تنتخب الشعوب الديمقراطية ممثليها في السلطة التشريعية للقيام بالمساهمة في تمثيل أصواتهم والدفاع عن مصالحهم ومصالح مناطقهم إضافة الى مصالح أخرى ذات صبغة ومصلحة وطنية عامة . لتحقيق ذلك يقوم هؤلاء النواب بالتصويت على مشاريع القوانين ومنها طبعا القانون السنوي الأهم وهو قانون الموازنة العامة الذي يمثل مجمل سياسات الحكومة لعام مقبل . أما التصويت على الثقة في الحكومة فهو أيضا على قدر عالي من الأهمية مثل قانون الموازنة لأن هذه الثقة أو حجبها هي قضية تتعلق بالقيادة السياسية والإدارية التي ستقوم بوضع السياسات بالإضافة الى تنفيذها .
يتساءل كثير من المواطنين الذين نتحاور معهم فيما اذا كان انتخاب النائب يتضمن تفويضا مطلقا له بالتصويت كما يشاء أو يرغب أو يؤمر من قبل وحدة الإسناد في الدفاع المدني "المخابرات"؟ نعم يتساءل هؤلاء المواطنون هل انتخاب النائب يعني التوقيع على شك مفتوح أم هو عبارة عن وكالة عامة تمكن النائب الإمبراطور أن يصوت على قضايا يفهم فيها أو لا يفهم فيها ،يعطي الثقة للحكومة أو يحجبها ،يوافق على قانون الموازنة أو لا يوافق حسب "معرفته " أو حسب مصالحه هو أم مصالح من يمثلهم؟ ومن يقدر مصالح من يمثلهم ؟ وهل قام النواب عند منح أو حجب الثقة عن حكومة الدكتور عبدالله النسور بالتشاور مع قواعدهم الشعبية؟ لم أسمع الا نائبين اثنين قالوا بانهم استمزجوا الأردنيين الذين أوصلوهم الى مجلس النواب وتعرفوا على اتجاه مواطنيهم في هذا الموضوع. بمعنى آخر فإن الأغلبية الساحقة من النواب قاموا بالتصويت بالشكل الذي رأوه مناسبا وأهملوا رأي القواعد الشعبية التي يمثلونها.
انتخاب النواب الى سدة البرلمان ليس عقد وصاية ولا وكالة عامة مفتوحة يستغلها النواب بالطريقة التي يرونها مناسبة .أنا أكاد أجزم بأنه لو عرض موضوع الثقة في حكومة النسور على المواطنين الأردنيين في استفتاء شعبي عام لما حصل على 10%-20% من أصوات الشعب في حين أن الحكومة حصلت على ما نسبته 56% من أصوات النواب. لا أعلم كم من أهلنا في الرمثا كان سيصوت لصالح الدكتور النسور لو تم استفتائهم على ذلك وهل قام النائب فواز الزعبي باستشارة ناخبيه ورصد نبضهم ورأيهم وأخذها بعين الاعتبار عند إعطاءه للثقة للحكومة. ينطبق ذات القول على معظم نواب إربد وفي مقدمتهم السيد سليم البطاينه ومحمد الخصاونة وقاسم بني هاني وجميل النمري وغيرهم الذين أعتقد بأنهم لم يتشاوروا مع أحد ممن لهم الفضل في وصولهم لمجلس النواب.
نوابنا لا يتم انتخابهم على أساس الكفاءة ولا الجدارة ولا اللياقة السياسية فكيف نمنحهم تلك الوصاية المفتوحة ليقوموا بإعطاء الثقة والتصويت على مجمل قوانينا الضريبة والتعليمية والجمركية والدفاعية والخارجية مستندين على رؤاهم وهم ليس لدهم رؤى ولمعرفتهم وهم ليس لديهم معرفة ؟ في كثير من الدول الديمقراطية هنالك تشاور مستمر بين النواب والناخبين وخصوصا في القضايا التي تهمهم مباشرة ولتحقيق ذلك تجد مكاتب النواب منتشرة وقريبه من قواعدهم الشعبية وترى أيضا أن هناك موظفين يتم تعيينهم من قبل البرلمان يساعدون النواب في جمع المعلومات عن القضايا المعروضة ويشرحوها للنواب ليتمكن هؤلاء المشرعين من تشكيل مواقفهم وتصويتهم.
مسرحية التصويت على حكومة الدكتور النسور مسرحية هزيلة مارس النواب فحولتهم وفرديتهم وانانيتهم في إعطاء الثقة دون استشارة ناخبيهم. النواب هم نواب الأمة ويمثلون الأمة وعليهم الرجوع للأمة في القضايا الأساسية المعروضة عليهم. وقد كنا قد كتبنا سابقا بأن حكومة الدكتور النسور لا تحظى بالثقة الشعبية حتى وإن حصلت على ثقة النواب ونؤكد هنا صحة ما ذهبنا اليه وهو أن الثقة التي منحت لهذه الحكومة لا تمثل الشعب ولا تعكس إرادته فالشعب لا يحب هذه الحكومة ولا يحب رئيسها المارشال عبدالله النسور ولذلك فهي فاقدة للثقة والشرعية وأعتقد وآمل بأنه يتم طرح سحب الثقة منها والتي هي لا تستحقها أصلا خلال شهرين إن لم يكن أقل .