نظام مأزوم .. وأزمة مجتمع

mainThumb

14-04-2013 03:15 PM

 نظام مأزوم أدى إلى أزمة مجتمع, هذا ما انحدرت إليه نتائج ما سماه الأسياد لبعض العرب من المتسيدين الساحة بالربيع العربي,فمنينا أنفسنا بثماره اليانعة من فرط السذاجة السياسية والثقافية التي عانى من نتائجها أهل النوايا الطيبة من المواطنين العرب في مختلف أقطارهم نتيجة لما عانوه من ظلم الحكام وبطشهم,ومن استفحال الفساد واحتكار المكاسب والمنافع واقتصارها على الأبناء والأهل والعشيرة والأقرباء والأنسباء, والمؤيدين والمناصرين, وافتقاد مصادرالعيش الكريم,ونكران حق المواطنين في حياة كريمة مصانة فيها كرامته.

 
تفاءل المواطنون العرب بالتغيير كما شهدته تونس,وفي الحراك الشعبي الشبابي الذي بدأ نشاطه    الجاد  والحماسي في مصر,وتفاجأ المواطنون كذلك, أيما مفاجأة (بثورة الناتو في ليبيا),وها هو اليوم تصدمه (ثورة) الشعب السوري بتداخلاتها وتدخلات الأجانب والغرباء في مجريات أحداثها التي  هيأت لها قوى امبريالية وتنفذها قوى محلية وعربية أهلكت مصادرها وأنهكت قواها لتظل فريسة   لكل طامع بها من الجوار ومن سكان القواعد العسكرية المقيمين في الأرض العربية لنهب ثرواتها وتفكيك روابطها. 
 
أنهت الثورات الشعبية  - الشبابية في تونس وفي مصر حكم مراجع سياسية أدمنت الاستخفاف   بالشعب وبمصالحه,وظنت نفسها قيمة على مستقبله برؤاها المحدودة وضيقة الأفق التي ما انفكت تمارس الثقافة الأبوية بالصيغ الرعوية البالية على مكونات الشعب التعددية دون مراعاة لمفاهيم العصر,لتنتهي إلى نظم حكم شمولية رعوية متشددة في فرض رأيها, ترى نفسها حاكمة بإرادة   سماوية طالما انتظرتها مجتمعات عطشى للإيمان!!. وكان من نتيجة ذلك أن تحول النظام إلى نظام مأزوم بدلالة الشواهد التالية :-
 
- تشكل النظام باقتناص فرصة تاريخية دون أن يراعي أبعاده الاستئثارالتاريخية به,وخطورة   الانفراد في إدارته وتهميش القوى الثورية والوطنية التي فجرتها وأكملت تحقيقها بتتبع    مراحل إنجازها بفطنة وذكاء. 
 
- التخبط في السياسات الاقتصادية والإنمائية,وغموض مرجعياتها,وعدم الالتزام بالتعهدات والتراجع المهين عن القرارات لافتقارها التماهي من القوانين السارية,ومخالفتها التشريعات النافذة.
 
- افتقاد السلطة القائمة إلى الخبرة الإدارية,وإلى الحكمة السياسية المفترضة في كل من يتصدى للشأن العام,ومن يشغل مراكزالقرار في تلك الإدارة.
 
- عدم تنفيذ الوعود,واتسلع الفجوة بين الأقوال وبين الأفعال,والتهرب من مواجهة المسؤولية المترتبة على الفشل, وتبريره بطريقة تثير السخرية,بتحميل المعارضة والحراكات الشعبية المسؤولية بإعاقة عمل الحكومة وعدم إعطائها الفرصة في حل المشاكل اليومية الحياتية للمواطنين!.
 
- التخبط في التصريحات بإطلاقها وإنكارها بشكل مريب, وهذا ينبئ عن سذاجة طروحاتها وجهل مرجعياتها بالروابط الوطنية والقانونية وتعدد مصادرها الحزبية والدينية والرئاسية,وتضارب موضوعاتها وتناقض غاياتها.وما تحمله من ارباك للسلطة وارتباك مسؤوليها في التعامل معها.
 
- نظام يفتعل المشاكل بقصد أو بدون قصد ولكنه يفشل في تقديم الحلول لها بما يثبت جدارته    في تولي السلطة لإدارة الشأن العام ومعالجة قضايا الناس وحماية مصالحهم وصون حقوقهم
 
الأساسية والقانونية.هذه الأوضاع بعضها كاف لكي يصنع أزمة حادة في المجتمع كرد فعل  طبيعي وتلقائي للفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي ا,فكيف بها كلها مجتمعة على هذا النحو من السذاجة والسطحية وفقدان العلاقة التوازنية بين الحكام وبين المحكومين.والمجتمع   الذي يعاني من أزمة تتضح مسبباتها من الدلائل ,منفردة أو بعضها أو مجتمعة,التالية :-
 
1. وجود نظام حكم مأزوم للأسباب التي أوردناه في أعلاه,وما يؤدي إليه من خذلان لكل مواطن بقدرات الحاكم على إدارة الشأن العام بما يتوافق مع إرادة التغيير نحو مجتمع متحضر يسعى إلى الحداثة بقواه الذاتية.
 
2. فقدان السيطرة الأمنية,وتعثر جهود الحفاظ عليها وتركزها على حماية الحكام وأشخاص أحزابهم ومريديهم وحركاتهم وجماعتهم.أي الانتقال في السيطرة الأمنية من صيغة  الأمن الشامل إلى فعالية الأمن الانتقائي.
 
3. فقدان الثقة بين الحكام وأصحاب القرار بمختلف مستوياتهم وتعدد مواقعهم,وبين  المواطنين والاستخفاف بهوياتهم الأيدولوجية وانتماءاتهم الحزبية وعدم الاكتراث  بقرراتهم,بل رفضها بشكل علني وتحد سافرومواجهة دامية.
 
4. انشار الفوضى في العلاقات الاجتماعية والسياسية بين مختلف الأطراف,وتشجيع المتعصبين والمتشددين على ممارسة أعمال الترهيب والتخريب,وتغذية النوازع    الطائفية والإقليمية والإثنية,والضرب بعرض الحائط بكل القيم الاجتماعية,وتخطي المحظورات الأخلاقية دون حياء.
 
5. انفلات عقال الركائز الأساسية وتفكيك روابطها القائمة بين مؤسسات الدولة الحديثة,والتعدي على صلاحيات بعضها البعض وفرط العقد التنظيمي والدستوري الذي يحكم استقلال كل منها والتي تمثلها :المؤسسات القضائية ؛والمؤسسات التشريعية؛والمؤسسات التنفيذية. 
 
ولن تسعفنا مساحة مقال كهذا في البحث في الأسباب الجوهرية التي يوقع النظام الحاكم نفسه في  أسباب أزمتها.ولربما نخصص له مقالة خاصة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد