الإدارة الأميركية لا تفاوض أحدا ولا تحاوره - 2

mainThumb

07-04-2013 09:24 PM

ظل الأستاذ ثروت الخرباوي يبحث عن طبيعى الأسرار التي تبقيها الجماعة طي الكتمان ليس عن عامة الشعب بصفتها جماعة تسعى لإعادة (تشكيل المجتمع !) في كل مناحي منطلقات مكوناته  التراثية والتقليدية والأسرية والإيمانية وأساليبها وأدبياتها ,وهذا يفرض على هكذا جماعة أكبر قدر ممكن من الشفافية في طروحاتها وفي دعوتها وفي نظرياتها الممسكة بخيوط مثل هكذا تحول جذري في مجتمع خاضع لحكمها.كما يفترض هكذا نمط مفترض من التغيير,بغض النظرعن اتجاهه في مسارات العصرنة والتحضر الذي تلتف حوله الأمم والشعوب الأخرى,انكشافية الوسائل والأساليب ووضوح معالمها كي يفهم المحكومون بالجماعة تضاريس مجتمعهم الموعود ويستعدون لاستقباله. 

 

وقد نجح الخرباوي على تأكيد وجود تنظيم خاص بالجماعة مدرب ومهيئ للقيام بالأعمال الحربية وأعمال العنف بما فيها من ترهيب الأعداءمن غير المسلمين والمعادين المعترضين من أبناء الشعب بالاغتيالات وقنص الناشطين الذي يتصدون لسياسات الجماعة وبرامجها,ويكشفون ما خفي من  نواياها ويحرضون على التصدي لقواها العلنية منها والمستترة.وينقل مقولة المستشار مأمون   الهضيبي في حوار علني نحن ,يقصد الإخوان المسلمين,نتعبد لله بأعمال النظام الخاص قبل الثورة,يقصد ثورة 23 يوليو التي أعادت لمصر دورها المركزي في المنطقة واحيت المشاعر القومية الكامنة في ضمير أبناء الأمة العربية بعد معاناة من دسائس الاستعمارومن نتائج تقسيم البلاد العربية بعد عقود من المعاناة من قسوة الحكم العثماني وبؤس سياسات التجهيل المتعمد للعرب  والعربية قومية ولغة.

 

أما المستشار حسن الهضيبي,كما كتب الخرباوي,إنه قال له : ..نحن ,يقصد الإخوان المسلمين, نتحالف مع من يستطيع أن يقربنا من مراكز صنع القرار....هذا هو دستور الجماعة. وهو ما ثبت  عبر علاقات جماعات الإخوان المسلمين في أكثر من دولة عربية,منها السعودية أيام حكم الرئيس   عبد الناصر, وفي المغرب,وفي الأردن لحقبة طويلة من الزمن,والآن قطر بعهد استثنائها من  نشاطهم,وما تبين بعد ذلك من اتصالات أجرتها الجماعة مع الولايات المتحدة الأميركية التي مهدت الطريق لها لحكم مصر,وهو ما أكده كما أسلفنا في الجزء الأول من هذا المقال,الدكتور سعد الدين ابراهيم  الذي لعب دور الوسط بين الطرفين بناء على طلب خيرت الشاطر ومحمد مرسي في الفترة التي جمعتهم  في السجون المصرية.

 

أماط الخرباوي اللثام عن رسالة مرسلة إلى السيد خيرت الشاطر, العرض الذي قدمته الجماعة للأميركيين خلال لقاءات تمت مع مندوبين من كلا الطرفين وجاء فيها أن الجماعة أوضحت   للأصدقاء ,يقصد الأميركيين ما يلي :-

 

1. لن نغير,يقصد الجماعة,خريطة الشرق الوسط؛

2. نتعهد بالحفاظ على كل المعاهدات والاتفاقيات (أبدى الأصدقاء,يقصد الأميركيين,سعادتهم بتصريحات المرشد وقالوا عنهHe is respectable man.

3. أوضحت لهم على أن تقوم الإدارة الأميركية بدعم التحول الديمقراطي بالمنطقة وقد ظهر لهم من نتائج المرحلة الأولى أننا أصحاب الرصيد الجماهيري.

 

وتناولت الرسالة ما أسمته بالضغط الأميركي على ضرورةأن يشكل الإخوا حزبا سياسيا,وإنه سيتم في الجولة القادمة بحث هذه التعهدات .....

وينسجم السرد لما تطرق إليه الخرباوي من وقائع مع النمط الأميركي في علاقاته مع اطراف لا حيلة لها ولا تمثل قوة تستطيع أن تقف في وجه التهديد الأميركي,أو تأخذ موقع المفاوض,أو المحاور, وإنما تجلس على كرسي التلميذ البليدالفاشل لأخذ الدروس وتلقي التعليمات وسماع الطلبات التي عليه التقيد بها وتنفيذها (بأمانة ودقة وحرص شديدين),عداك عن الدول التي ؛تتلقى مساعدات مالية وعينية منها ؛والدول التي تعتمد في تسليح جيشها على المصادر الأميركية ؛ والدول التي يعتمد اقتصادها كي ينجو من الكساد ومن الضعف البنيويوومن حالات الركود على قروض البنك الدولي ومراجعات صندوق النقد الدولي للسياسات الاقتصادية وبرامجها للدولة المقترضة كي يقترح ما يسميه البنك  برامج الإصلاح الاقتصادي المعروفة نتائجها الاجتماعية والسياسية على الاستقرار وعلى التبعية الاقتصادية للدولة المقترضة.

 

فقد أراد السادات ,من عقدته الناصرية محاولا,دون جدوى تمثل الشخصية الكارزمية,أن يتخذ   قرارات ثورية,فطرد أصدقاءه الروس,وفتح الأبواب لحملة مفاتيح حل قضايا الشرق الوسط الأميركيين بشكل عام,وقضية فلسطين على وجه الخصوص, وجيش الفئات السياسية والحزبية والحركات المسيسة للدين ضد بعضها,واربك العلاقات وأخل بالاستقرارالاجتماعي, وقام بزيارةالكيان الصهيوني عارضا عليهم السلام ,فأجابوه بحقوق المحتلين في فلسطين,فأدخل مصر في براثن فقدان الهيبة و التبعية ورهن استقلال مصر السياسي الاقتصادي بحركات بهلوانية لم تنقذه من مصيرالقتل والاغتيال من الجماعات التي أراد بها مواجة قوى اليسار والقوى الناصرية والقوى الوطنية المصرية التي اتعظت بالدروس التاريخية  لحركة الشعوب نحو التحرر والسيادة.

 

الإدارة الأميركية ,تطلب,تفرض,تأمر,ولا تحتمل الرفض لأنه سيضع الرافضين أمام خيار الضغوط والحصار وإثارة الفتن والحروب الأهلية,وهذا ما فعلته وما ستفعله ضد أي حراك قومي أو حركة قومية في منطقتنا بالتحديد,لأن القومية تحررية بالضروة موحدة بطبيعتها لقوى التحرر والتقدم والتطور.

 

الإدارة الأميركية وضعت السلطة في متناول يد الجماعة في مصر, وأرادت منهاأن توحد القوى السياسية وتجمعها في أطر توافية,ولكن كما لأميركا أغرض أمركة النظم التي تصنعها,للجماعة غرض أخونة الدولة المصرية والذهاب إلى مرحلة الخلافة التي تترقبها تركيا التي تستعيد أطماعها تلك علانية وصراحة,وهذا أول عوارض اللوم الأميركي ليس لأن الأخونة لا ترضيهم بل لأن النهج في تطبيقها كان عجولا تنقصه الحكمة والحنكة وتعوزه الخبرة,ولأن الشعب المصري اليوم,ونتيجة سياسات السلطة المترددة والضعيفة,المعادية للقضاء والصحافة واليسار وغيره من الحركات المسيسة للدين في حالة انقسام لم تشهد له هذه الدولة العريقة بتاريخها وتراثها مثيلا,وقد فقدت ثقة الناس بها وتجاوزت مراحل التحول الديمقراطي تجاوزا تورطت من خلاله في الممارسة الشوفينية والرغبة الاستئثارية التي عفى الزمن عليها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد