ماذا خسر الوطن بغياب العلماء عن المنابر ؟

mainThumb

16-04-2013 06:27 PM

بداية من لا يشكر الناس لا يشكر الله تعالى ،اغتم هذه الفرصة  لتقديم الشكر الكبير لمعالي وزير الأوقاف الموقر د.محمد القضاة على جهوده المخلصة والمشكورة وأرجو الله تعالى ان يوفقه في عمله الجديد وأن يسخره لخدمة الإسلام الحنيف .

وأشكر كذلك  معالي الدكتور عبد السلام العبادي الرجل المستقيم - رغم الظلم الذي تعرضت له - إثناء توليه الوزارة قبل ثلاث سنين ، لكنني أعلم أنه  قد تم تضليله وإعطاؤه معلومات غير صحيحة كما يحدث في عالمنا العربي عامه ؛حيث يضلل المسؤول من قبل  حاشيته فتزين له الشرور وتشيطن له الملائكة .

ولا يفوتني أن أقدم شكري واعتزازي بشيخي وأستاذي العلم الجليل د.هاني الطعيمات الأمين العام الحالي؛ فهو نعم الرجل المناسب في المكان المناسب ،وما علمنا عليه إلا الاستقامة قديما وحديثا وأرجو اهلل تعالى أن يشكل مع معالي د.محمد نوح القضاة (ثنائي ممتاز) للتغلب على المشاكل العويصة والترهل الكبير في وزارتنا الحبيبة واستعادة الولاية لها.

تساءل البعض ماذا خسر الأردن بغياب الخطباء عن منابر رسول الله عليه الصلاة والسلام.

الحقيقة التي لا يختلف عليها حتى غير المسلمين أن الخطاب الديني الرشيد والهادف يكون له آثار عظيمة على الفرد والمجتمع ومنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان على مر العصور المحرك للأمة والموقظ لها من السبات ,الشاحذ لهمم الجندي ومصدر الهام الأمة, منه يستنيرون ،ومن منثوره يتفقهون, تعلوا أبصارهم إلى أعلاه يستمعون الذكرى  من العلماء المخلصين.

لقد بقي بريق المنبر لامعا ومعبرا عن حال الأمة ,ولسانها الناطق الذي لا يخشى في الله لومة لائم، حتى استبدل علماؤه بمرتزقة, همهم الوحيد فقط تزيين المنكر وشرعنة الفساد والتطبيل والتزمير ،والبعد عن الموضوعية ,وتضميد جراح الأمة قبل تنظيفها فأصابها العفن والمرض وانتشر فيها الفساد .

المصيبة وأم المصائب هو عدم التفريق بين خطيب الجمعة والناطق الإعلامي باسم الحكومة, فلماذا يصر البعض على أن يكون الخطيب ناطقا بما تهوى أنفس البشر؟ ولماذا لا تكون للمنبر خصوصيته ومقامه السامي؟ فالمنبر على مر التاريخ لسان حال الأمة, الناطق باسمها ,المعبر عن شعورها والشاحذ لهمم أبنائها وما كان  المنبر يوما ضعيفا إلا كانت الأمة أكثر ضعفا .

وهذه ليست دعوى لأن يصبح المنبر محطة إذاعيه وناطقا باسم الأحزاب ووسيلة للتحريض على الفتنة ونشر الفساد الفكري ،بل هي دعوة لأن يكون الخطاب الديني ذا سقف مرتفع تنمو تحته الأفكار الإبداعية لحماية الأمة والحفاظ على مقدراتها وتأمين السلامة الإعتقادية لأبناء المجتمع, وقمع الفساد  بالحجة والمنطق والتعرض لمشاكل المجتمع التي بقيت مدسوسة لا يجرؤ أحد على الخوض فيها ونقاشها  فورثت الأمة الأسقام والجهل .

