من متابعة مجريات الأحداث الحالية في جمهورية مصر العربية, وما يليها من تصريحات وتعقيبات من (مؤسسة الرئاسة) تتضارب فيها المواقف وتثير في كثير من الأحيان السخرية والامتعاض,والتي تلوذ بالصمت في أحيان كثيرة خاصة عندما تقع الأحداث التي تستحق أن نصفها بالأحداث المأساوية والصادمة, كتلك التي شهدتها أحاث الاتحادية المهينة والمخزية التي اتهم بممارستها أعضاء في جماعة الإخوان بالتحقيق مع حارس عمارة بضربه وإيذائه بطريقة انعدمت فيها كل قيم الرحمة والرأفة لإجباره على الاعتراف بأنه يتلقى أموالا ليتظاهر وهو ليس من المتظاهرين ولا تعنيه السياسة في شيء.
مقتل حراكيين شباب اشتهرعنهم معارضتهم السلمية بالكلمة وبالرأي بعينهم بالقنص المتعمد, وسحل وتعرية مواطن فقير وضربه بوحشية وبطش أناس متعطشين للثأر من الضعفاء بعد أن عجزوا عن مواجهة الأقوياء,ولكن تظل في صورة تكميم رجل ملتح طويل القامة قوي البنية فم سيدة معروفة في المجتمع المصري لمنعها من الهتاف تعبيرا عن رأيها كمواطنة حرة تتشرف بها الحراكات الوطنية, قائمة في الذاكرة الوطنية للأحرار,وتقلق مستقبل الطغاة وتؤرقه, كما تظل في ذاكرة العنف والضيق تدور في فلك يعجزالفكرالمتنورعن تحليل أسبابها,تخجل القوى التي ينتمي إليها رجلها ذاك أن تبررها بما عرف عنها من امتلاك ناصية التبريرتهربا من مسؤوليات التفسيروتحمل مسؤوليات نتائجه وواتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.وستظل هكذا خطايا كأيقونة رمزية ترخي ظلالها الكئيبة والمنفرة على تاريخ حكم الجماعة في هذه الحقبة من تاريخ مصر.
شكل مقتل أكثر من أربعين مواطنا من المحتجين في مدينة بورسعيد حدثا لم ترمثله نظم حكم يتباهى بالديمقراطية كأنها من صنعه ,وتنسب حكمها إلى مرجعية الصندوق مناقضة كل معاني الديمقراطية ومتجاهلة كل قيمها جاحدة بها أو ربما جاهلة بها . لم يكن من الممكن أن تقوم لحكومة ارتكبت هكذا مجزرة سواء مباشرة أو بطرق غير مباشرة أن تستقيم أمورها وأن لا تخجل من نفسها بعدم تحمل المسؤولية القانونية والتشريعية أوحتى المسؤولية الأدبية على أقل تقدير, فتستمر في التربع على كرسيها دون مراعاة لمشاعرالمواطنين ودون اكتراث بما يرتكب من جرائم في ظل حكمها (السعيد).
بورسعيد بالتحديد ومدن قناة السويس بالأخص لها مقام رفيع في تاريخ مصر قديمه وحديثه,وفي تاريخ العرب المعاصر .وبور سعيد مدينة ليست ككل المدن في تاريخها في مواجهة العدوان الأجنبي والتصدي الشعبي له,وهي ليست ككل المدن المصرية وربما العربية في مقارعتها لظلم الحاكم وطغيانه وفساد إدارته وتخبط قراراته وتردد مواقفه في انصاف المحكومين بتطبيق القانون دون محاباة أو تمييزما أمكن له ذلك,وضعفه أمام مقاضاة سلوك الفئات المناصرة له العدوانية تجاه القضاء وتجاه الإعلام وتجاه المعارضين أو مساءلتهم أو مجرد مخاطبتهم!!وتبريرأعمالهم بأنها ردة فعل طبيعية!!,ومغازلة قياداتهم ما دامت مواقفهم تصب في دعم النظام القائم وذلك عن طريقين.في الأول منهما التصدي لقوى المعارضة من مختلف أطيافها,وبمختلف تطلعاتها السياسية والوطنية, ومواجهتهم بالعنف والترهيب المدعومين بقوى وزارة الداخلية,وحمايتها ومشاركة بعض عناصرها في أعمال العنف والترهيب والتعذيب,واهمة أو غافلة بتعمد, أن ما يحدث من مصادمات واعتداءات بخلفيات سياسية أو عقائدية أو طائفية بين أبناء مصر يعفي السلطة من المسؤولية المباشرة منها والقانونية والأدبية.لتبدأ الحديث عن الطرف الثالث والبلطجية,ناسية أنها بذلك تؤكد ضعهفا في حفظ الأمن وفي صيانة الحراكات السلمية وفي تطبيق القانون الذ يشيرون إليه باستمرار وكانها عقدة المذنب بالسرقة يتحدث عن الأمانة بصوت عال ومصطلحات صاخبة.
مدينة بورسعيد تحمل عن جدارة واستحقاق وساما شعبيا مصريا - عربيا بتسميتها بالمدينة الباسلة لدورأبنائها المشهود في مقاومة الاحتلال وفي التصدي للعدوان الذي كررته قوى الاستعمار والقوى الصهيونية على مصرعندما كان النظام في مصر يحمل راية التحررمن الاستعماروالاحتلال مؤيدا بجماهير واسعة من المصريين (باستثاء الإخوان المسلمين في مصر وفي غيرها من الدول التي آوتهم ) ومن الشعب العربي في مختلف أقطاره,لأنه أدرك العلاقةالترابطية المتينة بين المشاعر القومية التي تحشد قوى الشعب دون تمييز أو تحجيم أو تهميش لأي قوى تؤمن بمصيرالوطن المشترك شراكة طبيعية لا تجميل فيها ولا تصنع أو مخادعة لأبناء أمة عربية خلد التاريخ منجزاتها,أمة متسامحة,لا تطيق العنصرية وتبغض التمييزبين الناس,فهي حاملة رايات الديانات السماوية بكل قيمها الخيرة والرحيمة والشاملة,ولهذا انتصر تراثها الذي واجه كل خروج على أسسه وعلى أصول مكوناته.
كانت استجابة أبناء بورسعيد ومدن القناة لقراررئيس الجمهورية بمنع التجول, بالخروج إلى الشارع وإقامة المباريات الريضيو الرمزمية تعبيرا بليغا عن مستوى وصلت إليه هيبة الرئيس وهيبة النظام,وأعطت العالم درسا من دروس صلابة الوقفة الشعبية في مواجهة الظلم وفي مخاطبة الحاكم المستبد.
وكانت لوقفة الجيش المصري مع الشعب في بورسعيد,بعد سحب النظام لقوات أمنه التي أنهكتها مواقفه المتردية في التحيزضد المعارضين والمنتقدين وغيرالراضين عن ممارسات النظام السياسية والاقتصادية والأمنية والقرارات الموغلة في مخالفة القانون وفي فرض الوصاية على الناس وعلى ميولهم السياسية وانتماءاتهم العرقية والثقافية والدينية,كانت تلك الاستجابة الحضارية استذكارا راقيا وتاريخيا لرفاق سلاح ومقاتلين للعدو المشترك في ميدان المعركية مباشرة,وربما لهذا وبسببه وصف أحد قادة الإخوان المسلمين (عضو مجلس الشورى) القوات المسلحة المصرية بالجنود الشجعان تقودهم الفئران!!!) وهو قول بحد السيف على كل الرقاب غير الراضخة وغير الموالية وغير والموافقة بالبصمة الأمية أن تتهيأ له.