صحيفة السوسنة الأردنية

 

هذا المجتمع أصبح غريباً علي ،ووجوه الناس لم تعد كما كانت ،كان ما يميزنا عن بقية البلدان مهما اشتهرت بحضارتها و ثرائها لكنها تفتقر للأمان الذي كنّا نمتلكه و نتفاخر به ،أصبحنا نعيش في حلبة صراع ،تُرتكب به كافة الجرائم الدخيلة على مجتمعنا .

 

في مرة جلست مع أحد الرجال العاملين في أحد الأجهزة الأمنية وبعد أن أخبرني العديد من القصص التي يشيب شعر الرأس لسماعها قمت بطرح سؤال عليه : هل حقاً ما نسمعة عن ممارسة العنف مع من يُستدعون للتحقيق سواءً كانوا مجرمين أم لا ؟ و الحقيقة أن اجابته كانت ذكية ومقنعة أيضاً.فقال لي :- نحن في مهمتنا نشبه المدرّس، اذا لم يكن للمدرّس شخصيته التي تتطغى على الطلاب ضاعت هيبته و ما عاد عنده القدرة على ضبط الصف و ادارة الحصة ،و نحن كذلك إن لم يكن لدينا هيبة ما استطعنا أن نجمع المعلومات و نواصل التحقيق ،فبعض المجرمين ينكر فعلته رغم ثبوت الأدلة عليه وما نفعله ليس بالممارسات العنيفة التي يظنها البعض ،وهل تظنين أن من يدخل عندنا هو مجرم و نقوم بضربه  ضرباً مبرحا الحقيقة أننا لا نلجأ للعنف و ليس كل ما يدخل عندنا هو مجرم ،فهنالك من يستعدون للإستجواب الروتيني يأتون معززين و يخرجون مكرمين ،أكمل حديثه :" أختي نحن نحافظ على الأمن و الأمان ".

 

أعجبتني العبارة الأخيرة وهي أنهم يحافظون على الأمن و الأمان وهذا ما دفعني لسؤاله ثانية  لماذا ارتفعت نسبة الجريمة بالأردن في الآونة الأخيرة ؟و كان الجواب هو نفس الاجابة التي توقعتها وهي أن توافد الجنسيات المختلفة إلى مجتمعنا ساعد على انتشار الجريمة .

 

الحقيقة يا كرام  أن وطننا أصبح يشبه سلة الخضار تحوي جميع أصناف الخضروات و هذا دعا إلى انتشار كل ماهو مسيئ للمجتمع انتشرت الدعارة و كذلك الجرائم المخلة بالأدب من اغتصاب و تحرش إلى آخره ،أضف إلى ذلك ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب  و ارتفاع نسبة الفقر التي أوجبت إلى ارتفاع نسبة السرقة ،غلاء المعيشة توضع على أول القائمة، بعض الناس لا يجد الخبز ليأكله و إن كان في رقبته كومة من الأطفال الجياع فان هذا الرجل بمأزق كبير لا عمل و لا مال و الجيب خال و هناك أفواه تطلب الطعام و هؤلاء موجودين بكثرة ،و الشاب الذي تخرج من الجامعة و جلس عاطلاً عن العمل وتهدمت أحلامه ،ستقول لي أن الحكومة لا تملك فرصاً لتوظيف جميع هؤلاء سأقول لك أن هذا الكلام صحيح لو "ترحمونا من الواسطة" و الكل يعمل بكفاءته حتى لا يتحول هذا الشاب إلى فئة الحاقدين و يبحث عن وسيلة لتدمير الجميع  .

 

بالمقابل هناك مئات من المترفين وهم أيضاً لهم يد في فساد المجتمع ،فهؤلاء يبحثون عن التسلية التي بدورها تتحول إلى الدخول في عالم الجريمة .

 

الوضع الراهن بات صعباً وخطيراً لا يحتمل غض البصر عنه ،نحن بحاجة إلى روادع حتى نحد من هذه الجرائم، في الماضي كنا ننام و نترك الباب مفتوحاً و الآن أصبحنا نغلق الباب بالمفتاح و نحن مستيقظين .

 

ردوا علينا الأمان بأي وسيلة كانت فأمان أي مجتمع بصلاح رعيته و صلاح الرعية لا يتم إلا اذا ناموا وهم شبعانين، فالجوع هو بداية الفتيل و ان ظل مجتمعنا سلة خضار .