؛إن طأطأة الرأس ووضعه في الرمال وتضميد الجراح قبل تنظيفها والسكوت عن الباطل وشرعنة الفساد وعدم التجرؤ على مواجهة الظلم نذير شؤم ومقتل من مقاتل الأمة فلا بد من مواجهة الواقع بالواقعية وتقديم النصح لمن أعطاه الله الولاية والمسؤولية صغيرة كانت أم كبيره حتى نصل إلى بر الأمان بحول الله تعالى .


إن النهج الإسلامي الحنيف يرفض الغلو,والتطرف, والتشدد والغلظة وفي نفس الوقت لا يقبل الغلو من الطرف الآخر, فتجاوز الحد  في أي اتجاه هو غلو مرفوض فإذا كان التشدد ,والتكفير, والدعوة إلى الفتنة والطائفية أمورا محرمة ومرفوضة فان إنقاص الغير حقوقهم ومصادرة حريتهم ورفضهم وإقصائهم وتكبيل أفواههم غلو مرفوض كذلك .

 ولكي نكون أكثر إنصافا فإننا لا نرفض الأفكار لمجرد نزعة داخليه أو هوى لا سمح الله تعالى, ولكن ينبغي أن نكون أكثر موضوعية وحياديه تجاه القضايا وخاصة التي تهم الشأن العام ومن ذلك مسألة الممنوعين سابقا من الخطابة فقد اعتبر البعض قرار الوزير القضاة ليس بالمهم على اعتبار أن الوطن لم يخسر بغيابهم شيئا !!!.

أكاد أجزم أن كثيرا ممن منعوا من الخطابة لم يمنعوا إلا لأنهم غيورين على بلادهم ووطنهم وقد خسر الوطن والشعب من تغييبهم عن المنابر الشيء الكثير, لأنه وللأسف تم استبدالهم بخطباء بمقاسات محدده وبمستويات فقهيه وعلميه قليله مما أضعف الخطاب الديني وجعله ركيكا لا يواكب تطور المجتمع والحياة .

لقد كان الأجدر بمؤسسات المجتمع أن تشرك الخطباء ,ورجال الأمن ,والمحافظين ووسائل الإعلام في ورشات عمل تناقش وبصدق الحاجات الماسة للمجتمع بدلا من إقصاء كفاءات وعقول حاولت محاربة الجريمة ,واغتصاب الحقوق وتوعية الناس بخطورة القضايا الهامة والمصيرية ,والتحذير من مخاطر الفتن والخوض في ما حرم الله تعالى ,ومحاولتهم الوقوف أمام الفاسدين والمرتشين ورفض  بيع الأرض وانتهاك العرض.

وكان لهم مواقف مشرفة من رفض بيع المؤسسات العامة بصورة مشبوهة , والتصدي للإشاعات المغرضة ,والتحديات الصعبة التي تواجه الوطن وأهله.

 ومن أجل لجم الأصوات الحرة تم التآمر على أفواه العلماء ومنعها من أداء الواجب  الديني والحضاري في توعية المجتمع  ومنع انحداره إلى الهاوية .

ولا أريد المزايدة على أحد بوطنيته أبدا؛ فكل أردني يعتبر الأردن  أرضه, وعرضه, وماله ويغار عليه هو مواطن شريف بامتياز ,ومن يتربص بالوطن السوء ويبيعه ويفقره ويفسد فيه هو عدوه بامتياز كذلك, مهما كان انتماؤه الفكري ومسماه , حتى وان كان يرتدي  ثوبا أو عمامة أو يلبس لحية على وجهه .

 أخيرا إن استخدام المنابر لأغراض حزبيه أمر مرفوض تماما وغير مقبول أبدا بل إن استخدام الدين مطية  للإ نقظاظ على الوطن, وسلبه ,ونهبه وتجبييره لأغراض خارجية يعتبر جريمة لا تغتفر يجب التصدي لها ولكل من امتهن الدين لخراب الوطن وتدميره.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد