مجرد قرارات بلا قناعات - 2

mainThumb

01-04-2013 10:04 PM

شغلت الأزمة السورية وما تطورت إليه من عمليات التدمير الممنهج للقدرات السورية ولقواها العسكرية والشعبية, جدول أعمال القمة العربية المنعقدة في الدوحة (25-26) آذار من العام 2013 ولعل الدعوة لها لم تكن سوى محاولة وفاء قطرية لتعهداتها لوضع فئة الإخوان من فئات المعارضة السورية في موقع متقدم بتوهم تولي السلطة في سوريا بعد تحويلها إلى أنقاض,والاستعداد لإعادة البناء, فقد اتضح إن السلطة هدف متقدم على أي هدف دونه في أدبيات الإخوان المسلمين مساعيهم وتحركاتهم نحو أهدافهم. 

 

أطراف المعارضة السورية في الخارج وأفرادها وعناصرها في الخارج مشتتون إلى فئات كثيرة بانتماءات متناقضة فيما بينها ,تختلف في أهدافها وفي منطلقاتها الفكرية وفي مبررات معارضتها, ولكل منها ولاءاتها وارتباطاتها بقوى أجنبية تلتف في مجموعها حول المحور الأميركي – الغربي المعادي تاريخيا لكل المواقف الوطنية  والتحررية في المنطقة.وهي تختلف حول كل قضية تفرزها الظروف السورية والعربية والدولية,ولا تلتقي حول أي هدف سوى إسقاط النظام بأي ثمن وبأي  وسيلة والتمكن من السلطة ,فقد استمرأ الإخوان المسلمون الدورالأميركي المساند والداعم في تمهيد الطريق لهم في الوصول إلى حكم مصرالذي تعاني من نتائجه مصر وكل قواها الوطنية والثورية,وكانت تجربة تحذيرية لكل القوى الأخرى بأن الاستحواذ والاستبعاد والتهميش شعارات تنفذها الجماعة بحرفية عالية!

 

اجتمع القادة العرب بدعوة قطرية,بعد أن أذهل صمود الجيش العربي السوري القوى المتكاتفة على إعلان الحرب ضد سوريا,بمساندة 134 دولة في العالم بضغوط أميركية, دون جامع فكري يجمعها, أواتفاق مبادئي تلتقي عند حدوده الدنيا,أوتوافق سياسي على هدف أو موقف ,بل اختلافات جذرية في الوسائل والأهداف كل حسب ارتباطاته بقوى خارجية,وحسب أطماعه السلطوية , وحسب ولائه للغرب وللسلطان العثماني. وينطبق ذلك بالتحديد على قوى الخارج المعارضة,ومعظم رموزها يحملون جنسيات دول أجنبية بحكم إقامتهم الطويلة فيها وتمسكهم بتراثها ومصالحها.

 

تلتقي أطراف القوى في الخارج على دعوة أميركا والغرب للتدخل عسكريا لتدميرسوريا وفي إدامة دوامة حرب جندت لها الامبريالية قوى التجسس والخبراء العسكريين الذين أسرت القوات السورية العديد منهم من جنسيات أوروبية وتركية تستعين بأجهزة تخابر وترصد إسرائيلية,وامدتهم بالمال والسلاح والإعلام للإشراف على وإدارة المقاتلين المتخاصمين فيما بينهم المعادين لسوريا كي تكون الحالة الفوضوية المنشودة  في قمة عطائها المتمثل في تدمير كل القوى والتخلص من الجهاديين    ومن المتطرفين ومن المرتزقة في واقعة واحدة تعيد القطر العربي السوري إلى بلد منهك فقد مصادر قوته البشرية والمالية والعسكرية.وقد تفوق إعلام السعودية وقطر على إعلام النازي باختلاق الأكاذيب وفبركة القصص والروايات الخادعة وتشويه الحقائق التي تم كشفها بسهولة لعظم تهويلها ومهنية تزييف الصوروالوقائع عما يجري في سوريا من مذابح مروعة ارتكبتها جماعات مختلفة بحماية  أممية لم تختبر التجربة الأممية لها مثيلا. 

 

كان الهدف الوحيد الذي رأت قطرتحقيقه هو محاولة منح شرعية لقيادة إخوانية,بقرار جامعة فقدت الشرعية عندما أجازت التدخل الأجنبي العسكري في ليبيا ودعواتها وتوسلها المتكررلمثله في سوريا.فقد تفاجأت قطر وهي المتفاجئة دوما بما تؤدي إليه سياسات المال السياسي الفاسدة ,بأن المعارضات السورية الكثيرة والمختلفة الأهداف والوسائل حدت من أفق تأتير المال ومجاله على مواقفها.

 

ولم تنس القمة تذكرالقضية الفلسطينية التي ساهمت قطر نفسها بقسمة قواها بالقوة والقتل ومكنت    حماس من حكم غزة (للتفرغ لتحرير فلسطين من اليهود المحتلين أصدقاء قطر ومنسقي جهودها في المنطقة!!).وقد تفرع التذكير ذلك إلى مجالين:-

 

المجال الأول منهما ؛محاولة دعم المصالحة الفلسطينية بين حركة فتح وحركة حماس,لتضاف إلى محاولات عديدة سابقة فاشلة,لأن المصالحة وهم  وهي لن تتحقق ما دامت تخدم مصالح الإخوان المسلمين الساعين إلى حكم المنطقة,وحماس تابعة للإخوان المسلمين ومن دعاة إقامة الخلافة,والمصالحة تعني فقدان حماس السلطة المطلقة على غزة بعد تجزئة الأرض الفلسطينية قبل التحرير!! ومن أجله !!, وقد يتعرض قادتها في تلك الحالة إلى  محاسبة عما ارتكبوه من أعمال قتل لأعضاء حركة فتح وخروجهم على شرعية منظمة التحرير الفلسطينية.ويبقى الأمل في أن تتبع الضفة الغربية لحكم ممتد من قطاع غزة بقيادة حماس!!؟

 

وفي المجال الثاني؛ دعم جهود السلام في فلسطين,وهو قرار لم تعد له أي قيمة,أو أي رد فعل جدي   أو هزلي في أجندة الحركة الصهيونية- الأميركية ,ولن تتمكن الأنظمة العربية من تحريك مياه الاحتلال الراكدة حتى لو ألقت بها كل أموالها وكل جثث ضحايا تحالفها مع القوى الامبريالية.وهو قرار تجميلي كلازمة طالما فشلت فيها كل أطرافها من العرب.

 

وفيما لم تفاجئ قرارات القمة حول أوضاع العرب الهزيلة وأحوالهم المأساوية, أي متابع أو محلل     أو مراقب,فاجأ الدكتورالمهندس محمد مرسي, رئيس جمهورية مصر العربية الجميع بخطابه  المكتوب الذي خرج في متنه على الأعراف والأصول الدبلوماسية,والكياسة الرئاسية,ليس ليقرع الساعين إلى ربط مقدرات الأمة ومصيرها بالغرب وثنيهم عن ذلك,وليس لدعوة العرب على  التكاتف والتعاضد وإعادة مجد فقدوه ,كما كان يفعل الرئيس الراحل الزعيم جمال عبد الناصر,بل  ليهدد بحركة (إصبعه) كل من تسول له نفسه التدخل في الشؤون الداخلية المصرية,أو يضع إصبعه  في مصر!!,مدعيا أن مصر لاتتدخل في شؤون أحد,وهومبيح لنفسه أن يتدخل في الشأن السوري وفي الشأن الفلسطيني!! .وهكذا وبكل سذاجة يهدد رئيس مصر في قمة من المفترض إنها قمة تهدف إلى التآلف والتحالف,والتعاضد المتدخلين بالشأن المصري الداخلي ويحذرهم من العقاب, قاصدا على الغالب دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية.

 

لم تقف المهزلة القموية عند خروج السيد مرسي عن أدبيات اللقاء العربي لمناقشة الشأن العربي,في لقاء القمة العربية,وإنما ذهبت إلى تجاوز أتاحت فيه لمراقب التدخل في الشأن السوري بكل وقاحة الضيف المستصغر لقدر مضيفيه وقدرتهم,والتعبيرعن مطامع في عودة هيمنة العثمانية على كل أقطارها,وهو ضيف خبرته كخبرة مرسي استاذ جامعي ولكن في جامعات تركيا!!

 

إدامة الحرب من أجل تدمير سوريا الذي تتبناه بحماس أمراء قطر,والسعي الشكلي لإحياء جهود  السلام مع الصهيونية المحتلة,من منجزات قمة قطرفي قطر,فهل بقي لأي قمة لاحقة من قيمة أدبيةأو مبرر سياسي أوأسباب موجبة تعززموقفا إيجابيا واحدة  يخدم قضية عربية واحدة؟؟!!نرجو أن تكون نهاية القمم ما دمنا في مؤخرة ركب التحضر والتمدن بين الأمم, وما زالت قواعد الأجنبي تحمي استقلالنا!وتصوغ مستقبلنا,وتمنح للجبناء منا مراكز أمامية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد