الأبد بوجه أطماع بني كسرى في العالم العربي, لذا يجب ألا تترك دمشق باباً مشرعاً تهب علينا منه رياح الشر, علينا ان نسده لنستريح, ولا نغالي إذا قلنا: الى إنقاذ سورية, يا عرب, در. فالقضية ليست قضية منتصر أو مهزوم إنما هي قضية سورية ومصيرها حتى لو أدى ذلك إلى طرق أبواب كنا نتحاشى سابقاً طرقها تحت ضغط العناد والزهو الشخصي.