الإدارة الأميركية لا تفاوض أحدا ولا تحاوره -1

mainThumb

04-04-2013 07:50 PM

لا جدال في إن الولايات المتحدة الأميركية قوة لا تضاهيها قوة في المجالات العسكرية والاقتصادية وقد نجحت في أن تسخر المؤسسات المالية الدولية ,البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وذلك في مساهمتها بالحصة الأكبر واكتساب حق المرجعية في كل قرارات تلك المؤسسات.وهي أيضا الممول الأكبر للمنظمة الدولية وكافة مؤسساتها التي تتوزع الأمم كلها نشاطاتها ومساعداتها ويظل الأمر في حجم تلك المساعدات وكميتها رهنا بالموافقة الأميركية ومباركتها.

توفر الولايات المتحدة الحماية العسكرية والأمنية لعدد كبير من الدول الأوروبية والآسيوية والأفريقية والغالبية العددية للدول العربية,أوبتعبير أدق للنظم العربية.وتتصدر الزعامة الأمنية,والمواجهة مع أي قوة من القوى المعادية أوالمعاندة والمتحررة من قيود القروض  وتبعاتها وأي دولة تتصدى أو تتحدى المصالح الأميركية أو تخرج عن الطاعة للرغبات الأميركية ورؤاها ومواقفها.

اليد الأميركية طويلة جدا تكاد تصل إلى كل بقعة من بقع الأرض بأقمارالمراقبة والتجسس وبالطائرات والغواصات والسفن وحاملات الطائرات,ولها قواعدها العسكرية ومراكز التجسس والاستخبارات والمراكز اللوجستية في العديد من المواقع في مختلف أصقاع الأرض, وهي الدولة الوحيدة في هذه المرحلة التي تستطيع إرسال قواتها العسكرية وتجهيزها وتعبئتها لتحارب خارج حدودها الجغرافية,ولم يحدث أن شهدت (باستثناء الضربة الجوية اليابانية في بيرل هاربرفي  الحرب العالمية الثانية) وإنْ لم تحقق انتصارات بالمعنى الحرفي للانتصار في كثير منها,مثل    فيتنام والعراق وافغانستان إلا إنها تملك قوة تدميرية تقليدية (أي عدا عن الأسلحة النووية  والجرثومية والكيميائية والبيولوجية..) كبيرة وتخريبية باهظة التكلفة.

تفوقت على الاتحاد السوفياتي (السابق) الذي لم يتمكن من مجاراتها في تطويرإمكانات القوة والسيطرة,وأخضعت أوروبا برمتها لإرادتها السياسية وقيادة جنرالاتها العسكرية,وتوفرالحماية  لعدد كبير من الأنظمة الحاكمة المطيعة والمتجاوبة مع الرغبات الأميركية والمنفذة لسياساتها والمتجاوبة مع إملاءاتها في قضايا كل دولة منها الداخلية والتبعية في المواقف الدولية التي تتبناها أميركا وتسوقها على إنها تمثلإرادة العالموتمثل موقف المجتمع الدولي الذي تختزله إرادة    أميركا وموقفها .

تواجه بحدة النهوض الروسي الجريئ والنهوض الصيني المتصاعد بثبات, وتحاول جاهدة إدارة الصراع مع أي قوة متحررة في أي نظام في العالم إما بطريقة مباشرة وإما عن طريق عملائها وتابعيها ومجنديها, وإما بالطريقين معا,كما يحدث حاليا في حرب التدمير السورية,وكما حدث في العراق,وكما ستواجه أي قوة قومية تحررية في الوطن العربي بالتحديد,وليس في أميركا اللاتينية على سبيل المثال!! وذلك كله من أجل حفظ أمن الكيان الصهيوني مصونا ومحميا,وتبديد مخاوف النظم العربية البترولية وهواجسها الأمنية.

لم تتلكأ أميركا بدعم الكيان الصهيوني لتدمير المفاعل النووي العراقي في مراحله الأولى ولكنها تبحث عن كل السبل الدبلوماسية التي تحمي بها الكيان الصهيوني من النووي الإيراني الذي يبدوإنه حقق مراحل متقدمة من التمكن من استخدام الطاقة النووي للأغراض السلمية عما كان عليه حال المفاعل العراقي الأصغر حجما بكثير, قبل الوصول إلى قدرة تصنيع القنبلة النووية الإيرانية.!!.

