الحال العربي المتمثل بالأوضاع الداخلية في كل قطرعربي على انفراد,وفي العلاقات العربية العربية الثنائية منها والجماعية,وفي مجمل علاقات الدول العربية مع المنظمات العربية والدولية لم يعد الحال العربي بكل مساوئه وبكامل أوضاعه وبجلاء صوره مثار دهشة أو محورتحليل يستجلب الانتباه لأسبابه وعوارضه وأعراضه,وأصبحت كل مشاغله ومشاكله في مقام أخير من اهتمامات المواطن العربي والمواطن من أي قومية أو طائفة أو ديانة,ولم تعد الأمة العربية كأمة وارثة لحضارة عريقة تمثل دورا رئيسا أو ثانويا في معترك الأمم الحضاري وتنافسها في أخذ موقعها الثابت في صراع التحضر وتحقيق الذات الذي يؤهلها لمعاصرة زمنها بكفاءة واقتدار.
لم تعد مؤتمرات القمة العربية,التي بادربالدعوة إليها لأول مرة الزعيم الراحل جمال عبد الناصرمنذ العام 1964,لمواجهة مخططات الصهيونية تحويل مجرى نهر الأردن.هو عبد الناصر الذي تبنى المواقف الوطنية و تمكن من وضع مصر في موقعها الطبيعي بوزنها القيادي الثقافي والوطني والتحرري فأيقظ الحمية النهضوية التحررية في الشارع العربي في كل أقطاره,وهذا المؤتمرالحالي تدعو له قطر التي تحترف استعمال المال السياسي في تمزيق الأمة العربية وتهديد الأمن القومي العربي وإثارة الفوضى والخراب.
افتقدت مؤتمرات القمة العربية بعد غياب الرئيس جمال عبد الناصرعن الساحة العربية, إثارة اهتمام أي أحد, حيث لاتحمل معها أي أمل في معالجة أي قضية من القضايا الخلافية بين الدول أو تساهم بجهود حميدة في حل خلاف ينشأ بينهما أو أن تكون تجمعا يسعى إلى تبديد مخاوف أو توحيد مواقف إزاء التهديدات التي تتعرض لها دولة عضو في ما كان يسمى (جامعة )عربية, وهي لقاءات لم تتصف قراراتها في الحقبتين الأخيرتين من الزمن بالسعي إلى تنسيق جهود التعاون والتكامل والتعاضد بين الأعضاء في مجالات التصنيع والتجارة والثقافة والعلوم والاقتصاد والأمن,بل كان العكس تماما هو ما حصل..
ولم يجد المواطن العربي مسعى حميدا قامت به (جامعة) لم تفهم واجباتها ولم تدرك دورها الأدبي الذي افتقد لأصول التعامل في القضايا الخلافية العربية,وقد شرعنت احتلال العراق الأميركي – البريطاني, و(تحرير) ليبيا بتدميرها بالقوى الامبريالية وتستجدي التدخل الأجنبي في سوريا.
يوافق المجتمعون في القمم على القرارات وكل منهم وكأنه غير معني بالالتزام بها أو بأي منها حسب مصالح كل دولة , يوقعون عن غير قناعة مرضاة لطرف أو رغبة في التخلص من ضغوط ,لعلم كل منهم بأنها قرارات ورقية ظرفية ليس لها قيمة عملية أو صيغة قانونية أو مسوغ تبنيها. فالعمل العربي المشترك محرم على هذه الدول بفقه الاستعمار وتابعيه وأعوانه وضغوطهم وتدخلهم السافر في شؤونهم الداخلية.
أصبحت تجمعات القمة العربية تعاني من فقدان قيمتها السياسية وتفتقد اهتمام الناس بها, وتعاني من غياب أواصرالأخوة والوشائج القومية والإنسانية لأن لكل دولة مواقف تتصف بالتربص والعداء والتآمرعلى بعضها البعض نتيجة ارتباطاتها كل حسب مصالح زعمائها وضمان أمن نظمهم المرتبط بالقوى الامبريالية ذات التاريخ المهين على جغرافيا العرب وعلى أحداث تاريخهم الحديث وعلى ثرواتهم. وهذه القوى التي يمثلها الغرب و أميركا وضعت المنطقة على خريطة مطامعها واستغلال ثرواتها ووأد حركات التحررالوطنية والقومية التي تمثل الخطرالحقيقي على مصالحها وعلى أطماعها وجشعها وتعيين النظم العربية في تلك الدول كحماة لهذه المصالح يؤدون واجبهم بكل أمانة ودقة وحماس.
تتألم أمهات العالم على أطفال سوريا وشبابها وأمهات النظم الحاكمة تمول القتال والمقاتلين بالمال والسلاح. تشكوأمهات المقاتلين لدوافع مالية من تجنيد أبنائها من غيرالسوريين من مختلف الجنسيات وتبكين على مصائرهم فيواسونها بالتذكير( بالضمير) الذي محى كل قيمه من ذاكرتهم, وقد مات الضمير منذ أول تفجير إرهابي ذهب ضحيته الآمنون,ومع أول طلقة قتلت سوريا مدنيا أو عسكريا.يبكون (ثورة الشعب السوري),يريدون (تحرير) سوريا بقوى لم نعد بحاجة إلى كشف نواياها وأحقادها.تدورالمذابح للأبرياء في قرى سوريا وأريافها في دولة مواجهة يديرالمقاتلون ظهرهم لها تحميهم ما داموا ينهكون القوة السورية ويحطمون بناها ,وتمدهم تركيا وبعض النظم العربية بالمال والسلاح ويصورون لهم الأمل بعودة الخلافة العثمانية العضو العامل في حلف الناتو والمتآخية مع الكيان الصهيوني.
تخشى قطرمن مصيرما صارت إليه الكويت عندما لم يتورع حكامها عن تصديهم للعراق في أحلك أوضاعه الاقتصادية سوءا؟ وهم يعلمون المطالبة التاريخية بالإمارة على إنها عراقية!!.
ونسأل لماذا هناك صراع حدودي خفي بين السعودية وكل إمارة ودولة من إمارات ودول الخليج العربي!؟؟.وهل ما يشاع أن على كل ملك من ملوك السعودية بتوصية الملك عبد العزيزأن يوسع حدود المملكة وهي شاسعة أصلا, ولو شبرا واحدا؟؟!.وهل هذا الشبر من التوسع يذهب باتجاه قطر ,حتى أصبحت قطرموقعا محميا عسكريا بالقواعد الأميركية.ولم تكتف قطر بحماية أميركية لا يتجرأ أحد على تحديها بل ربما أرادت أن تأخذ لنفسها موقع هجوم مضاد.ليس بقدراتها البشرية بل بالقدرة المالية البالية فأخذت تستعين بحركة الإخوان المسلمين وتدعمها بالمال والسلاح والإعلام في كل دولة عربية لتقوية موقعها على الخريطة الجغرافية الخليجية, والتصدي لمطامع السعودية المفترضة, شريطة أن تتعهد الجماعة بحل نفسها وتفكيك تنظيمها في قطر وأن لا تمارس أي نشاط داخل قطر أو ضدها في أي مكان من العالم,وقد صدعت الحركة لطلب القيادة القطرية والتزمت التعهد بالعمل خارج قطر لصالح الطرفين المتفقين في عدائهما للنظام السعودي من جهة ولكل القوى القومية منجهة أخرى, فكان السخاء القطري المرعوب من مصيرالكويت السابق بلا حدود.وأخذت قطر تتدخل في شؤون دول عربية وفي عمل الجامعة العربية وقراراتها المنافية لنظامها الداخلي ودورها أي قطرفي إذكاء الخلافات العربية,وقد وصلت بها الجرأة إلى تهديد بعض الدول بالفوضى معتمدة على حلفائها و متعهديها والمستفيدين من المال السياسي الآثم من بعض مواطنيها إن وجدتهم وفي منازعاتها وفي خلافاتها وهو ما استنكرته العديد من النظم العربية.
عندما يجتمع العرب في قمة لتجد قطر نهمها الشرير وتركيا شهوتها السلطانية البائدة بادعاء حق أجدادهم في الأرض السورية على مسامع بعض العرب وفي أحضانهم التي عفى عليها الزمن, ويعملون على تمزيق القوى السورية بخلفية إخوانية لم تتعظ مما أشعلته من فتنة في نهاية السبعينيات والنصف الأول من الثمانينيات في سوريا, يأملون أن يوصلها المال السياسي والدعم السخي الأميركي – الأوروربي - العربي – التركي للسلطة في سوريا لتكتمل حلقة إشعال الفتن الطائفية وتقسيم المجتمع والاطاحة بتعدديته التي هي مصدر قوته وعزته,وهذا ما تؤكده أمامنا كل من تجربتي تونس ومصرفي الحكم,ولكن تظل الغشاوة على عيون الطامعين والمرعوبين تخفي عنهم حقائق الواقع وتودي بهم إلى أنهيارات في مساراتهم التي سيقعون في بلائها.
كشفت قوى المعارضة السورية في الداخل وهم الأحق بالمعارضة وبدورهم في إدارة شأن بلادهم وبعض قوى المعارضة في الخارج مخططات تركيا – قطر لاستكمال الهلال السني مقابل الهلال الشيعي (تعبيري الملك عبدالله بن الحسين) كي تبدأ المنطقة في التحول إلى دول الطوائف اليهودية والشيعية والسنية والعلوية والمسيحية والدرزية ...... وتستقرأمورالقوى الامبريالية ويرتاح ساسته للتفرغ لمواجهة الصراع الآخذ في النشؤفي جنوب وجنوي شرق آسيا وفي الجوارالروسي وعلى الحدود المتاخمة لحدود العملاق الصينيي الذي تنموقواه وتتعاظم قدراته على تحريرمناطق الجوار من العدوان وأسبابه وتقليم أظافر القوى المتربصة بمستقبله.
شعوب تقودها قياداتها وقواها السياسية إلى قمم القوة والحرية والتحضر والعرب المعاصرون تقودهم قمم قادتهم وبعض قواهم السياسية إلى العبودية للمال وللأجنبي!!.