استهسال معاقبة المخالفين من العرب والمحرضين على التحرر وعلى الحفاظ على الكرامةالعربية, واحتلال الأراضي العربية لتغيير نظم حكمها, وتحريك القوى في الداخل المخلة بالأمن والاستقرارتمربيسر ودون حق الاعتراض لأن البعض من النظم العربية يتسابقون في تبني الموقف الأميركي وتقديم كل التسهيلات المالية والمعنوية والإعلامية واللوجستية له!!,وأخيراأخذت الجامعة العربية مسارا تبعيا غريبا في هذا الاتجاه!

تعرضنا فيما سبق إلى ما شمله تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأميركية الذي حمل الرقم 54  تحت عنوان دعما للديمقراطية العربية,لماذا وكيف وقد ترأست فريق العمل السيدة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية قديما وساهم في إعداده عدد من (الخبراء العرب).

تركزت توصيات التقريرعلى ضرورة مشاركة القوى والتيارات الإسلامية وخاصة جماعةالإخوان المسلمين في الحكم في البلاد العربية وكل الأحزاب الدينية وحركاتها شريطة التخلي عن شعارات الجهاد وإلقاء سلاحها والدخول في العملية الديمقراطية والمساهمة السياسية في مجتمعاتها وبالتحديد مصر وتونس والأردن ولبنان.وكان الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن صارح كل من الرئيسين بن علي ومبارك بذلك في لقائه بكل منهما على انفراد.

ويأتي تذكيرنا بهذا التقرير بعد لقاءات عديدة جمعت بين قيادات من جماعة الإخوان المسلمين المصريين وبين مسؤولين أميركيين لعدة سنوات خلت,توسط بين الطرفين الدكتور سعد الدين  ابراهيم بناء على طلب قياداتهم التي عاصرها في السجن.اعترفت القيادات الإخوانية بها مبررة ذلك بأن الجماعة تحاور وتفاوض ايا كان من القوى المحلية والدولية .ولا شك أن ذلك الأمروهو  أمرمشروع ومباح ومتاح للجميع,لكن دون أن يحدث ذلك في السر,ودون إخفاء نتائجه وأن لا تبقى موضوعات الحواروالتفاوض من الأسرارالتي تمس أمن الجماعة ومصالحها,فهي تتصرف بأن مصر إخوان وإن الإخوان مصر قبل حصولها على السلطة وهذا ما تؤكده تصرفات الجماعة بعد تمكنها من السلطة التي فاجأت الكثيرين بسلوكيات خارجة عن أطر النظام الحاكم بالشفافية  والعدل والديمقراطية ومتشبثة بأطرسلطة الجماعة الحاكمة أي أخونة الدولة, وبذلك تربط بين أمن الجماعة وحزبها وبين أمن الوطن المصري وأمن مواطنيه,مقدمة الأول على الثاني!!.

وفي الجزء الثاني من هذا المقال سنتعرض إلى ما كشف عنه المحامي ثروت الخرباوي الذي كان  من أعضاء التنظيم الإخواني في كتاب أصدره بعنوان أسرار المعبد الأسرارالخفية لجماعة الإخوان المسلمين عن الموضوعات التي تعهد بها مفاوضو الجماعة الذين التقوا المسؤولين الأميركيين,والتي تؤكد ما هو معلوم عن  السياسيين الأميركيين بأنهم لا يفاوضون ولايحاورون بل يطلبون ويفرضون ويعبرون عما يريدون لتأمين مصالحهم وتحقيق رغباتهم ويخيرون الطرف المقابل إما بالموافقة على ما يقولون ويطلبون بأي صيغة يحبون أو تركها عملا بالمقولة الشهيرة)في أدبيات السياسة الأميركية (Take it or Leave it) وتجميد الأوضاع  وإبقائها على حالها وهذا ما يتم عادة في اللقاءات والاجتماعات بين الساسة الأميركيين مع أي من الأطراف الأخرى تماهيا مع مبدأ سلطان القوة ولهذا تقوم تلك الأطراف بالتسترعلى ما تتمخض تللك اللقاءات عنه من اتفاقات أو تعهدات أو اتفاقيات أو الالتزامات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد